IMLebanon

المجالس الإقتصادية في الخارج … طرق قانونية للمنفعة الشخصية

businesscouncil
مارسيل محمد

تنشأ المجالس الإقتصادية بفعل حجم العلاقات التجارية بين لبنان وأي دولة أخرى، وبحسب عدد رجال الأعمال الذين يملكون منشآت ويقومون بأعمال تجارية في أي دولة من العالم. لكن لا يوجد تحديد قانوني لحجم التجارة أو عدد رجال الأعمال الذي يقتضيه افتتاح مجلس أعمال أو مجلس اقتصادي في دولة ما. وبحسب ما تقوله مصادر إقتصادية لـ”المدن”، فإن افتتاح مجلس اقتصادي يَفترض أن يكون هناك علاقات تجارية ناشطة بين لبنان والدولة المنوي افتتاح مجلس فيها، وان يكون هناك نسبة من اللبنانيين في ذلك البلد يقومون بنشاط تجاري فاعل، عندها يكون المجلس الاقتصادي ذو قيمة حقيقية، ويساعد رجال الأعمال وكل من يريد ان يقوم بنشاط اقتصادي. أي أنّ المجلس الإقتصادي يفترض ان يوفّر الأرضية التي تمهد الطريق لكل من يريد ان يقوم بنشاط اقتصادي في بلد ما ولا يملك معطيات كافية لذلك.
ولكن في الممارسة العملية، تفقد المجالس الإقتصادية دورها تظراً لعوامل عدة، منها حجم التبادلات التجارية والمصالح الشخصية لرجال الاعمال. حيث يؤكد رئيس مجلس الأعمال اللبناني الصيني علي المصري، أن المجالس الإقتصادية لها دور ايجابي، لكنها لا تقدم الدور المطلوب منها لأنها تتعامل مع بلد محدد. فمجلس الاعمال اللبناني الصيني يتعامل مع الصين، ومجلس الاعمال اللبناني التركي يتعامل مع تركيا… وهكذا، لذلك كان لا بد من اتحاد رجال الأعمال اللبنانيين مع بعضهم البعض لتأسيس “لوبي” إقتصادي يتعامل مع جميع الاقتصاديين الموجودين في أكثر من بلد، فكان اللوبي في العام 2012، ويضم حوالي 2300 رجل وسيدة أعمال، وله هيئة تأسيسية تنتخب رئيساً لها كل عام. ويضيف المصري لـ”المدن” ان تجربة الاتحاد أفادت رجال الاعمال والاقتصاد اللبناني أكثر من العمل ضمن مجالس اقتصادية متفرقة، لأن الاستثمارات توسعت وبات رجال الاعمال يتواصلون مع بعضهم بشكل أكبر. ويؤكد المصري ان انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية سيزيد فرص الاستثمار امام رجال الاعمال، ويزيد من نشاط لوبي الاعمال والمجالس الاقتصادية ايضاً.
امام الإيجابيات التي تقدّمها المجالس الإقتصادية برغم الصعوبات التي تواجهها، تشير مصادر “المدن” الى ان بعض المجالس الاقتصادية يتحول من دور مفيد للإقتصاد اللبناني الى دور مفيد للمصالح الشخصية لرجال الأعمال. والعمل للمصلحة الشخصية هو أمر مشروع، لكن ليس على حساب المصلحة العامة، خاصة وأن المجالس تتحول الى طريق شبه رسمية لضمان المصالح الشخصية لرجال الأعمال، تحت شعار المصلحة الإقتصادية اللبنانية والتبادل التجاري بين لبنان والخارج. والمجالس تتحول بفعل المصلحة الخاصة من مرشد ومدخل لتبادلات تجارية بين لبنان والبلدان الأخرى الى مكان لتأمين المصالح الخاصة، فكل من يريد إجراء تبادلات بين لبنان وفرنسا مثلاً، من الطبيعي ان يلجأ الى مجلس الأعمال اللبناني الفرنسي، حيث يجد الخبرات الضرورية من خلال رجال أعمال لبنانيين ذوي خبرات في العلاقات التجارية مع فرنسا، وأصحاب مصالح في فرنسا، ويعرفون السلع المطلوبة هناك وسبل شرائها بأفضل النوعيات والأسعار، لكن فعلياً، هل هناك تجرد في المساعدة؟ لا يثبت الواقع هذا التجرد، بل يثبت ان هناك منافسة بين أصحاب المصالح، فكل تاجر يريد إخراج تاجر آخر من السوق لتنخفض نسبة المزاحمة، ويتفرد التاجر الأقوى بشراء السلع والسيطرة على السوق. ومن هنا يصبح دور مجالس التعاون محفوفاً بالمخاطر ومرهوناً برجال الأعمال الذين يديرونه.
ولا تخفي المصادر عينها إستفادة رجال الأعمال انفسهم من تنظيم مجالسهم بصورة مفيدة، لأن دورهم القوي يستدعي دعم الدولة لهم، وإن بالإمكانيات القليلة، فالدولة قد تساعد على مستوى العلاقات السياسية مع الدول الأخرى، وبقدر ما يكون المجلس فاعلاً ويأخذ المصلحة العامة بالحسبان، تفتح الدولة أمامه إمكانياتها وعلاقاتها ويصبح التبادل التجاري وتبادل الخبرات الإقتصادية بين لبنان والدولة المعنية عبر هذا المجلس.
اما دور الدولة في الموضوع، فتشير المصادر الى انه رسمياً يفترض بوزارة الإقتصاد التدخل لتنظيم عمل مجالس التعاون الإقتصادية، لكن في الواقع، هناك ضغط عليها من رجال أعمال يستفيدون من شبكة ارتباطاتهم مع السياسيين، فتصبح الرقابة على هؤلاء أمراً صعباً، ويصبح أي قرار من الوزارات، عرضة للإنتقاد من أصحاب المصالح الإقتصادية، حتى وإن كان القرار يخدم المصلحة العامة. فعلى سبيل المثال، أصدر وزير الصناعة حسين الحاج حسن منتصف العام الماضي، قراراً يقضي بإستحصال المستوردين على إجازات مسبقة للإستيراد، “منعاً لإغراق السوق وحماية للإنتاج اللبناني”، وكان الحاج حسن قد مارس حقاً طبيعياً لحماية الإنتاج اللبناني من المنافسة الأجنبية، لكن قراره لاقى اعتراضاً من بعض المستوردين، ومن بعض السياسيين، بحجة انه لا يجوز “ضرب منتجات معينة لحماية منتجات أخرى”، وفي ذلك إشارة الى تعليق السعودية لإستيرادها البيض اللبناني، كرد على خطوة الحاج حسن تجاه إستيراد رقائق البطاطا من السعودية وغيرها. لذلك، من الناحية العملية، لا حرية لأي وزير في إتخاذ قرارات بمعزل عن ردود الفعل عليها.
المجالس الاقتصادية لها دور في توسيع العلاقات التجارية بين لبنان والبلدان الأخرى، فهي تضم أهل اختصاص وخبرة، لكن في ظل غياب الرقابة الرسمية، تتحول المجالس الى قنوات للإستفادة الشخصية، مدعومة بالعلاقات السياسية.