Site icon IMLebanon

بعد تدمر… دير الزور الخيار الصعب!

tadmor

 

كتبت صحيفة “العربي الجديد”:

تصدّر خبر سيطرة قوات النظام السوري، مدعومة بالطيران الحربي الروسي ووحداتها الخاصة، على مدينة تدمر، وسط سورية، والتي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، منذ أيار 2015، اهتمام وسائل الإعلام المختلفة، في حين ركز النظام عبر مسؤوليه ووسائل إعلامه على رسالة واحدة، هي أن “الجيش العربي السوري هو القوة الرئيسية الفاعلة لمواجهة التنظيمات الإرهابية التكفيرية بجميع مسمياتها”، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه “ماذا بعد تدمر”؟ الاستثمار السياسي للانتصار الاعلامي في تدمر، من قبل النظام السوري، لم يعد عبارة عن تخمينات، إذ أعلن مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة، رئيس الوفد المفاوض للنظام في جنيف، بشار الجعفري، الاثنين في 28 الحالي رسمياً، أنّ “دمشق مستعدة للتعاون مع واشنطن في تحالف دولي ضد الإرهاب”.

في هذا الإطار، يكشف مصدر عسكري في قوات النظام، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “السيطرة على تدمر، تأتي ضمن خطة استراتيجية لفك الحصار عن مناطق النظام داخل مدينة دير الزور”، لافتاً إلى أن “العمليات العسكرية ستتوالى خلال الأسابيع المقبلة لإنجاز هذه المهمة، ومن ثم يمكن التوجه إلى الرقة لتحريرها من يد التنظيم”.

ويقتضي التقدم باتجاه مدينة دير الزور عمليات عسكرية ضخمة جداً، تُمكّن النظام من السيطرة على عشرات آلاف الكيلومترات من البادية السورية، التي ما يزال التنظيم يمتلك القدرة على الحركة فيها، عبر طرق صحراوية خاصة، فضلاً عن السيطرة على العديد من تحصينات التنظيم المنتشرة في هذه المسافات الشاسعة.

في هذا السياق، يرى عضو “تنسيقية تدمر” المعارضة ناصر الثائر، في حديث لـ”العربي الجديد”، بأنه “صحيح أن النظام سيطر على مدينة تدمر، لكن هذا كلفه نحو 40 يوماً من العمليات العسكرية، وأكثر من 1500 غارة جوية، وآلاف القذائف الصاروخية والمدفعية، والأهم مئات القتلى، في وقت يعاني فيه من نقص شديد في المقاتلين، ما يضطره لاعتقال الشباب وزجهم في جبهات القتال”.

ويعتبر أنّه “قد تستطيع قوات النظام الوصول إلى معبر التنف على الحدود العراقية السورية، والمحطة الثالثة، وهي محطة تجميع وضخ نفطي، كما أنه قد يصل إلى حقل الهيل ومدينة السخنة (70 كيلومتراً شرق تدمر)، شرط استمرار الدعم الجوي الكبير، وتأمين المقاتلين، لكون التنظيم سيقوم باستنزاف قوات النظام بشكل كبير خلال مثل هذا التقدم، ولن يكون قادرًا على تحمّل وتيرة خسائره التي تكبدها في تدمر”.

كما يقلّل الثائر “من احتمال إحكام النظام سيطرته على البادية مترامية الأطراف من محافظتي السويداء وريف دمشق جنوباً، إلى الحدود الأردنية العراقية، وأطراف محافظة دير الزور شرقاً”، معرباً عن اعتقاده بأنّ “النظام قد يكتفي بالتحصن في بعض المناطق الاستراتيجية كحقول الغاز والفوسفات والمعبر الدولي، والمحطة الثالثة وحقل الهيل والشاعر، على أن يواصل “داعش” مهاجمتهم إن لم يعد فرض سيطرته عليها مرة ثانية. بالتالي فإنّ استمرار تأمين الغطاء الجوي بشكل دائم قد يكون أمرا غير متاح”.

ويرى متابعون أنّ “هذا التقدم إن حصل، فسيكون تحت الضغط الدولي كما حصل في تدمر، لأن النظام، وبدعمٍ من حلفائه الروس والإيرانيين، يسعى إلى تقديم نفسه بوصفه القوة الوحيدة القادرة على محاربة الإرهاب، عله يستطيع عقد صفقة مع مجموعة دعم سوريا الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تضمن استمراره في الحكم”.

من جهته، ينوّه المتحدث باسم “مركز حمص الإعلامي” محمد السباعي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “القوات النظامية كثفت عملياتها العسكرية خلال الساعات الماضية، للسيطرة على مدينة القريتين في ريف حمص الشرقي، الخاضعة لسيطرة التنظيم، والتي تبعد عن تدمر نحو 160 كيلومتراً”.

ويلفت إلى أن “للقريتين أهمية خاصة للتنظيم، لأنّها كانت نقطة عبور وارتكاز لعناصره باتجاه القلمون الشرقي بريف دمشق إلى الحدود اللبنانية، ما دفع الكثير من المتابعين في أوقات مضت للحديث عن عزم داعش التوسع في ريف دمشق وصولاً إلى القنيطرة ودرعا جنوباً”. وتدور اشتباكات عنيفة على تلة المنطار القريبة من التلال السود وسط قصف عنيف من الطيران الحربي على أطراف مدينة القريتين، علماً أن القوات النظامية سيطرت قبل أيام على التلال المحيطة بالمدينة.

في سياق متصل، أعلنت وكالة “أعماق” للأنباء، التابعة لـ”داعش”، أن “مسلّحي التنظيم قتلوا 23 من عناصر النظام، واستولوا على كمية من الأسلحة والذخائر، إثر اقتحامهم لحاجز لقوات النظام في كتيبة دبابات مهجورة على مسافة 10 كيلومترات شمال غربي مطار التيفور، في ريف حمص الشرقي، قبل أن ينسحبوا منها بعد ساعات عدة”.

كما يشير ناشطون معارضون لـ”العربي الجديد”، إلى أن “هناك معلومات تفيد بأن التنظيم يحشد مقاتليه لشن هجوم جديد على مدينة تدمر، في وقت بدأ بمهاجمة مناطق النظام التي يحاصرها في مدينة دير الزور والمطار العسكري، في محاولة منه للقضاء على مخططات النظام بالوصول إلى مناطقه وحرمان النظام من استخدام المطار العسكري، الذي قد يؤدي دورًا مهمًا في فتح الطريق أمام قوات النظام بين دير الزور وتدمر”، وربما بين دير الزور والبوكمال، أي الحدود العراقية، لحاجة النظام إلى استعادة السيطرة على مناطق ومعابر حدودية خسرها كلها تقريباً، باستثناء تلك التي تربطه مع لبنان.

ويلفتون إلى أن “قوات النظام جلبت خلال الأسابيع الأخيرة مئات الجنود، كما كثّفت حملات اعتقال الشباب في الأحياء التي تسيطر عليها في الدير، وإجبارهم على الالتحاق بصفوفها”. كما يشيرون إلى أن “داعش سيكثف خلال الفترة المقبلة من عملياته الخاطفة، لاستنزاف قوات النظام، كما قد يعمل على السيطرة على مناطق النظام في الدير، رغم فشله مرات عدة بذلك، بسبب تحصينها بشكل كبير من قبل النظام، إضافة إلى تحريك جبهات أخرى يتواجد بها التنظيم أو مجموعات تواليه”.

إشارة إلى أنّ بعض وسائل الإعلام المقربة من النظام، نقلت عن مصادر عسكرية لم تسمّها، أن “الهدف عقب السيطرة على تدمر هو الوصول إلى المناطق الشرقية في سوريا، من دير الزور إلى الرقة، ودفع مقاتلي “داعش” باتجاه الأراضي العراقية، حيث سيقوم الجيش العراقي والحشد الشعبي بحصارهم في الصحراء على الحدود العراقية السعودية”، ما يرجح توجه قوات النظام باتجاه دير الزور.