أعلن السفير السعودي في لبنان، علي عواض عسيري، في مقابلة مع “العربي الجديد”، أنه تلقى تهديدات باغتياله، لكنه أكّد بقاءه في لبنان. وشدد على أن بلاده لا تتدخل في اختيار الرئيس اللبناني، وأنها تدعم من يتوافق عليه اللبنانيون. ولفت في هذا السياق، إلى أن السعودية لم تدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية، بل دعمت مبادرة أوحت بأن هناك إجماعاً حولها، لكن “لم نرَ هذا الإجماع”. وأكّد عسيري أن الإجراءات بحق “المرتبطين بحزب الله” في السعوديّة مستمرة، وأن قرار مجلس التعاون الخليجي في هذا الخصوص “جدي ونافذ”. ودعا حزب الله لـ”العودة إلى عروبته ولبنانيته”. ولمّح عسيري إلى إمكانية عودة العمل بالهبة السعودية، في حال انتخاب رئيس للجمهوريّة وتفعيل العمل الحكومي والمؤسساتي، لكنه رفض تسمية ذلك بالشروط. وقال عسيري إن محاربة الإرهاب لا تكون بالعمل العسكري فقط، كونه خياراً وليس حلّاً، مشيراً إلى ضرورة تشخيص المشكلة والأسباب بشكل علمي ومعالجتها، والتكامل ما بين العمل العسكري والاجتماعي والنفسي، وأعطى أولوية للتعليم والخطاب الديني في مواجهة التطرف.
ــ ما هو أفق الإجراءات السعوديّة والخليجيّة في لبنان؟ وهل هناك مزيد من التصعيد؟
أستطيع التحدث عن المملكة، دعني أؤكّد لك أن البيان الذي صدر في هذا الشأن كان واضحاً وصريحاً؛ أولاً فيما يتعلّق بأن الشعب اللبناني غال عند المملكة، وليس هو المستهدف في هذه العقوبات. وهي اتخذت إجراءات لأننا لا نُريد ولا نتمنى للبنان أن يبتعد عن عروبته، وبالتالي هذه الإجراءات اتخذت من المملكة العربية السعودية وتباعاً من دول مجلس التعاون الخليجي، ثم اتخذ قرار في مجلس التعاون الخليجي ولا يزال سارياً حتى الآن، وخصوصاً لجهة من يتعامل مع حزب الله، أو له علاقة مباشرة مع حزب الله. وليس المستهدف المواطن اللبناني في حدّ ذاته، لدينا الكثير من اللبنانيين الذي أمضوا ثلاثين أو أربعين سنة وربوا أولادهم وخيرهم يصل إلى بلادهم، سواء في المملكة أو في مجلس التعاون، وبالتالي اللبناني محبوب في المنطقة، واللبنانيون الشرفاء هم الذين يحبون بلدهم ويحترمون البلد الذي يقيمون به”.
ــ هل ستستمر الإجراءات السعودية بحق اللبنانيين العاملين فيها؟
كما قلت، هذه الإجراءات لن تطاول المواطنين اللبنانيين الشرفاء، والذي يعيش ويعمل في السعودية مرحّب به، ولكن من يعمل أو يرتبط بحزب الله ستطاوله هذه الإجراءات، وهذا قرار صادر عن مجلس التعاون الخليجي وهو نافذ وجدي.
ــ هل هناك نية لسحب الودائع المالية السعودية؟
هذه القرارات تتخذ في قيادة مجلس التعاون الخليجي وفي المملكة، ونحن نأمل أن لا يُتّخذ قرار كهذا، ونأمل علاج المشاكل التي كانت السبب في هذا الخلاف، وألا تتكرر، ونحن نأمل من دولة رئيس مجلس الوزراء (اللبناني) أن يُعالج هذه المشكلة، حرصاً منا كدبلوماسيين على العلاقة بين لبنان والمملكة ودول الخليج.
ــ إذا أردنا اختصار الهدف السياسي لهذه الإجراءات؟
في حادثتين متكررتين كانت مواقف لبنان قد ابتعدت عن الإجماع العربي، ولبنان هو بلد عربي وأصيل، وانتماؤه ومحيطه عربي، وبالتالي لم نكن نتوقع هذا الشيء منه، وهذه الإجراءات للحفاظ على عروبة لبنان.
ــ هناك سعي وتكليف لرئيس الحكومة تمام سلام لتشكيل وفد وزيارة المملكة، هل الزيارة قريبة؟
هذا ما نتمناه، طبعاً دولة رئيس الوزراء طلب الزيارة، ونحن رفعنا هذا الطلب لقيادتنا، ننتظر التوجيهات. المنطقة تمر في حراك سياسي، وخصوصاً السعودية، وحين ننظر إلى التلفزيون السعودي نجد أن الملك يستقبل يومياً قيادات من كلّ مكان، وهي زيارات مبرمجة منذ وقت سابق. نتمنى أن تحصل هذه الزيارة في المستقبل القريب.
ــ بعيداً عن الإجراءات التقنية، هل تم تجاوز المشكلة السياسّة، أم لا يزال ما يجب القيام به؟
نحن نعوّل على دولة رئيس الوزراء، ونأمل أن تكون هذه الأزمة سحابة صيف وأن تكون مرّت بسلام.
ــ كثير من السياسيين اللبنانيين اعتبروا أن هذه الإجراءات تضرّ بحلفائكم، وشبهوها بالانسحاب من العراق، ألا تخشون أن تؤدي هذه الإجراءات إلى إضعاف حلفائكم؟
لا نستهدف أن يضعف أو يتضرر الشعب اللبناني أو لبنان، الاستهداف معروف، ولبنان يبقى بلدا عربيا وسيعيش في محيطه، والتاريخ يتحدث عن العلاقات السعوديّة ــ اللبنانيّة في الماضي والحاضر، وهناك رعاية يشهد لها التاريخ للمملكة في لبنان، ولذلك الهدف ليس لبنان أو اللبنانيين الشرفاء الذين يحبون بلدهم ويعملون لاستقرار وسيادة بلدهم، نحن مع هؤلاء. أمّا من ضلّ الطريق، فيجب أن يُفكّر جيداً ويعود إلى بلده وإحساسه الوطني وبالتالي يرعى بلده ومصالحه قبل أي شيء. لم تطلب دول الخليج أو المملكة العربية السعودية، أي شيء من اللبنانيين ليقدموه لها. ما تطلبه دول الخليج أن يبقى لبنان آمنا ومستقرا ذا سيادة وأن يكون له رئيس وفي محيطه العربي، هذا هو المطلوب.
ــ هل هذه الشروط لإعادة تفعيل الهبة العسكرية السعوديّة؟
ليست شروطاً، لا نسميها شروطا. القيادة اللبنانيّة بدأت تتحرّك منذ اللحظة الأولى وخصوصا دولة رئيس الوزراء والكثير من الوزراء الذين زارونا وتضامنوا مع المملكة. ليست شروطاً، فدول الخليج والمملكة العربية السعودية لم تملِ شروطا، وإجراءاتنا كانت تعبيراً عن غضب تجاه مواقف معينة فقط.
ــ هناك كلام أن ثمة خطوات إذا قام بها الجانب اللبناني فستعود الهبة، وعلى رأس هذه الشروط انتخاب رئيس للجمهوريّة.
نحن لا نتدخل بالشأن الداخلي، نحن نتمنى أن نرى رئيساً، لأن وجود رئيس وتفعيل دور المؤسسات يخدم لبنان. وهذا ينطلق من حرص قيادة المملكة على لبنان، أن ترى رئيساً للجمهورية، وتفعيل الحكومة نفسها لخدمة لبنان واستقراره واقتصاده، أين السياحة اليوم في لبنان؟ أين الاقتصاد اللبناني؟ كم بقيت النفايات لتُحلّ مشكلتها؟ عندما يكون هناك مؤسسات وحكومة فعالة وهناك رئيس للجمهوريّة وتكامل لهذا الهرم، نرى في ذلك خيرا للبنان، لكن ليس لدينا أي شروط. الشأن الداخلي للبنانيين وحدهم ويجب أن يبقى لهم وحدهم. ومن ثوابت سياسة المملكة أن لا تتدخل بالشؤون الداخليّة لأي دولة، وهذا ينطبق على لبنان بالدرجة الأولى.
ــ ما هو المسار الذين ترون لبنان يسير باتجاهه؟
لا نستطيع أن نتنبأ، لأن هذا يعتمد على تفاعل القوى السياسيّة في لبنان ومدى حرصها على أن تحتضن لبنان وتسعى إلى توافق معين ينتج عنه حراك سياسي إيجابي لانتخاب رئيس للجمهوريّة وحكومة فعالة ولملمة صفوف اللبنانيين، وإعداد استراتيجية وطنية. نتمنى أن نرى حراكا سياسيا جديدا يخدم لبنان، ومن اللبنانيين أنفسهم.
ــ هل ترون مؤشرات لحرب أهلية في لبنان؟
لا نتمنى، لأن لبنان عاشها ورأينا النتيجة، واعتقادي أن لبنان واللبنانيين حريصون على هذا الشيء. اللبنانيون عاشوها وشاهدوا نتائجها.
ــ هل تلقيتم تحذيرات أمنية في الفترة الأخيرة؟
نعم، يجب أن أوضح أننا تلقينا تحذيرات من أن هناك تهديدا لحياتي أنا شخصياً، ولكن دعني أؤكّد أنه مهما تكن التهديدات لن تحدّ من أداء واجبي الدبلوماسي والتواصل مع القيادات السياسية وأداء المهمة التي أوفدت من أجلها من قبل خادم الحرمين الشريفين، لتفعيل العلاقات وتنميتها بين المملكة ولبنان. للأسف الظروف التي يمرّ بها لبنان قيدتنا نوعاً ما.
ــ هل ستغادر لبنان بسبب هذه التهديدات؟
نحن نأخذ هذه التهديدات بشكلٍ جدي، ولكن كما قلت أنا مستمر في القيام بواجبي الدبلوماسي وباقٍ حالياً في لبنان.
ــ كيف تصف علاقة السعودية بالرئيس سعد الحريري؟ إذ كُتب الكثير عن توتر العلاقة، كما تمايز بخطابه عن السعودية؟
أولاً يجب أن لا نتأثر بتجاذبات الحديث بين القوى السياسيّة اللبنانيّة وموقفها من بعضها البعض. موقف المملكة من دولة الرئيس سعد الحريري إيجابي، هو الزعيم السني المعتدل الذي يبذل جهدا منذ عودته إلى لبنان لتفعيل الدور السياسي، ورأيناه نزل إلى البرلمان وبذل جهدا في كل خطوة خطاها، واجتمعت حوله كلّ الصفوف المؤيدة له، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يقول غير ذلك. الرئيس سعد الحريري من القيادات السنية التي نعوّل عليها ويُعوّل عليها لبنان، ونأمل أن يكون هناك التقاء مع القوى الأخرى لما فيه مصلحة لبنان.
ــ هناك مؤشرات لسعي السعودية إلى توحيد الساحة السنية، إذ زار الوزير السابق عبد الرحيم مراد السعودية، وهناك زيارة مرتقبة للرئيس نجيب ميقاتي، هل تسعى إلى تشكيل جبهة سنية متماسكة في لبنان؟
تسعى المملكة إلى توحيد الصف اللبناني ككلّ، ونشجع القيادة السنية على أن تجتمع وتلتقي لما فيه مصلحة لبنان. جمع هذه الصفوف لا ينبغي أن يُفسر بأنه جمع صف ضد آخر، هذا خطأ. ما هو مطلوب أن تجتمع كل الصفوف وكلّ القوى اللبنانيّة، نحن نرى الرئيس سعد الحريري قائدا له تأثيره في الساحة السنية، ونرى بعض القيادات المسيحية لها تأثير على الساحة المسيحية. نتمنى أن نرى هذه القيادات كلها تعمل لما فيه مصلحة لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية وحفظ البلد، ولإيجاد آلية أفضل لتفعيل المؤسسات في الحكومة، وللنظر إلى كلّ المشاكل التي يواجهها لبنان. نعوّل على هذه القيادات السنية المعنية بهذا الشيء، والقيادات الأخرى التي ذكرتها أن تلتف حول قيادتها وتعمل لما هو في صالح بلدها.
ــ البعض يقول إن توحيد الساحة السنية، ناتج من تخوّف من أن هناك نية لدى بعض الأطراف في تعديل اتفاق الطائف على حساب المواقع السنية وخصوصاً صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء.
سمعنا الكثير عن موضوع اتفاق الطائف، السؤال هو هل طُبّق اتفاق الطائف؟ لو طُبّق لما وصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم، هذه حقيقة أي عاقل في لبنان وأي ملمّ بتفاصيل اتفاق الطائف سيقولها. أمّا التعديل فهذا شأن يخصّ اللبنانيين أنفسهم. المملكة سعت لإنقاذ لبنان ووصلت إلى هذا الاتفاق وطُبق جزء منه ولبنان يعيش عليه إلى هذه اللحظة. المطلوب هو تطبيق هذا الاتفاق.
ــ هل تقصدون موضوع المليشيات؟
كلا، هناك عدة أمور لم تُطبّق، منها مجلس الشيوخ، ولو طُبقت لساعدت في الأداء الحكومي وفي تفعيل البلد، وهناك قانون الانتخابات مثلاً، كل واحد يشتكي من زاوية معينة. المفروض أن يُطبق، واللبنانيون أدرى بمصلحتهم.
ــ هل ترون أمراً إيجابياً باستمرار الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل؟
كل شيء فيه خير للبنان ودرء للفتنة المملكة لا تعارضه. ونتمنى أن نرى حوارا بين القوى السياسيّة الأخرى، لتفعيل دور المؤسسات للتقارب وتفعيل دور الحكومة، هذا هو المطلوب. والحوار البناء يُنتج هذه الأمور. فأي حوار بنّاء في مصلحة لبنان نؤيده.
ــ المملكة صنفت حزب الله كحزب إرهابي، هل ستدعم السعودية حكومة يكون حزب الله جزءا منها أم ترفضون ذلك؟
دعنا نرى حكومة جديدة فعالة ولكل حادث حديث. لا نريد أن نستبق الأمور.
ــ دعمتم ترشيح النائب سليمان فرنجية
نحن ندعم أي إجماع لبناني ــ لبناني، سواء على سليمان بيك، أو أي قيادة مسيحيّة أو شخص مسيحي، يرى اللبنانيّون أن فيه خيرا للبنان، نحن نبارك. أهم ما في الأمر أن يكون هناك إجماع لبناني، والاختيار يكون لبنانيا والمملكة لن تعارض، فنحن نُطالب بملء هذا الفراغ. ونتمنى أن نرى أن هناك شخصا يتفق عليه اللبنانيون، وبالتالي، لا نتدخل في تسمية من سيكون رئيس الجمهوريّة ولا في شخصه أو مؤهلاته، نترك هذا الأمر للبنانيين. إذا اتفق اللبنانيّون على أي شخص، فالمملكة لن تُعارض.
ــ لكن بشكل أو بآخر دعمت المملكة ترشيح النائب سليمان فرنجية
كان هناك مبادرة، وليس ترشيحاً، لهذه اللحظة لا يوجد ترشيح لأنه لم يُعلن. كان هناك مبادرة أوحت بأن هناك اتفاقا بين القوى السياسية، وما ثبت أنه لهذه اللحظة لم نرَ هذا الإجماع. لذلك نعود ونكرر: المملكة تؤيّد أي إجماع لبناني، أي إجماع على شخص مناسب لإنقاذ البلد في هذه المرحلة الحساسة التي سيواجه فيها الكثير من التحديات المحلية والإقليمية. بالتالي، أي شخص يرى اللبنانيون فيه خيرا لتولي رئاسة الجمهورية بإجماعهم، المملكة لن تُعارضه”.
ــ كيف تصفون علاقة المملكة بالنائب فرنجية؟
علاقة المملكة ببعض القيادات علاقة عادية، التواصل كان مع جهات أخرى.
ــ هل ستزورون فرنجية؟
زرته في السابق.
ــ لكنها كانت زيارة بروتوكوليّة؟
نعم، كانت بروتوكيليّة. هناك قوى سياسيّة تتواصل مع المملكة وقادتها، ونحن نتواصل معها، ومنها الحكيم (سمير جعجع).
ــ هل هناك زيارة قريبة لفرنجية؟
أي تحركات تُحسب علينا، وهناك تحذيرات أمنية. لكن لا مشكلة مع أحد في لبنان.
ــ هل باتت الهوة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانيّة أوسع من أن تُردم؟
لن نتدخّل بالخلاف السياسي اللبناني ــ اللبناني. نحن نرى أن التحالف لا يزال قائما، وربما هناك اختلاف في وجهات النظر، هذا أمر يخصهم ولا يخصنا.
ــ لكنهما أبرز حليفين للسعودية
حليفان للمملكة، لأنهما يسعيان لمصلحة لبنان، لذلك نتمنى أن نرى اتفاقاً، وأن يمتد للقوى السياسيّة الأخرى.
ــ هل أثّر ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للرئاسة على علاقتكم مع جعجع؟
علاقتنا مع الجميع عادية، وما حدث في الترشيحات، إن في ترشيح عون، أو في المبادرة، يخص اللبنانيين وليس المملكة. وإذا أجمع عليها اللبنانيون فسيكون هناك موقف، الأهم أن يكون هناك إجماع لبناني على هذه الترشيحات، لأن القيادتين من 8 آذار.
ــ يعني إذا كان هناك إجماع على ترشيح عون توافقون عليه؟
لن أحدّد أسماء أو أشخاصا، إذا كان هناك إجماع لبناني على أي شخص مسيحي يتولى هذا الموقع، نُبارك هذا الإجماع، لكن لن نتدخل في تسمية فلان أو تفضيل فلان، لأن هذا ليس عملنا، بل عمل القيادات اللبنانيّة، ومسؤوليتهم أن يروا من يصلح لهذه المرحلة الحساسة، وإذا حصل الإجماع فسنُباركه.
ــ هل صحيح أن هناك “فيتو” سعوديا على ترشيح عون؟
انطلاقاً من عدم تدخلها بالشأن اللبناني، ليس لديها فيتو ولن تُحدد شخصا معيناً، أو تقول هذا أفضل. هذا خيار اللبنانيين وحقهم ومسؤوليتهم، والذي يختارونه، سنبارك انتخابه.
ــ ماذا عن العلاقة مع النائب وليد جنبلاط؟
وليد جنبلاط ضمن التحالف الذي ليس بعيداً عن قوى 14 آذار. وفي المرحلة الماضية رأينا وجوده في البرلمان وحرصه على البلد. علاقتنا جيدة بالنائب وليد جنبلاط.
ــ من الواضح أن هناك حرصا على العلاقة الشخصيّة أو السياسية مع الرئيس نبيه بري، هل تشعرون بوجود تمايز بين الرئيس بري وحزب الله؟
لا شكّ بأن الرئيس بري بحكم موقعه وخبرته وحرصه على لبنان، له تقدير ونحترمه. وهناك علاقة شخصية بيني وبينه، وأنا أعتبره أخا. ونبذل معه أي جهد لما فيه مصلحة لبنان، وأنسق معه، بحكم موقعي كسفير وموقعه كالرجل الثاني في الدولة، ودوره دائماً إيجابي وفعال. نعوّل عليه وعلى حكمته وقدرته ومساعيه للوصول إلى نتائج إيجابية في الرئاسة أو في الوضع العام في لبنان، وتهدئة الأوضاع وتفعيل المؤسسات وإيجاد آليات أفضل.
ــ البعض يقول إن هناك توزيع أدوار بين بري وحزب الله
هذا شأنهم وليس شأننا بصراحة.
ــ هل هناك أفق للمصالحة بين السعودية وحزب الله، خصوصاً أنه يُمثّل شريحة واسعة من اللبنانيين؟
سلوك حزب الله ونبرته الإعلامية لا تخلق عندي أملا في هذه اللحظة. نحن لم ننكر أنه يمثل شريحة من اللبنانيين وأنهم لبنانيون، ولكن بكل صراحة نحن نستغرب تصرفاته وسلوكه الإعلامي ونبرته الإعلامية تجاه المملكة وقيادتها، وهذا الأمر لا يخدمه. ولكن يجب أن نتذكر بأن حزب الله ليس لبنان، ولبنان أكبر من حزب الله وقياداته أكبر من حزب الله وهذا ما نعوّل عليه”.
ــ اتهمكم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مباشرة وتلميحاً بدعم الحرب الإسرائيليّة على لبنان عام 2006، كيف تردّون؟
فليسمح لنا السيد حسن. هو يتخذ إسرائيل كشماعة لأي خطاب له. نحن أعداء إسرائيل، كما أنتم أعداؤها. إسرائيل تُدمر والمملكة تُعمّر في لبنان، والسيد حسن يعرف هذا الشيء تماماً. يعرف دور المملكة في تعمير المواقع التي دُمرت بسبب الحرب في بلدته. ولا علاقة لنا مع إسرائيل، التي اغتصبت الأراضي العربية، وهي عدوة كلّ العرب. أنا أعتقد أن أي عاقل، أو إنسان عنده نخوة عربية لن يقبل هذا الكلام. لكن هذه هي الشماعة التي دائماً يستخدمها السيد حسن وهذا شأنه. لكن كل الشرفاء اللبنانيين يعرفون ماذا بذلت السعودية تجاه لبنان بعد الحرب الاسرائيليّة، إن في التعمير أو التعليم أو الإنماء.
ــ هل تعتقدون أن حلّ المشكلة مع حزب الله يرتبط بالوصول إلى تسوية مع إيران، أم يُمكن حلّها بمعزل عن ذلك؟
أولاً، نحن نرى أن حزب الله يُنفّذ جزءا من السياسة الإيرانيّة، ويُنفذها للأسف باللغة العربيّة في إعلامه. والشيء الثاني تدخلاته وتدخلات إيران في الدول العربيّة، إنْ في البحرين أو اليمن أو الكويت والمملكة ومعظم الدول العربيّة، لن تخدم علاقته بأي دولة خليجيّة. يجب أن يتوقّف عن هذه الأمور وأن يعود حزب الله إلى عروبته ولبنانيته. هذا هو المطلوب.
ــ يتحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بشكل شبه دائم عن تدخل عسكري، ويردد أن على بشار الأسد أن يرحل إما عبر العمليّة السياسيّة أو العمل العسكري. هل السعوديّة جادة بالتدخل العسكري؟
أولاً هذا السؤال يوجّه لمعالي وزير الخارجيّة لأن الملف السوري ليس عندي. أنا أعتقد أن هناك تحالفا إسلاميا لمحاربة الإرهاب وخاصة في سورية، فنحن نرى “داعش” وصل إلى أوروبا وإلى كل مكان وهناك إجماع على محاربة هذا التطرف والغلو الذي لا يربطه بالإسلام أي شيء لا في تصرفاته ولا مبادئه ولا أخلاقه. الآلية والاستراتيجية التي يتحدث عنها معالي وزير الخارجية هو أعلم مني بمضمونها، لكن هناك استراتيجية موضوعة ويعمل التحالف على تنفيذها. ونرى اليوم حواراً، نأمل أي يصل إلى نتيجة لصالح الشعب السوري، فنحن نرى معاناتهم، ونلمس ذلك مباشرةً في لبنان حيث يتواجد السوريين بشكلٍ مكثّف، ويعيشون ظروفاً صعبة. نأمل لهذا الحوار الذي تتبناه وتشرف عليه الأمم المتحدة في جنيف أن يؤدي إلى نتائج إيجابية.
ــ هناك حوار يمني قريب في الكويت، فهل تعتقد أن الوضع يتجه إلى حلّ؟
ما أراه وما أسمعه من خلال الإعلام، آمل أن يكون هناك حلّ سياسي، ولا شكّ أن دولة الكويت هي دولة خليجيّة ونعوّل على قدراتها في إنهاء الوضع. وأنا أعتقد أن اليمن واليمنيين تعبوا في هذه الحرب والشرعية ستعود لا محالة وهذا هو السبب الذي قامت من أجله الحرب في اليمن بطلب من الحكومة اليمنية، وكان هناك تحالف تقوده المملكة العربية السعودية، ونحن نرى أمل قوي جداً بأن تعود الحكومة الشرعية إلى اليمن وأن يجتمع اليمنيين ويكون هناك حلول يمنية ــ يمنية.
ــ بحكم اهتمامكم شخصياً بموضوع “الإرهاب”، هل تعتبرون أن الاستراتيجية العالمية لمواجهة التطرف فشلت؟
أولاً يجب أن نتفق أن الإرهاب لا دين له، فلا نربطه بأي دين. هو ظاهرة غريبة الأطوار، وجدت سابقاً ووجدت في أديان أخرى ولم تنحصر في الدين الإسلامي. للأسف ما نراه اليوم في الدول الإسلاميّة والدول العربية بالأخص يقول لنا بوجوب دراسة هذه الظاهرة، والمملكة العربية السعودية من الدول التي اكتوت بنار الإرهاب وبالتالي أنتجت استراتيجية سعودية فعالة جداً وناجحة، لأن الإرهاب لا يُحارب بالبندقية فقط يجب أن يحارب الفكر وأن يتم تأهيل العقول المنحرفة، ولذلك وُجد مركز الأمير محمد بن نايف لمن ضلّ الطرق، والآلاف ممن عادوا إلى المركز، صُححت المفاهيم التي زُرعت بعقولهم نتيجة غسل الأدمغة والابتعاد عن الدين. من يُفجّر نفسه ولا يُريد أن يعيش يعني أنه يُعاني من خلل في عقله. المملكة أيضاً طالبت أن يكون هناك مركز في نيويورك في الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ودعمت هذا المركز مالياً. وأنا أرى أن هذه المسألة بالامتداد الذي نراه وبالأمس شاهدنا التطرف في بلجيكا وفي فرنسا وفي كثير من البلدان، وهذا يؤكّد على ضرورة تفعيل هذا المركز أكثر لمحاربة الإرهاب ومحاربة الفكر الضال من خلال استراتيجية دولية، فمحاربة الإرهاب ليست مسؤوليّة دولة محددة بل مسؤوليّة المجتمع الدولي لأن الضرر يطال الجميع.
ــ لكن المجتمع الدولي يخوص الحرب منذ سنوات لكن الظاهرة في تصاعد؟
في تصاعد لأنه لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. دعنا نتحدث عن هذا المركز الذي وجد في نيويورك لمحاربة الإرهاب، لا أعتقد أنه حظي بالدعم المطلوب، دعمه يعني جمع أجهزة الاستخبارات من دول العالم لتغذية هذا المركز، بمعلومات عن أماكن تواجد المتطرفين وسبب الخلل في هذه المجتمعات والخطاب الديني مهم جداً لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة كما يجب أن تُصحح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب وأن الإسلام ليس عدو لأحد وأنه دين رحمة ومودة وأن هذه ظاهرة غريبة حاربت المسلمين وقتلتهم قبل أن تصل إلى غيرهم بالتالي مهم جداً كيفية التعامل مع هذه الظاهرة ببراغماتية وشكل عملي وعلمي وتشخيص الظاهرة وأسبابها، هل هو الاقتصاد أم الجهل في الدين بعضهم متعلم وبعض آخر جاهل وهناك الفقير والغني. هذه الظاهرة يجد دراستها بشكل علمي وموضعي وهذا المركز قد يُساعد لأن ستصل إليه كل المعلومات من أجهزة الاستخبارات في العالم وتصب فيه، وتحلل هذه المعلومات ويتم التواصل مع الخبراء المعنيين كعلماء نفسيين وعلماء الاجتماع. يجب دراسة الظاهرة وإيجاد حلول لها، ويُمكن أن تُحلّ. أعتقد أنها لم تحظى بالاهتمام الذي تستحقه لمعالجتها وأتمنى أن يتم تفعيل هذا المركز.
ــ تم حصر المواجهة بالعمل العسكري، هل يكفي هذا؟
القوة العسكرية تبقى خياراً لكنها ليست الحلّ في محاربة الإرهاب. هناك التعليم والخطاب الديني والوضع الاقتصادي والبيئة التي يعيشون فيها والإعلام عليه مسؤوليّة كبيرة في هذا الشأن، هناك الكثير من الجوانب لمعالجتها. ولكن إذا لم نُشخّص بشكل شامل وكامل هذه الظاهرة ونعمل على إيجاد آلية توزّع المسؤوليات لن تُحلّ هذه المعضلة التي نعاني منها اليوم في عالمنا.
ــ هناك من يتهم السعوديّة بمسؤوليّتها عن هذا الفكر
هذا اتهام في غير محلّه أبداً. المملكة العربية السعوديّة هي أولى الدول التي اكتوت بنار الإرهاب وقد حاولوا اغتيال ولي العهد في جدة في بيته، ولدينا الكثير من الضحايا في المجمعات السكنية وغيرها، المملكة عانت من الإرهاب ووضعت استراتيجية ونسقت مع الكثير من الدول، ونجحت هذه الاستراتيجية ولا زالت المملكة تبذل جهدها، ولم ولن تتوقف عن مساعدة الدول التي تعاني من الإرهاب وفي نفس الوقت تنفيذ استراتيجيتها التي وُضعت بشكل علمي وفعال ورأينا نتيجتها، إذ قليلا ما نرى حوادث إرهابية في المملكة. هناك ظلم باتهام المملكة، لأنها عانت بسبب الإرهاب، ولا يتهم المملكة إلا أعداؤها، وتبادل الاتهامات في هذا المجال لا يفيد الأمة.
ــ ألا تعتقد أن هناك ضرورة للقيام بإصلاح ديني؟
أنا ذكرت أن التعليم هاجس، والخطاب الديني مهم جداً، فمن يؤثر على هؤلاء؟ العلماء الذين لا أعلم ماذا درسوا لكن لديهم القدرة على بلورة أحاديث قد لا تكون صحيحة وعلى تفسير الآيات بما يُناسبهم. عندما نتحدث عن الخطاب الديني، يعني تفسير هذا الدين، وهو عندما يقف على منبر صلاة الجمعة وأمامه هذا الجمع لديه القدرة على إيصال أي معلومة. ومشكلتنا في العالم الإسلامي عمادها الجهل الذي هو عدونا اليوم، يجب أن نعمل على التعليم، الذي يخدم هذا الطالب ليتخرج ويجد عملاً، ليكون إنساناً عادياً ويكون عنده أحلام وأماني طبيعيّة كبناء الأسرة. لكن عندما لا يتعلم الشاب، ويصل لعمر 18 سنة والمجتمع ضدّه لأنه لم يتعلّم ولم يجد وظيفة، يحتضنه المتطرفون ومن ضلّ الطريق ومن يدعون أنهم مشايخ. لذلك يجب أن تُدرس ظاهرة الإرهاب بشكل علمي لتحديد الخلل ومواجهته.