قال خبراء ومصرفيون ان البنوك القطرية كانت من أكبر المشترين للأصول المالية في السوق التركية مؤخراً، وباتت مرشحة لتحل مكان المصارف الأوروبية بهذا الخصوص في ظل زيادة حركة الاستحواذات الأخيرة.
وتوقع الخبراء في تصريحات خاصة، ان تتجه بنوك قطر نحو تنفيذ مزيد من عمليات الاستحواذ الجديدة في السوق المصرفية التركية خلال الفترة المقبلة، في إطار خططها التوسعية في الأسواق الخارجية لتعزيز فرص النمو وتحقيق مزيد من التنوع الاستثماري.
وشهدت الأعوام القليلة الماضية اتجاه عدد من المصارف القطرية نحو الاستثمار في الخارج، سواء من خلال إنشاء فروع لها في عدد من المدن والعواصم العالمية، أو عن طريق الدخول في شراكات مع بنوك أخرى لإنشاء وحدات مصرفية مشتركة.
وأعلن بنك قطر الوطني (أكبر بنك في قطر وتمتلك الحكومة فيه حصة غالبة)، في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن توصله إلى اتفاق نهائي للاستحواذ على حصة «بنك اليونان الوطني» والبالغة 99.81 في المئة في «فاينانس بنك» التركي مقابل 2.94 مليار دولار. ومن المتوقع استكمال الصفقة خلال النصف الأول من 2016.
كما تبحث وحدة «المستثمر الأول» للأنشطة المصرفية الاستثمارية لبنك «بروة» القطري (المملوك بنسبة 53 في المئة للحكومة القطرية) استثمارات في تركيا بقطاعات العقار والرعاية الصحية والتعليم والأغذية والمشروبات، بحسب تصريحات أدلى بها يوسف العبيدان الرئيس التنفيذي بالوكالة للوحدة مطلع مارس/آذار الحالي.
وبحسب بيانات أعدها هذا المراسل، يمتلك البنك التجاري القطري (مجموعة مصرفية تعد ثاني أكبر بنك في قطر من حيث الأصول) حصة قدرها 75 في المئة من «ألترناتيف بنك» التركي الذي يقدم الخدمات المصرفية للشركات المتوسطة من خلال شبكة تتألف من 64 فرعاً منتشراً في 21 مدينة في كل أنحاء تركيا، منذ عام 2013.
وأفادت مصادر من داخل إدارة «شكر بنك» التركي، مطلع العام الحالي، أن محادثات تجري بين أحد البنوك القطرية والبنك الكازاخستاني الذي تربطه شراكة بمصرف «شكر بنك» التركي، وذلك من أجل بيع حصصه إلى البنك القطري.
وفي أحدث مثال على قيام البنوك القطرية بعمليات استحواذ جديدة في السوق التركية، أعلن بنك الاستثمار «كيو إنفست» (مقره الدوحة ويمتلك مصرف قطر الإسلامي 50 في المئة من أسهمه) أواخر الأسبوع الماضي عن استحواذه على كامل أسهم «إرغو بورتفوي»، إحدى أضخم شركات إدارة الأصول الإسلامية وأسرعها نمواً في تركيا.
ويمتلك «كيو إنفست» القطري مكتباً تمثيلياً في تركيا منذ عام 2011، ويركز بشكل أساس على صفقات التمويل الخارجية. وشارك كمدير رئيس ومتعهد اكتتاب في العديد من الصفقات الضخمة، مثل إصدار صكوك سيادية تركية بقيمة 1.25 مليار دولار أمريكي، وصكوك «تركي فاينانس» بــ500 مليون دولار، وصكوك «بنك البركة» التركي بـ350 مليون دولار.
وقال تميم الكواري، الرئيس التنفيذي لمجموعة «كيو إنفست» ان المجموعة «نجحت في ترسيخ حضورها في هذه السوق (التركية) المتنامية، لا سيما وأن الاستحواذ على أرغو بورتفوي سيرسخ التزامها في هذا الاتجاه».
وأضاف في بيان «توفر تركيا فرصاً استثمارية جذابة.. وسوف تتيح صفقة الاستحواذ لنا أيضاً دفع عجلة نمو الأعمال بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي والأسواق العالمية.»
وقال طه عبدالغني، المدير العام لشركة «نماء للاستشارات المالية» إن هناك سببين وراء توسع البنوك القطرية في تركيا «أحدهما سياسي، وهو العلاقات الجيدة بين البلدين، وبناءاً عليه قامت قطر بضخ استثمارات واسعة ومن مصلحتها توفر أذراع مالية لخدمة تلك الاستثمارات في المرحلة الراهنة».
وقال سفير قطر في أنقرة، سالم مبارك الشافي، في حوار قبل يومين، ان حجم التجارة بين البلدين يبلغ 1.3 مليار دولار، معرباً عن رغبة بلاده في مضاعفته خلال عامين.
وحسبما تشير آخر التقارير، تتواجد في قطر نحو 60 شركة تركية، نفذت 35 منها مشاريع بقيمة تجاوزت 35 مليار دولار، إضافة إلى استثمارات في مجالات مختلفة.
وتطمح الشركات التركية، ولا سيما شركات المقاولات، بالحصول على حصة من حزمة المشروعات التي تنوي قطر تنفيذها تمهيدا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
وتابع عبدالغني في اتصال هاتفي من الدوحة «السبب الثاني اقتصادي، ويتمثل في قيام البنوك المحلية بالبحث عن فرص استثمارية مجدية خارج السوق المصرفية القطرية والذي وصل لدرجة من التشبع مما يجعل من التوسع فرصة لتحقيق مزيد من التنوع الاستثماري».
وتوقع المدير العام لشركة «نماء للاستشارات المالية» اتجاه البنوك القطرية إلى تنفيذ مزيد من عمليات الاستحواذ الجديدة في السوق المصرفية التركية، خلال الفترة المقبلة في إطار خططها التوسعية في الأسواق الخارجية.
وقال محمد العون، الخبير المالي والمصرفي «تركيا سوق جاذبة توفر الفرص الاستثمارية التي تناسب تطلعات المصارف القطرية الراغبة في بناء فرص للنمو طويلة المدى». وأضاف «تحقق السوق التركية معدلات نمو جيدة ونجحت في جذب رؤوس الأموال إليها، مما ساعد البنك المركزي في تحقيق بعض الاستقرار والقيام بإصلاحات هيكلية، فضلاً عن أن قطاعها المصرفي يتسم بالمتانة إذا ما قارناه بدول أخرى مجاورة».