ليس من السهل الإبقاء على الوحدة الاقتصادية والنقدية، بين مجموعة دول تضع كل واحدة منها سياساتها المالية الخاصة موضع الأولوية. وحين كانت أزمة الديون السيادية الأوروبية أول إشارة على وجود خطأ هيكلي في جانب ما، أقرضت المانيا الأموال لدول منطقة اليورو الأكثر فقراً لأعوام عدة، ودفعتها في المقابل إلى شراء منتجاتها. كذلك فعلت دول الاتحاد الأوروبي المصدرة الأخرى.
لهذا، كان لا بد من حصول خلل تجاري في وقت ما، فظهر ممثلاً بالديون الحكومية لدول عدة، مثل اليونان، وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وايرلندا. بالإضافة إلى التوترات السياسية الناشئة عن أزمة المهاجرين، وخطر (Brexit)، الذي يعرف بأنه احتمال انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وفيما يلي أعظم 5 مخاطر يواجهها الاتحاد الأوروبي اليوم، فكيف ستتعامل معها دول الاتحاد؟
أزمة القطاع المصرفي الإيطالي:
من المرجح أن تصبح إيطاليا مصدر الإزعاج الأول لدول أوروبا، فنظامها المصرفي آخذ بالانهيار لتزايد الديون غير العاملة، التي تشكل 20% من موجودات وأصول النظام المصرفي.
ويعرف الاقتصاد الإيطالي بأنه ثامن أكبر اقتصاد في العالم، ويقل حجمه عن حجم الاقتصاد الهندي بقليل، وله تأثير عظيم على الاقتصاد الأوروبي والعالمي.
“اليونان” التي يصعب السيطرة عليها والتعامل معها:
تكمن خطورة الوضع اليوناني، في كونها مصدر أعظم تحديين تواجههما القارة الأوروبية في هذا الوقت، وهما: أزمة الديون التي تصر ألمانيا بموجبها على إرغام اليونان تبني سياسة التقشف كعلاج وحيد لهذه الأزمة. ولأن هذه الدولة هي البوابة الرئيسة التي يدخل منها اللاجئون (من البلاد التي تمزقها الحروب والصراعات ويرهقها الفقر) إلى بلدان أوروبا الأخرى، وما تخلفه الهجرة والرغبة في اللجوء من احتجاجات شعبية عنيفة يشنها مواطنو دول مثل ألمانيا، في وجه قادتهم السياسيين لحملهم على وقف تدفق اللاجئين.
نهاية نظام (Schengen)
قد تتقلص منطقة دول (الشنغن) وفقاً للاتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى وضع حد لأزمة اللاجئين، إذا ما تقرر طرد بعض الدول الأوروبية منها. وقد نتج عن الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، فرض إجراءات السيطرة الحدودية بين معظم دول هذه المنطقة، التي اعتادت الإبقاء على حدودها مفتوحة لمواطني الدول الأعضاء.
“تركيا” وعضوية الاتحاد الاوروبي
يفكر الاتحاد الأوروبي-الذي يبحث بيأس عن حل لأزمة اللاجئين-جدياً بقبول تركيا عضواً فيه، في مقابل توقف الأخيرة عن استقبال المهاجرين، ومنعهم من تجاوز حدودها.
لكن قبول عضوية تركيا يمثل مشكلة لقبرص مثلاً، تلك الجزيرة الصغيرة. لكنها في الوقت نفسه، تمتلك حق النقض (الفيتو) داخل الاتحاد، ويمكنها نقض صفقة المهاجرين التي تسعى بقية دول القارة الأوروبية جاهدة إلى إبرامها مع تركيا. ومن هذه الناحية، قد تبدو محقة في مخاوفها، فتركيا لا تعترف بجواز سفرها، ولا تسمح للبواخر والطائرات القادمة منها بدخول الموانئ والمطارات التركية.
خطر (Brexit)
يتمثل هذا الخطر المحدق في الاستفتاء الذي ستجريه بريطانيا هذا الصيف، والذي قد يخرجها من عضوية الاتحاد الأوروبي. عندئذ سيكون ذلك سابقة خطيرة، تمس عواقبها التجارة العالمية وحرية حركة العملات النقدية وتدفقها لأعوام عديدة.