أبدت أوساط لبنانية وفلسطينية رفيعة المستوى خشيتها من “انفلات الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة بعد عمليات القتل والاغتيالات التي شهدها بين “فتح” والجماعات الإسلامية المتطرّفة التي تتجهّز عسكرياً وأمنياً، حيث شوهدت تلك الجماعات بسلاحها وفي مراكزها في حيَّي حطين والطوارئ، تحمل قاذفات صاروخية من الحجم المتوسط”.
قالت الأوساط لصحيفة ”الجمهورية” إنّ “الوضع في المخيم يضغط على كلّ المستويات الامنية والسياسية لدى القيادات الفلسطينية واللبنانية التي تتواصل من أجل لجم التوتر وإعادة الهدوء الى المخيم، لأنّ أيّ انتكاسة أمنية كبرى قد يشهدها المخيم يمكن أن تؤدي الى ما لا تُحمد عقباه، وقد تطاول الجوار اللبناني الذي لن يسكت”.
وحذّرت الأوساط من أنّ “أيّ اشتباكات في المخيم قد تطاول الجوار اللبناني مثل حارة صيدا، سيكون الرد عيلها صاعقاً لأنّ مَن ذهب الى سوريا وقاتل التكفيريين، مستعدّ لقتالهم في مخيم عين الحلوة”.
أجواء حرب حقيقية عاشها المخيم منذ ليل أمس الأول، حتى لو تراجعت وتيرتها عن الأيام الماضية، حيث انفجرت خمس قنابل يدوية وسُمع اطلاق نار متقطّع بين الحين والآخر في مختلف الأحياء، وقد بات الأهالي ليلتهم وسط خوف من تجدّد المواجهات بين “فتح” والجماعات الاسلامية المتشددة.
ولاحظ مصدر فلسطيني لـ”الجمهورية” أنّ “اللافت في التوتر امتداده الى حيّ حطين عند الطرف الجنوبي للمخيم، إذ انفجرت قنبلتان يدويتان قرب مكب النفايات من دون وقوع إصابات، فيما انفجرت ثلاث قنابل يدوية عند مفرق سوق الخضار في الشارع الفوقاني، أعقبها إطلاق نار متقطع وقنص بين فترة وأخرى”.
وفي السياق، اتُّفق على تشييع القتيلين عبدالله قبلاوي ومحمود الناطور في وقتين مختلفين بعد صلاتي الظهر والعصر أمس تفادياً لأيّ احتكاك جديد. وفي هذا الاطار انطلق موكب تشييع الناطور من مسجد الفاروق في الشارع الفوقاني، حيث شهدت المنطقة إطلاق نار وهتافات معادية لـ”فتح”، ولفّ نعشه بإشارة خضراء عليها علم “داعش” ما يؤشر لانتشارها بين السلفيين في المخيم، وسط استنفار التكفيريين بسلاحهم المتوسط والرشاش واستنفار الفتحاويين في مواقعهم تحسباً لأيّ تطور أمني، فيما شيّع القبلاوي بمواكبة من قيادات “فتح” التي أصرّت على تسليم القاتل الارهابي عمر الناطور.
واكدت مصادر فلسطينية وسطية أنّ التشييع من دون وقوع أي مشاكل سيكون عاملاً إيجابياً نحو اعادة الاستقرار الى المخيم، معتبرة أنّ “تسليم القتلة إلى القوة الامنية الفلسطينية المشتركة يبقى الاساس في عودة الهدوء”.
وقالت مصادر فلسطينية لـ”الجمهورية” إنّ “رئيس لجنة السلم الأهلي في مخيمات لبنان منصور عزام قدم استقالته على خلفية إفشال “الشباب المسلم” لمهماته وتهديده بشكل متكرّر، حيث كان لعب دوراً بارزاً أكثر من مرة في وقف الاقتتال ووأد الفتنة، لكنّه تبلّغ من أوساط “الشباب المسلم” عدم نيّتهم المصالحة وأنهم يريدون الاقتصاص من قتلة الناطور”.
من جهته، قال أمين سر حركة “فتح” في مخيم عين الحلوة اللواء ماهر شبايطة لـ”الجمهورية”، “إننا نجهد لإعادة الأوضاع الأمنية الى ما كانت عليه قبل الاحداث الاخيرة، وهناك اجتماعات دائمة واتصالات فلسطينية – لبنانية لاحتواء التوتر ونزع فتيله”، موضحاً أنّ “اللجنة الامنية العليا اتخذت قرارات بهذا الخصوص ستطبّق بعد دفن الضحيتين في المخيم، وهي شكلت لجنة مصغرة لمتابعة الوضع، وهناك اتصالات مع القوى الفلسطينية لإعادة الهدوء وتسليم مَن افتعل الأحداث للجنة الأمنية”.
ولفت إلى “أننا كنا في معركة مع “الأونروا” التي قلّصت المساعدات الطبية والاستشفائية لأهلنا منذ 3 أشهر وتشكلت خلية ازمة لمتابعة الموضوع وجاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وحقّقنا انتصارات في هذا الإطار، ليأتي مَن يريد جرّ المخيم الى الاقتتال والعبث بالامن”، مؤكداً “أننا لن نسمح للقتلة المأجورين بالوصول الى اهدافهم، ولا العبث بأمن المخيم الذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني”.
مصادر فلسطينية رأت لصحيفة “السفير” ان هناك “اجندات سياسية خارجية تنفذ بأياد فلسطينية للعبث بامن عين الحلوة في كل مرة يترسخ فيها الهدوء والامن ويتم التوصل الى توافق سياسي بين القوى والفصائل”. وتشدد على ان اهم ضحايا الاشتباك الأخير، اضافة الى المصالحة، هو “ميثاق الشرف” نفسه بين الطرفين الذي وقع قبل اشهر تحت رعاية القوى السلفية المعتدلة كـ “عصبة الأنصار” و”الحركة الاسلامية المجاهدة” بحضور قيادتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي”.
وتلفت تلك المصادر إلى انه بينما كانت كل الانظار موجهة نحو “الهبة الفلسطينية” التي استيقظت للدفاع عن حقوق اللاجئين المكتسبة بمواجهة قرارات “الاونروا”، حتى وقع المحظور الامني في عين الحلوة في محاولة لتشتيت الرأي العام اللبناني والفلسطيني ولصرف انظار المجتمع الدولي عن اتخاذ اي قرار لدعم اللاجئين ضد “الاونروا”.