أكد وكيل وزارة المال العراقية السابق كمال البصري، أن الخيار الاستراتيجي للتنمية في العراق «يكمن في استحداث «بنك للبنى التحتية»، وسيلة فعالة للاستفادة من عائدات النفط وغيرها من مصادر التمويل، لتشييد البنى التحتية في مناطق العراق». واعتبر أن هذه الخطوة «ستخدم مصالح الأجيال الحالية والمستقبلية، وتساعد في حماية الاقتصاد العراقي من تقلبات أسعار النفط».
ورأى البصري وهو ناشط اقتصادي في حديث إلى «الحياة»، أن الإيرادات المالية من بيع النفط «تمثل غالباً مالاً سهل الكسب، لأن قيمة العمل المبذول لإنتاج برميل نفط واحد وتسويقه هي أقل كثيراً من القيمة المحققة من بيعه». وقال: «عندما يكون هذا المال بتصرف الحكومة التي لا تتمتع تعاملاتها المالية بالشفافية كما هي الحال في العراق، ويجد المسؤولون أنفسهم أمام مساحة واسعة للتصرف بالمال العام في شكل لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للأموال. ويأخذ الإنفاق الحكومي عادة أبعاد الكسب والانتفاع السياسي المتمثل بزيادة الأجور عن مستوى الإنتاجية والإقدام على نفقات دعم مثل أسعار المشتقات النفطية، فضلاً عن الإنفاق على التوسع بحجم قوات الأمن والجيش».
ولفت إلى أن «سوء إدارة الثروة النفطية شكل تعثراً في عملية التنمية الاقتصادية التي أدت إلى عدم توافر الموارد المالية بالمقدار الكافي لتمويل المشاريع الاقتصادية بين عامي 2006 و2014»، إذ أشار إلى أن العراق «حصل على أكثر من 500 بليون دولار من تصدير النفط، واستُخدمت إيراداته لتمويل الموازنة العامة الاتحادية السنوية وخُصص 30 في المئة من النفقات للمشاريع الاستثمارية. ومع ضآلة النسبة لم يُنفق منها سوى 60 في المئة». وأوضح أن هذه النسبة «المتدنية لا تفي بأهداف إعادة الإعمار، بل تطيل معاناة المواطن». وكشف أن «85 في المئة من السكان فقط يحصلون على مياه الشرب، فيما 32.2 في المئة منهم فقط يحظون بخدمات شبكات الصرف الصحي، ولا يستفيد المواطن من الشبكة العامة للكهرباء سوى 11 ساعة يومياً كمعدل، أما العجز في المدارس فيصل إلى 8846».
وأعلن البصري أن انخفاض أسعار النفط «أجبر الحكومة على تجميد المشاريع الاستثمارية في الموازنة الاتحادية لعامي 2015 و2016 لتوفير السيولة النقدية الضرورية لتغطية الإنفاق التشغيلي المنتفخ»، مشيراً إلى عزم الحكومة «الاقتراض بإصدار سندات بقيمة 5 بلايين دولار بفائدة مرتفعة تصل إلى نحو 10 في المئة». من هنا، ذكر أن حكومات كثيرة في العالم «تؤسس مصارف خاصة بالتنمية لتمويل مشاريعها، وتحدد الحكومة استراتيجيتها وتعيّن مجلس إدارتها، ويشارك فيها القطاع الخاص بأسهم بما بين واحد و49 في المئة من الإجمالي». وقال: «حققت هذه البنوك إنجازات متميزة، وحان الوقت كي يستفيد العراق من هذه التجارب».
وعن تمويل هذا المصرف، لفت البصري إلى «خيارات متنوعة» منها «تلقي مخصصات من الموازنة الاتحادية واستخدام المدخرات والودائع من المواطنين، والاقتراض من المؤسسات المالية المحلية والأجنبية واستخدام الإيرادات والممتلكات الخاصة بالبنك». وشدد على أن «الضمانات الحكومية هذه تمنح بنك التنمية المقترح فرصة الحصول على القروض من المؤسسات المالية الدولية بتكاليف منخفضة».
وفي حال موافقة الحكومة على اقتراح إنشاء مصرف التنمية، دعا إلى «التشاور مع البنك الدولي»، مشيراً إلى أن «قانون الموازنة الفيديرالية لعام 2006 أقرّ إنشاء ثلاثة مصارف للتنمية برأسمال أولي يبلغ 500 مليون دولار قابل للزيادة تدفعه وزارة المال على مدى ثلاث سنوات، وتمثل مساهمة الأقاليم والمحافظات في رأس المال. كما يكون تمويلها مستقبلاً من طريق إصدار السندات والقروض من الأسواق المحلية والدولية إلى جانب الاقتراض من خزائن الأقاليم والمحافظات».