جوزف فرح
القطاعات الانتاجية تعيش اسوأ ايامها، خصوصا قطاع الصناعة الذي تراجعت صادراته بنسبة 15 الى 18 في المئة وذلك لاسباب عديدة لعل اهمها اقفال الحدود البرية بين لبنان وسوريا والاردن باتجاه الخليج العربي والتي كانت تشكل 85 في المئة من المجموع العام للصادرات، والاستعاضة عنها بالنقل البحري الذي ادى الى ارتفاع تكاليف الانتاج اللبناني رغم الدعم الذي قدمته الحكومة، كما ان وجود النازحين السوريين في لبنان والذين يتجاوز عدد النازحين المليون ونصف المليون نازح سوري لم تستفد منه الصناعة وخصوصا الصناعة الغذائية باعتبار ان مشتريات هؤلاء تتم من خارج لبنان كما ان التوتر بين لبنان والخليج انعكس تراجعا في الصادرات اللبنانية في ظل تطبيق معايير دولية جديدة تفرض على الانتاج اللبناني المصدر.
واذا كانت الهيئات الاقتصادية قد اطلقت اكثر من «صرخة» لانقاذ القطاعات الانتاجية، لا بل الاقتصاد الوطني، فان صرخاتها ذهبت ادراج الرياح، وبقي التراجع سيد الموقف في ظل الركود الذي تعانيه هذه القطاعات وفي ظل بطء الدورة الاقتصادية، وفي ظل كثرة المشاكل التي تعترض عمل الحكومة، وبالتالي فانها عمدت الى وضع اولويات لم تكن القطاعات الانتاجية من ضمنها بل النفايات واستمرار التجاذبات السياسية والشغور الرئاسي.
ليس هذا فحسب، بل ان الصناعة التي تتعرض للخسائر والتراجع زادت همومها هما جديدا بوصول وفد ن منظمة التجارة الدولية سعى لانضمام لبنان الى هذه المنظمة… ولو على حساب القطاع الصناعي.
وفي احدث تقرير صادر عن مصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة عن الصادرات الصناعية عن الفصل الثالث من العام 2015 انها بلغت 2 مليار و249 مليون دولار اميركي مقابل 2 مليار و318 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2014 اي بانخفاض 8،5%..
نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانين جورج نصراوي ورئيس نقابة الصناعات الغذائية السابق تحدث عن اوضاع الصناعة فقال: الصناعة عامة تمر بازمة اليوم سببها الوضع الداخلي في ظل الشغور الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية مما يؤدي الى تعميم سياسة الفساد في كل ادارات الدولة، وهذا ما يؤدي الى زيادة الاكلاف من الصناعة والى عدم وجود قوانين تحمي الصناعة، مما يحتم علينا عدم الشكوى والطلب الدعم والمساعدة. مثلا في قطاع الصناعات الغذائية، من المعلوم ان هناك اتفاقات تجارية مع بعض الدول ومنها دولة مصر التي اصدرت اليوم قوانين جديدة بدأت بتطبيقها اعتباراً من اول اذار منعت من خلالها التصدير الى مصر الا بتسجيل مصنعك في مصر، وصعوبة تأمين المستندات المطلوبة، اضافة الى وضع الرسوم الجمركية على الانتاج اللبناني بعد ان كان معفياً، دون ان نتمكن من الاعتراض بسبب الاوضاع السياسية المعروفة.
لو كانت الاوضاع السياسية مؤمنة لكانت الحكومة قد ارسلت وفداً وزارياً لمعالجة الموضوع، ولكن في ظل هذه الاحوال وكثرة المشاكل الموجودة كل ذلك ينعكس على القطاع الصناعي، هذا مثل معين مع دولة واحدة. وحول انتساب لبنان الى منظمة التجارة الدولية يقول نصراوي : كله طق حنك اذا لم يكن هناك اتفاق حول مستقبل لبنان واقتصاده وصناعته، فاننا الى تراجع دون ان نتقدم. وما نقوم به اليوم هو مبادرة فردية انشأت مصنعي منذ 42 سنة واقوم بالتصدير بنسبة 85 في المئة من انتاجي الذي يتمحور حول الطعام اللبناني والشرق اوسطي. وعملي مستمر في شبكة العلاقات التي قمت بها. اضافة الى ذلك فان كلفة انتاجنا في لبنان مرتفعة كثيراً في الوقت الذي نشهد اليوم منافسة من مصانع اجنبية، مثلا مصانع سورية تنتج انتاجاً ممثلاً لانتاجنا وهي موجودة اليوم في لبنان بسبب الكلفة الاقل من كلفتنا والدعم الذي تلقته.
ثم ان المواصفات العالمية التي تتعلق بالانتاج الصناعي تتعرض للتعديل كثيراً خصوصا في انتاج الصناعات الغذائية.
ثم ان لبنان يضم اليوم اكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري جزء منهم يأتيه مساعدات غذائية ليست من الانتاج اللبناني، وقد تحركت باتجاه المسؤولين لمعالجة هذا الموضوع كي يتم شراء الانتاج اللبناني بينما تركيا والاردن يطالبان بأموال بسبب وجود هؤلاء الذين يستهلكون البنية التحتية في الارض التي نزحوا اليها، كما ان المشتريات لهم تكون من الانتاج التركي او الاردني.
وعن تداعيات اقفال الحدود البرية والاستعاضة عنها بالنقل البحري يقول نصراوي: من المعروف ان الخطوط البحرية مفتوحة امام الانتاج اللبناني، انما الاكلاف زادت، اذ ان الشاحنة التي كنت ترسلها الى العراق كانت تكلف بحدود 1500 ـ 2000 دولار، اما اليوم فكلفتها بحراً 8000 دولار اميركي. لهذا فان الصناعة لم تعد تتمكن من المنافسة نظرا لكلفتها العالية، وهذا ما ادى الى فقداننا اسواقاً. سوريا كانت اكبر مستهلك لنا خسرناها، السعودية من اكثر الدول التي نصدر لها ولكن الخلافات السياسية انعسكت سلباً على صادراتنا الى السعودية التي باتت تشدد اكثر من رقابتها على انتاجنا. والدعم كان للانتاج الزراعي اكثر منه للانتاج الصناعي، لان الانتاج الزراعي لا يحتمل الانتظار، وليس كل الصناعيين يستفيدون من هذا الدعم لان المعاملات الواجب تقديمها بحاجة الى وقت والدعم الذي تتلقاه لا يستأهل العمل الذي تقوم به.
اللوبي الصناعي
وحول الدور الذي يقوم به «اللوبي الصناعي» الذي أنشأته جمعية الصناعيين قال: انا عضو في هذه اللجنة التي تحركت باتجاه كل رؤساء الكتل السياسية التي عينت لنا نائباً او اثنين للتواصل في ما بيننا ودراسة امكانية تشريع القوانين التي تصب في مصلحة القطاع الصناعي. عقدنا لقاءين مع هؤلاء النواب فلمسنا تجاوباً ونحضر للقاء ثالث، لاننا لا يمكننا ان نقف ساكتين متفرجين لذلك كانت هذه اللقاءات التي تصب في مصلحة القطاع الصناعي.
وعن وضع قطاع الصناعات الغذائىة قال: اذا كنت تريد ان تصرف انتاجك، مفروض ان تشارك في المعارض الدولية التي تقام وهذا ما فعلناه، عندما تسلمت نقابة الصناعات الغذائية انشأت فيها دائرة المعارض من اجل زيادة صادراتنا وزيادة حجم انتاجنا، وقد نجحنا في ذلك وعدد كبير من الصناعيين يشارك في هذه المعارض بعد ان عرفنا على المطبخ اللبناني. ونحن اليوم نصدر الى اغلبية دول العالم من اميركا الى كندا الى اميركا اللاتينية الى اوروبا وافريقيا والخليج واوستراليا ونيوزيلندا ونتجه اليوم الى آسيا.
الصرخة موجودة لان المواصفات التي تفرضها علينا الدول لا نستطيع تأمينها في ظل هذه الاوضاع، لذلك نقوم بمبادرات فردية في هذا الاتجاه ولا بد لنا من القول ان جمعية الصناعيين هي حاضنة جميع القطاعات الصناعية وهي المرجعية الام في هذا الاطار وتعالج المشاكل التي نعانيها.
وعن وجود الوزير حسين الحاج حسن على رأس وزارة الصناعة يقول: اهنىء وزارة الصناعة وانفسنا بوزير الصناعة الحالي الذي يعمل ويكون دائماً المدافع الاول عن القطاع الصناعي، انما اليد الواحدة بمفردها لا تصفق. لقد اطلعته على التدابير التي اتخذتها مصر في وجه الانتاج الصناعي اللبناني فاتخذ قراراً سريعاً بالمعاملة بالمثل.
الوزير الحاج حسن يعمل ولكن يجب ان تتعاون الحكومة كلها لمعالجة هذا الموضوع عبر ارسال وفد وزاري لحل هذا الموضوع. وهذه المبادرة لم تتم.
تتبوأ صادرات الصناعات الغذائية المراتب الاولى في ظل المنافسة مع قطاع المجوهرات وقطاع المولدات الكهربائية. المجوهرات ليست صناعة بل يتم ادخالها في الصناعة وهي تذهب كسر ذهب يتم تجميعه وتسفيره، ولان قيمته عالية يكون حجمه كبيراً. قطاع المولدات اصبح اليوم انتاجاً جيداً في لبنان. اما بالنسبة للصناعات الغذائية فارتباطنا مع القطاع الزراعي، فاذا تطور انتاجنا وصادراتنا يكون القطاع الزراعي يتطور ويتحسن وتزيد فرص العمل. هناك دراسات لوزارة الزراعة و«الفاو» ما تزال نائمة في الادراج هناك زراعات بديلة لزراعة المخدرات في البقاع قدمناها لزراعتها في لبنان مثل الحمص، الكيوي، الكستنا، والكثير من المنتوجات التي يمكن ان تحقق انتاجاً جيداً لكن المطلوب الدعم ومساعدة هذا القطاع.