كشفت صحيفة “اللواء” أن مسؤولاً أميركياً وآخر روسياً قد يزوران لبنان لدفع الجهود المبذولة على خط دعم استقراره الأمني والسياسي بتسريع انتخاب رئيس للجمهورية وتحصين مؤسساته الدستورية، لافتة إلى أن المسؤولين الغربييين سيعقدون لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين والقادة السياسيين في إطار محاولة حلحلة العقد المتحكمة بالإستحقاق الرئاسي.
وكشفت مصادر ديبلوماسية في موسكو لصحيفة “الجمهورية” انّ لقاء الرئيس سعد الحريري بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي تبعَه غداء على شرف الحريري والوفد المرافق دامَ ساعتين ونصف ساعة، وتمّ خلاله البحث في أزمة الرئاسة اللبنانية، حيث طلب الحريري مساعدة روسيا على حلّها، لِما لها من دور اساسي وتأثير في المنطقة، ولا سيّما في ايران وسوريا، بغية إنجاز هذا الاستحقاق.
وفي المعلومات انّ الجانب الروسي، وعلى رغم اعتباره انّ الرئاسة شأن لبنانيّ داخلي، أبدى رغبته في المساعدة واعداً ببذل جهد في هذا الإطار والعمل على الدفع في اتجاه حل الأزمة الرئاسية. كذلك شدّد على اهمّية الوجود المسيحي في الشرق وعلى دور لبنان الذي هو رمز التعايش الإسلامي ـ المسيحي.
وتطرّقَ الجانبان الى التطورات الجارية في المنطقة، ولا سيّما منها الأزمتان اليمنية والسورية. وأطلعَ لافروف الحريري على أجواء لقاءاته مع الجانب الاميركي، مؤكداً جدّية موسكو في السعي لإيجاد حلّ سياسي في سوريا والضغط على جميع أطراف النزاع للوصول الى حلّ ضمن المهَل الزمنية المحدّدة.
وأكد لافروف استعدادَ بلاده للمساهمة في تعزيز قدرات الجيش اللبناني، مشدّداً على “ضرورة أن يحلّ اللبنانيون مشكلاتهم بأنفسهم، في معزل عن التدخلات الخارجية.
وأكّد لافروف أنّ بلاده “تعمل بانتظام مع كافة القوى السياسية اللبنانية وليس فقط مع الحكومة… وهذا يعكس اهتمامنا بالحفاظ على أسس المجتمع اللبناني ومؤسسات الدولة اللبنانية، ونحن نرغب ونحرص على أن يتمكن لبنان من التغلّب سريعاً على الأزمة الداخلية التي يعاني منها”.
وشدّد على أن “لا بدّ للشعب اللبناني بنفسه وبمفرده أن يحلّ كلّ المشكلات التي تواجهه، وذلك مع مراعاة سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله، وبعيداً من أيّ تأثير من الخارج”. وقال: “نحن نتطلّع إلى أن يتّخذ جميع الشركاء الخارجيين الموقفَ نفسه ويحترموا هذه المبادئ، وذلك للمساهمة في خلق الظروف المؤاتية التي ستُمكّن لبنان من التغلّب على مشكلاته الداخلية”.
واعتبرت أوساط سياسية في بيروت لصحيفة “الراي” الكويتية ان محادثات الرئيس سعد الحريري في موسكو ما كانت لتحصل لولا وجود اهتمام روسي بإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، مشيرة الى ان زعيم “المستقبل” ومن خلال استكشافه آفاق الوضع في سورية من “المنبع”، اي روسيا التي باتت بمثابة اللاعب الأكثر تأثيراً في مجريات الأزمة السورية، أراد تأكيد أولوية بتّ الانتخابات الرئاسية بمعزل عن حسابات الربح والخسارة لأطراف اقليمية ذات ثقل في الوضع اللبناني، منطلقاً من المبادرة التي كان أطلقها بتأييد النائب سليمان فرنجية كمرشح تسوية وامكان لعب موسكو دوراً في التواصل مع ايران لوضع حدّ للفراغ في سدة الرئاسة الاولى المستمر منذ نحو عامين.
وكشفت مصادر في الوفد المرافق للحريري لصحيفة “الحياة” أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبدى تفهمه للمخاطر التي عرضها جراء استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية الذي مضى عليه عامان، وتوافق معه على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد، لأن هناك ضرورة للحفاظ على المركز المسيحي الأول ليس في لبنان فحسب وإنما في المنطقة العربية.
وأكدت المصادر نفسها أن لافروف يدعم الجهود الرامية إلى انتخاب الرئيس في أسرع وقت من دون أي تردد، وقالت إن الحريري تطرق بالتفصيل إلى الأخطار المترتبة على الفراغ الرئاسي وركز على الاقتصادي والمالي منها، إضافة إلى الشلل الذي أصاب الدولة بسبب عدم انتظام عمل المؤسسات الدستورية فيها.
واعتبر الحريري -وفق هذه المصادر- أن انتخاب الرئيس هو المدخل الوحيد لمعالجة الأزمات القائمة حالياً، لا سيما بالنسبة إلى رفع إنتاجية الحكومة ووضع قانون انتخاب جديد وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية.
ولفتت إلى أن الحريري تناول، في معرض حديثه عن هذه المخاطر، تأثيرها المباشر على الاستقواء في لبنان جراء تقويض ركائز الدولة المركزية. وقالت انه شدد على ضرورة تضافر الجهود لتوفير الحماية للبنان من الحرائق من حوله في المنطقة ومنعها من أن تنتقل إلى الداخل، لما يترتب عليها من تداعيات لن تكون لمصلحة الاستقرار الذي ينعم فيه بفضل دور الجيش والقوى الأمنية اللبنانية على هذا الصعيد.
وقالت هذه المصادر إن الأعباء المكلفة التي يتحملها لبنان تحت ضغط نزوح السوريين إليه هرباً من الحرب الدائرة في سورية، كانت حاضرة في محادثات الحريري مع لافروف، وأكدت أنه شدد على معالجة هذا النزوح من خلال مشاركة المجتمع الدولي في تأمين الدعم للبنان، الذي هو في حاجة إليه لأن أوضاعه المالية والاقتصادية الراهنة تعيق قدرته على توفير حاجة النازحين من مالية واجتماعية وصحية وتربوية.