ذكرت صحيفة “الأنباء” الكويتية ان الأسباب المعلنة التي تعطل نصاب جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، هي إلتزام بعض الأطراف السياسية في التحالفات التي لا تسمح لها بالحضور الى مجلس النواب إلا إذا حضر حلفاؤها المعنيون بالإنتخاب.
وهذه المعادلة تنطبق تحديدا على “حزب الله” واغلبية اصدقائه من الكتل النيابية الأخرى، وهؤلاء اعلنوا تأييدهم للعماد ميشال عون كمرشح وحيد الى موقع الرئاسة، فإذا لم يحضر عون لن يحضروا هم. وعون لا يشارك في الجلسة إلا اذا ضمن الفوز.
الخطوة المتقدمة التي اعلن عنها الرئيس سعد الحريري في ترشيحه النائب سليمان فرنجية لموقع الرئاسة، كان متوقعا لها ان تحدث انقلابا شاملا في عملية الإنتخاب، لأن فرنجية حليف لـ”حزب الله” قبل العماد عون، وهو “إبن الخط” وفقا للغة التي يستهوي استخدامها حلفاء النظام السوري، أو من يطلق عليهم “قوى الممانعة”.
وبطبيعة الحال، كان متوقعا لهذه القوى (التي تشكل ما يزيد قليلا عن ثلث المجلس) ان تغتبط من هذا الترشيح، وتتراكض الى مجلس النواب للمساهمة في إنتخاب فرنجية، لكونه ضمانة “للخط” اكثر من اي ماروني آخر، وفقا لتقييم سياسي مخضرم له مكانة متقدمة بين “قوى 8 آذار”.
لم يحضر “حزب الله” ولا حلفاؤه الى مجلس النواب في الجلسة رقم 37 الأربعاء الماضي، وكذلك الامر، فإن العماد عون والنائب فرنجية وكتلتهما النيابية لم يحضروا ايضا، وكان المرشح الوحيد الذي حضر هو النائب هنري حلو الذي لا يصنف من صقور الموارنة، وليس عضوا في لقاء بكركي الذي حدد 4 مرشحين اقوياء، والتزم الاربعة بتهنئة من يصل منهم الى سدة الرئاسة. طبعا، كان ذلك قبل لقاء المصالحة بين عون وجعجع في 18/1/2016.
السياسي المخضرم الذي ينتمي الى قوى الممانعة، قال: ان عملية تعطيل إنتخاب رئيس جديد، لا ترتبط فقط بالتزام “حزب الله” مع العماد عون كحليف لا بديل عنه، ففي السياسة والتحالفات، دائما هناك بدائل وحلول.
وتابع السياسي ذاته قائلا: تيار المقاومة و”حزب الله” بدأوا بالعمل السياسي والعسكري قبل ان يبدأ العماد عون بالعمل السياسي، وهم سيستمرون بعده، ومن دونه، ولو كان الامر متعلقا بالاعتبارات الشخصية فقط، لكان حلفاء العماد عون قد اعتذروا منه عن عدم قدرتهم على إيصاله الى الرئاسة، او اقنعوه بمصلحة “الخط” بالسير مع النائب سليمان فرنجية . وهذه الفرضية سهلة جدا على من يتعاطى الشأن السياسي والوطني.
الشخصية السياسية المخضرمة ذاتها تقول: ان تأخير عملية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وراءه مجموعة من الإعتبارات السياسية الاستراتيجية، واهمها، ان الظروف التي تحيط بالتطورات السورية غير واضحة حتى الآن، كما ان مصير الرئاسة في لبنان مرتبطة بمصير الرئاسة السورية، ولا يمكن فك ترابط المسارين في حسابات قوى “الممانعة” وفقا لأجندة تريدها القوى الغربية، وبعض الدول العربية.
السبب الاهم في تأخير عملية الإنتخاب ـ برأي الشخصية الممانعة ذاتها ـ ان إنتخاب رئيس جديد، يعني تشكيل حكومة جديدة.
وتشكيل الحكومة الجديدة سيأخذ بعين الاعتبار موازين القوى في المجلس النيابي، لا سيما منها تأييد الأغلبية من النواب عودة سعد الحريري على رأس الحكومة الجديدة، وكذلك فإن عملية اختيار الوزراء لن تكون في صالح “قوى 8 آذار”، خصوصا ان كتلة التنمية والتحرير بزعامة الرئيس نبيه بري أصبحت اقرب الى الموقع الوسطي.
لكن الاهم من كل ذلك في رأي الشخصية الممانعة، هو استحالة الاتفاق على بيان وزاري جديد للحكومة العتيدة، لأن شعار “الشعب والجيش والمقاومة” مهدد فعليا بالغياب عن البيان الوزاري، ويستحيل اعادة إدراجه في البيان، بعد مواقف الجامعة العربية ودول الخليج الاخيرة. والمقاومة، وتحديدا “حزب الله”، لايستطيع ان يتنازل عن هذا الشعار اليوم اطلاقا لأنه سيؤكد هزيمته السياسية.
ذلك هو السبب الرئيس الخفي- غير المعلن- الذي يقف وراء تعطيل النصاب في جلسات الإنتخابات الرئاسية بهدف تأجيلها.