كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:
يصطدم تفعيل عمل مجلس النواب ومعاودة التشريع بلاءات سياسية مسيحية. “التيار الوطني الحر” أكد موقفه الرافض التشريع فيما الإمعان مستمرّ في ضرب الميثاق. وحزب “القوات اللبنانية” يربط التشريع بتكوين السلطة والموازنة، لكن تبقى الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، والكتائب ترفض التشريع في غياب الرئيس. وحده سليمان فرنجية مع التشريع.
في الأساس، مجرد إعلان الرئيس نبيه برّي طرح تفعيل عمل مجلس النواب على طاولة الحوار يعني أن الموضوع ميثاقي وخلافي بامتياز، وإلا لما كان ليطرحه.
ترفض مصادر في “التيار” ربط رفض التشريع بتفضيل برّي لفرنجية على العماد عون في رئاسة الجمهورية، مؤكدة أن موقفها هو ردّ على كل المحطات الميثاقية التي يتمّ خرقها، أولاً بعدم انتخاب رئيس للجمهورية اختارته الأكثرية المسيحية، ثم بعدم إقرار قانون انتخاب ميثاقي وعادل يضمن التمثيل الصحيح، مروراً بقانون اللامركزية الادارية والإنماء المتوازن والتوظيف والتعيينات في المؤسسات، إضافة الى وجود خرق متمادٍ لعقد الشراكة الوطنية يستمر منذ 26 عاماً. كل هذه العناوين تتفرّع تحت عنوان واحد أساسي هو “الميثاق”. وتسأل المصادر: “إذا لم يحترم الميثاق والدستور فلماذا التشريع؟ وإذا كان الهدف من التشريع تجاوز الميثاق من طريق تجاوز الإرادة المسيحية وتفعيل سائر المؤسسات كأن شيئاً لم يكن، فهذا مرفوض. فالتشريع المطلوب ميثاقياً ممنوع، وسنعمل على وقف التمادي بهذه السياسة”.
سقف المطالب احترام الدستور، والمعالجة تبدأ من فوق الى تحت، أي من انتخاب رئيس الجمهورية، وستتم دراسة كل أنواع التعبير عن الرفض خصوصاً لدى “التيار” و”القوات”، ويمكن أن يتوسع إطار البحث ليشمل كتلاً وأحزاباً أخرى، إذ إن المسألة تتعلق بالشراكة في النظام واحترامها وعدم تجاوزها.
لكن كيف يمكن تعبيد طريق التشريع في ظل هذه الممانعات المسيحية؟
طريق التشريع ليست معبّدة أمام برّي، وتسأل مصادر كتائبية كيف يسلك التشريع طريقه إذا كانت الكتائب و”القوات” و”التيار” ترفض، و”المستقبل” أعلنت أنها لا تشارك في الجلسة ما لم يكن قانون الانتخاب بنداً أول، علماً أن برّي يريد التشريع لإمرار بعض القروض والاعتمادات المالية؟
وتشدد المصادر الكتائبية على أن موقف الحزب دستوري لا سياسي، وأعلن عنه منذ اليوم الأول لشغور سدة الرئاسة، “ما زلنا اليوم على موقفنا، وليس المطلوب تغيير الدستور بل تغيير المواقف الرافضة لانتخاب رئيس للجمهورية”.
وعن التواصل مع بقية الاحزاب المسيحية، تقول المصادر إنه عادي، “لا جلسات تنسيق بينها، لكن المواقف معروفة”.
في الجلسة التشريعية السابقة حصل “التيار” و”القوات” على قانون استعادة الجنسية وعلى وعد بوضع مشروع قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمال أول جلسة تشريعية، فشاركا في تلك الجلسة وتمّ إقرار عدد من المشاريع، وهي بمعظمها مالية. وإذا كان أحد الحلول لعقد الجلسة يقضي بإعادة طرح قانون الانتخاب بندا أول في جلسة التشريع وعرض المشاريع المقدمة على الهيئة العامة ما لم يتراجع “المستقبل” عن وعده، فلا يمانع “التيار” و”القوات” في المشاركة، علماً أن الكتائب لا تشارك، شرط أن تكون فعلاً إرادة سياسية جامعة وحقيقية للتوصل الى قانون جديد، على أن يتمّ التفاهم على الأمر قبل عقد الجلسة، كما حصل في قانون استعادة الجنسية، وإلا “تكون هناك عودة الى الوراء، أي الى ما قبل الجلسة التشريعية السابقة، ويصبح عائق عقد الجلسة ميثاقياً”، وفق مصادر “قواتية”.
لكن إذا كانت اللجنة النيابية المكلفة وضع قانون انتخاب والممثلة من كل الكتل السياسية لم تنجح في مهمتها، وقدّمت مشاريع عدة وصفت بأنها خضعت لرغبات سياسية ولا تضمن تمثيلاً حقيقياً، فكيف يمكن الأطراف السياسيين الاتفاق على قانون موحد؟ وهل يمكن العودة الى “دوامة” تشكيل لجان مجدداً من دون القدرة على إنتاج قانون موحّد يعكس تطلعات اللبنانيين ويضمن صحة التمثيل والشراكة الحقيقية؟