كتب رأفت ابو دقة في صحيفة “السفير”:
من «دفن» المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية اللبنانية، إلى التحذير من «اغتيال»… بالتأكيد هذه الصور و «الإشارات» ليست وليدة جلسة صباحية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ويبدو، من خلال فحواها، أنّ جنبلاط يخصص جزءاً من وقته كي يحصل عليها.
في الشكل، هي رسمات كاريكاتورية وصور لمنحوتات أثرية. أما في المضمون، فغالباً ما ترتبط هذه الصور برسائل جنبلاط، لكن، بطريقة غريبة جداً، و«مخيفة» أحياناً.
كتب جنبلاط، في 16 شباط، بالإنكليزية «من الضروري تذكير مَن نسي بأن هناك ثلاثة مرشحين للرئاسة».
وأرفق صورة لثلاث خوذات ذهبية وبرونزية تعود إلى القرون الوسطى، خوذات جديدة لا يظهر عليها أي أثر للاستعمال. والخوذات الذهبية الجديدة التي يعثر عليها علماء الآثار تفيد بأنّها صُنعت لغرض واحد: غرض الدفن.
وفي نهاية شباط، كتب جنبلاط «احذر من ايديس آذار» (في التقويم الروماني ايديس تعني الرقم 15)، وهي العبارة التي ارتبطت باغتيال يوليوس قيصر، حيث استخدمها أحد العرّافين لتحذير الأخير من عملية اغتيال تستهدفه، وبالفعل قُتل القيصر في 15 آذار من العام 44 قبل الميلاد. وأصبح لهذا اليوم دلالات ترتبط بالخيانة والاغتيال. فهل حـاول جنـبلاط تحذيرنا من عمل مشابه نُفّذ في 15 آذار، ولم يحذرنا منه العرافون الذين يغزون وسائل الإعلام؟
صاحب المئتي ألف متابع، يحرص جيداً على إنعاش حسابه دائماً، وعندما لا تستدعي الأحداث موقفاً سياسياً، يلجأ حينها جنبلاط إلى وضع صورة الشخصية الكرتونية «آلادين» مع سؤال يكرّره عن موعد انتخاب الرئيس. وهكذا يبقى جنبلاط على اتصال بـ«جمهوره».
أما هؤلاء، أي متابعو جنبلاط على «تويتر»، فلا يختلفون، إلا نادراً، مع زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي». وغالباً ما تأتي تعليقاتهم بـ «يسعد صباحك»، و «طال عمرك يا بيك…».
ولم ينسَ وضع صورة خاصة لعيد العشاق. صورة خاصة له ولزوجته معاً، مع كلبه «أوسكار» طبعاً.
لكن جنبلاط أخطأ، مرات عدة، في إرفاق صور لا تعكس مضمون الرسالة، بل وتختلف معها أحياناً. صور قصد بها صاحبها معاني أخرى.
فالجيش اللبناني ليس «دادبول»، العسكري الهمجي الذي ترك القوات الخاصة ليلتحق بالمرتزقة.
وهل قصد جنبلاط ربط علاقة بوضع صورة كاريكاتورية لشخصية «منبوذ بريطاني» من فيلم «ذا ويتش» عندما تكلم عن المحافظين في إيران؟
ثم إنّ وضع صورة حشرة «إيديس إيجبتاي» الناقلة لفيروس «زيكا»، لا تفيد بأنّ النظام السوري «استشرس في القتل والقمع…»، حسب قول جنبلاط.
هذه «الألغاز» أو «العبثيّات»، تفيد بوجود «لذة» يشبعها «البيك» على الموقع: هو يحاول أن يظهر، من خلال هذه الصور، حبّه للفن، وتمرّسه بالتاريخ، إلا أنّه لم يظهر أي تقدير لموقع «ذا نيو يوركر»، الذي يأتي جنبلاط بمعظم رسماته عنه. فالموقع يذكر، تحديداً، أنّ المواد الموجودة على الموقع لا يمكن استنساخها، توزيعها، نقلها، تخزينها مؤقتاً أو استخدامها غير ذلك، إلا بإذن خطّي مسبق.