IMLebanon

«أسهم لحامله» عالية المخاطر بالنسبة للتبييض

Lebanon-Economy
رنا سعرتي
يتناقض تعامل المصارف اللبنانية مع شركات لديها أسهم لحامله، مع مبدأ «إعرف عميلك» التي تتشدّد في تطبيقه. لذلك أمهلها مصرف لبنان عامين لوقف التعامل مع هذا النوع من الشركات، بعدما رفض مجلس النواب إقرار تعديل قانون الاجراءات الضريبية والذي يلغي هذا النوع من الاسهم.
أقرّ مجلس النواب اللبناني في تشرين الثاني 2015 قوانين مالية تتصل بالتزامات لبنان تجاه المؤسسات الدولية أهمّها ما يتعلق بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة تبييض الاموال وتجفيف منابع الإرهاب، إلا ان المجلس رفض إقرار البند الوارد من الحكومة بالمرسوم 12059 والذي يتعلق بتعديل البند 1 من المادة 23 والمادة 29 والمادة 32 والبند 1 من المادة 107 من قانون الإجراءات الضريبية. وأُسقط بالتالي هذا المشروع رغم انه أتى ضمن سلة القوانين المالية المطلوبة دولياً لتعزيز الشفافية ومكافحة التهرّب الضريبي.
هذا التعديل يلغي ما يسمّى بـ»الأسهم لحامله» وهي نوع من الأسهم في الشركات والمؤسسات تُخفي هوية مالكها خلافاً للأسهم الاسمية التي تعلن عن هوية المالك.

لا يتطلب تخمين أسباب عدم إقرار هذا التعديل، ذكاءاً مفرطاً أو تحليلاً معمّقاً، لان معظم رجالات السياسة في لبنان وأصحاب الاعمال المشبوهة، يتلطّون وراء هذا النوع من الاسهم لإخفاء حصصهم في الشركات.

وبما ان هذا التعديل هو مطلب دولي، ارتأى مصرف لبنان الالتزام بالمتطلبات الدولية على طريقته، فأصدر تعميماً في شهر شباط الماضي، يحظّر على المصارف والصرافين بعد سنتين من تاريخه، بالتعامل مع شركات أو صناديق استثمار لها «أسهم لحامله»، وذلك لمزيد من الشفافية وللتماشي مع ما هو مطلوب عالمياً.

حول تدابير مصرف لبنان المتعلّقة بـ»الأسهم لحامله»، أوضح المحاضر في القانون الدكتور بول مرقص لـ»الجمهورية» إن الأسهم لحامله au porteur/to the holder هي أسهم في شركة لا يظهر اسم صاحبها في السجل التجاري أو حتى في سجل الشركة وتنتقل ملكيتها بمجرّد التسليم.

ولذلك تخشى المصارف من التعامل مع الشركات التي تملك هذا النوع من الأسهم لأنها لا تعرف بالكامل وبالضرورة من يملك هذه الشركات، مما يخالف مبدأ «إعرف عميلك» Know Your Customer (KYC) الأمر الذي يجعل هذه الشركات مصنّفة «عالية المخاطر» (High Risk customers) وفق معايير وتوصيات مجموعة العمل الدولية لمكافحة تبييض الأموال GAFI/FATF والممارسات الدولية المصرفية الفضلى Best Practices.

عن سبب صدور تدابير مصرف لبنان المتشدّدة بحقَ الشركات التي تصدر الأسهم لحامله، قال مرقـص أنه «صدر عن مصرف لبنان بتاريخ 29 شباط المنصرم القرار الوسيط الرقم 12194 بالتعميم الوسيط الرقم 411 الموجّه إلى المصارف والمؤسسات المالية وشركات الصرافة والايجار التمويلي، الذي يحظّر التعامل مع الشركات التي تصدر أسهماً لحامله ويعطي المصارف والمؤسسات المالية المخالفة مهلة سنتين لتسوية أوضاعها». واعتبر «أن الشركات المصدرة للأسهم لحامله ستبادر إلى تعديل أنظمتها لتوحيد الأسهم كي تصبح جميعها إسمية وتالياً معروفة المالكين».

ولفت مرقص الى ان «العديد من المصارف يتحاشى أساساً التعامل مع الشركات التي تصدر أسهماً لحامله وذلك لدواعي مكافحة تبييض الأموال لأنها بطبيعتها عالية المخاطر حتى قبل صدور تعميم مصرف لبنان المذكور، إلا أن صدور هذا التعميم سينهي تماماً هذا النوع من التعامل وسيؤدي تالياً إلى المفاعيل عينها التي كان التشريع سيأتي بها».

يبقى، حسب المرجع القانوني، أن أصحاب الأسهم الإسمية أنفسهم يمكن أن يتجاوزوا هذه التدابير بأن يتفرّغوا عن أسهمهم إلى الغير ممّن لا يعرف المصرف هويتهم دون تسجيل التفرّغ في السجل التجاري، خصوصاً في الشركات المساهمة (s.a.l) التي تقبل بطبيعتها بالتفرّغ الحرّ عن الأسهم بموجب عقود عادية غير مسجلة بالضرورة sous seing prive».