توماس هيل
كان مستثمرو السندات غاضبين عندما تم محو سندات مصرف نوفو بانكو بمباركة الأجهزة المنظمة البرتغالية. ويقول البعض “إن هذا مثّل عصر ما بعد الأزمة الجديدة، الذي لم يعد حملة السندات المصرفية يحتلون فيه المركز الأول”.
كان ذلك في آب (أغسطس) 2014 عندما كان قد تم للتو إنشاء مصرف نوفو بانكو من رماد مصرف بانكو اسبيريتو سانتو، البنك المتعثر في البرتغال. وحيث إنه تم تحويل أصوله السامة لأحد المصارف السيئة، كان كل ما هو مطلوب هو صورة – شيء لالتقاط روح العصر الجديد.
صورة أبو الهول كان من الممكن أن تخدم الغرض، ولكن حاولت “نوفو بانكو” عمل شيء آخر: فراشة خضراء جاثمة وسط حروف سوداء وخضراء. الأجنحة “ترمز إلى ربيع التحول والتجديد”، لكن الفراشة الخضراء لم تقلع أبدا تماما كفكرة، وتم التخلص منها قبل أن تجد طريقها إلى المواد الترويجية اللاحقة للمصرف. حس التفاؤل سرعان ما تلاشى أيضا.
في نهاية كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، انمحقت قيمة خمسة من سندات مصرف نوفو بانكو. وكانت الصناديق المؤسسية، بما في ذلك بيمكو، غاضبة بعد أن تم نقل استثماراتها إلى “البنك السيئ”. هذا القرار، الصادر عن البنك المركزي البرتغالي، حسّن وضع رأس المال في مصرف نوفو بانكو، لكنه هز الأسواق.
وكما يقول فيليب بودريو، وهو مدير صندوق في شركة بيمكو “كان هذا مصادرة تعسفية للأصول. يجب أن يجعل المستثمرين يتساءلون كيف ستتصرف السلطات الأوروبية حول قرارات البنك”.
عكست حلقة مصرف نوفو بانكو تحولا في المزاج السياسي في البرتغال بعد سنوات من التقشف التي يفرضها برنامج إنقاذ لمدة ثلاث سنوات، لكنه يعكس أيضا النظام التنظيمي الجديد الأوسع بكثير في أوروبا، الذي يهدف إلى جعل حملة السندات – وليس دافعي الضرائب – من أصحاب المطلوبات عندما تعاني المصارف متاعب.
ويقول سام ثيودور، مدير في المؤسسات المالية في شركة سكوب ريتينج، وكان سابقا في جهاز تنظيمي في أوروبا “إن المخاطر السياسية للأعمال المصرفية تختلف كثيرا عما كانت عليه قبل الأزمة. من أجل حماية دافعي الضرائب، فإن المشرعين والحكومات على أهبة الاستعداد لضرب المستثمرين”.
دراما مصرف نوفو بانكو، التي جاءت بالضبط قبل قواعد جديدة للمصارف المنهارة من بروكسل، ضبطت النغمة لفترة صعبة للمصارف الأوروبية. وفي الوقت الذي تعاني فيه الأسواق العالمية بداية مضطربة لهذا العام، تكثفت جهود التدقيق في هذا القطاع.
بلغ انخفاض أسهم المصارف الإيطالية مستويات قياسية بسبب مخاوف من القروض المعدومة. بحلول أوائل شباط (فبراير)، وصلت أسعار أخطر السندات المصرفية المتداولة عند مستويات متعثرة. انخفضت حتى السندات الممتازة، واحدة من أكثر الطرق أمنا للاستثمار في المصارف، بشكل حاد. لم يتعرض أي من المصارف للانهيار، لكن الأسواق تتصرف كما لو كانت الأزمة في المستقبل القريب.
وقد هدأت الفوضى في الأسواق وانتعشت الأسعار، ولكن آثارها ترددت على أعلى مستوى. عندما أعلن البنك المركزي الأوروبي مزيدا من الخفض في أسعار الفائدة في وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيسه ماريو دراجي “إن الإجراءات الجديدة، ولا سيما التمويل الرخيص للمصارف في منطقة اليورو، جاء في بيئة حيث تسعير السندات المصرفية متقلبة وغير مؤكدة”.
على الرغم من إلقاء اللوم على تحركات السوق بخصوص قائمة طويلة من العوامل، إلا أن محللي المصارف واصلوا الرجوع إلى ما يبدو أن حالة مصرف نوفو بانكو المعزولة. بدأ المستثمرون النظر في الطريقة التي كان قد تم فيها فرض الخسائر والبحث عن أدلة في الكون الجديد الغريب للسندات المصرفية.
الاستجابة للأزمات
أحد الجوانب الأقل مناقشة للأزمة المالية كان التأثير، أو عدم التأثير، في المستثمرين الذين احتفظوا بسندات المصارف. عندما ضربت الأزمة، بعض من أسلم سندات المصارف، المعروفة باسم “السندات الممتازة غير المضمونة”، تمت دون خسائر.
قامت الآن الأجهزة المنظمة بتغيير المعادلة، وعرّضت حملة السندات لموقف صعب على أمل أن المصارف يمكن أن تكون أكثر أمنا من دون المال العام. وهذا يعني أن السندات المصرفية – التي كانت أكثر أمانا بكثير من عديد من الأنواع الأخرى من سندات الشركات – ستصبح أكثر خطورة.
يقول لويد هاريس، المحلل في “أولد ميوتشوال”، “الشيء الذي أنقذ النظام المالي بأكمله كان الدولة. هذا هو أحد أسباب قيامهم بتصميم مثل هذا القانون التنظيمي الذي لديهم”.
إحدى علامات هذه الفلسفة التنظيمية الجديدة هي سند كوكو، الذي تمت هندسته منذ بداية الأزمة، وصمم لنقل المخاطر للمستثمرين المتطورين، سندات طارئة قابلة للتحويل، والآن هي معروفة أكثر باسم رأسمال “الطبقة الإضافية 1″، المحولة إلى أسهم أو يتم شطبها عند انخفاض رأسمال المصرف دون مستوى معين. بعبارة أخرى، عندما يخسر المصرف المال أو تنهار أصوله في قيمة، حملة السندات يخسرون المال أيضا.
هذا النوع الجديد من السندات هو جزء من فئة أوسع يشار إليها باسم “رأسمال المصرفي” – السندات المشابهة للأسهم والسندات المماثلة بصورة عامة لمبلغ التأمين على منزل ما. المصارف تصدر سندات رأس المال هذه لتلبية المتطلبات التنظيمية، التي تتطلب مزيدا من رأس المال لجعل النظام أكثر أمنا.
عندما تتعرض المصارف لمأزق، يكون رأس المال هذا في خط النار. وفي الوقت الذي ظهر فيه شبح أسعار الفائدة السلبية على السطح هذا العام – نتيجة لسياسات المصارف المركزية التي تهدف إلى تعزيز الإقراض – انخفضت الأسهم المصرفية والسندات بشكل كبير. في النصف الأول من شباط (فبراير) الماضي، انخفض مؤشر سندات كوكو إلى نحو من 8 في المائة. وتداولت السندات في “دويتشه بنك” بقيمة 1.75 مليار يورو في نحو من 70 سنتا على اليورو.
بعد البيع المكثف لسندات كوكو، أصبح من الواضح أن الأسواق لأنواع مختلفة من سندات المصارف كانت مترابطة بشدة. وحذر محللون في بنك جيه بي مورجان تشيس من أن أسواق كوكو كانت قد أصبحت “قناة لتوجيه الإجهاد في حقوق ملكية المصارف إلى سوق الائتمان الأوسع”.
ما يعتبر أكثر إثارة للقلق هو أن أسواق التمويل المصرفي – جزء من المحفز على الحصول على قروض – التي أغلقت لفترة وجيزة. في المؤتمر الصحافي في آذار (مارس) الماضي، قال دراجي “إن المصارف الأوروبية تواجه احتياجات تمويل مقبلة كبيرة”.
وكانت بعض علامات العدوى قد ظهرت في كانون الثاني (يناير) الماضي مع مصرف نوفو بانكو، وفي شباط (فبراير) الماضي، في سوق سندات كوكو. بعد خسائر مصرف نوفو بانكو، يقول بيرو “إن مواقف المستثمرين تجاه المصارف في البلدان الطرفية المحفوفة بالمخاطر كانت قد تغيرت”. وكما يقول “إذا فشل أحد المصارف في منطقة اليورو في سيناريو اختبار الإجهاد القوي، فإن السوق تكون مضطربة للغاية. وقد زاد خطر تدافع المؤسسات على سحب أموالها من تلك المصارف ماديا بعد مصرف نوفو”.
«غيض من فيض»
في بازل في يوم من أيام تشرين الثاني (نوفمبر) المنتعشة في العام الماضي، كان مارك كارني يجلس في غرفة مع ستة صحافيين. محافظ بنك إنجلترا المركزي ورئيس مجلس الاستقرار المالي كان يعلن عن أحدث خطوة في الجهود التنظيمية لمرحلة ما بعد الأزمة. السندات الممتازة – ذلك الجزء من السندات التي ليست “رأس مال المصرف” كانت على وشك أن تصبح أكثر خطورة.
كان كارني قد كتب إلى الاقتصادات الرائدة في مجموعة العشرين حول المعايير الدولية الجديدة “إنهاء” المصارف التي هي أكبر من أن تفشل “قد لا يكون أبدا المطلق لأن جميع المؤسسات المالية، لا يمكن أن تكون معزولة تماما من جميع الصدمات الخارجية”. وأضاف “ولكن هذه المقترحات تساعد على تغيير النظام بحيث يمكن للمصارف الفردية وكذلك المستثمرون والدائنون تحمل تكاليف أفعالهم”.
وجاءت القواعد لـ “مجموع القدرات لامتصاص الخسائر”، بعد فكرة نقل المخاطر من الحكومات إلى الأسواق. وكانت مخصصة لأكبر المصارف العالمية، وجاءت إلى جانب توجيه أوروبي منفصل حول سندات امتصاص الخسائر.
الأجهزة المنظمة، التي تسعى إلى تصحيح ما كان ينظر إليه على أنه حصانة ضارة يتمتع بها حملة السندات المصرفية في الأزمة، طالبت سندات المصارف الممتازة لتصبح “قابلة للإنقاذ من قبل حملة السندات” – بمعنى أنها ستتولى خسائر عندما تتعثر المصارف.
المصارف التي تعتبر “مهمة للنظام” ستكون أيضا في حاجة إلى كمية معينة من هذه السندات للتأكد من وجود ما يكفي من المرونة لاستيعاب الخسائر في أي أزمة. وتمثل سندات المصارف أكثر من 30 في المائة من جميع السندات، أكثر من ضعفي الديون غير المالية للشركات.
كان لدى أجزاء مختلفة من العالم مناهج مختلفة لتلبية المتطلبات. في ألمانيا، تم تغيير القانون. في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، باعت المصارف السندات من شركاتها القابضة. بعض خصائص سندات “رأسمال المصرفي” لمرحلة ما بعد الأزمة كانت قد طبقت لسوق أكبر من ذلك بكثير. على حد تعبير أحد المستثمرين. جميع الديون المصرفية قد أصبحت الآن مثل كوكو – شيء تمت هندسته من قبل الأجهزة المنظمة لتولي الخسائر، وإن كان ذلك بعد فشل.
ويقول جيرالد بودوبنيك، رئيس حلول رأس المال في “دويتشه بنك”، “كان المغير الحقيقي للعبة أن السندات غير المضمونة أصبحت قابلة للإنقاذ من قبل حملة السندات”. الطبقة الإضافية 1 أو سندات كوكو ليست هي سبب المشكلة. الحقيقة هي أن التمويل وهيكل رأسمال المصرف قابل للإنقاذ تماما على أيدي حملة السندات. هذا ما هو جديد”.
كل شيء بدا أشبه بـ “كوكو”، ولكن ما الذي تبدو عليه سندات “كوكو”؟ واحدة من أكبر المشكلات بالنسبة إلى المستثمرين هي التغييرات الجارية في القواعد.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ضرب عدم اليقين المذكور سوق كوكو، عندما ذكرت الهيئة المصرفية الأوروبية، وهي هيئة تنظيمية، “رأيا” حول السوق التي يبدو أنه يوحي بأن مدفوعات الفائدة على السندات، يمكن أن تتوقف في وقت أقرب مما كان متوقعا. وارتبط هذا الارتباك التنظيمي بعمليات بيع مكثفة. في شباط (فبراير) الماضي، بدت السوق فجأة معقدة بشكل خطير. ووضع مديرو صناديق التحوط نظريات حول ما إذا كان سيتم في نهاية المطاف إعادة شراء السندات. في سويسرا، انخفض سعر مجموعة من السندات التي أصبحت منحلة في أواخر العام الماضي بشكل حاد وتمت مكافحتها بشكل حدسي.
الارتباك يتجاوز سندات “كوكو”. وكما يقول إميل بتروف، رئيس حلول رأس المال في بنك نومورا، “منذ الأزمة ونحن نتعامل مع جميع أنواع المبادرات، التي غالبا ما تكون معالجة لنفس القضايا من زوايا مختلفة. لدى هيكل رأس المال طبقات أكثر من من أي وقت مضى. إن شرح الأمر أكثر صعوبة من أي وقت مضى”.
سوق الطبقة الإضافية 1 في أوروبا تقف على نحو من 100 مليار يورو. وكانت سوق السندات غير المضمونة الممتازة لأكبر المصارف في العالم 4.26 تريليون يورو في نهاية عام 2014، وفقا لتقديرات مجلس الاستقرار المالي. يشير بودوبنيك إلى أن هذه القواعد الجديدة تحد من النفوذ، وبالتالي تجعل القطاع المصرفي أكثر أمانا، لكنه يشير، أيضا، إلى هذا الاختلاف في الحجم.
وكما يقول “نحن نعيش في عالم جديد حيث تغير بيان المخاطر للأوراق المالية للمصارف بشكل عام. ويعتبر بيع الطبقة الإضافية 1 الأخيرة الواسع في بعض الأحيان وكأنه غيض من فيض”.
معنى الفشل
حتى من دون وجود لحظة تيتانيك، هذه التغييرات المتراكمة لها تأثير. تستعد المصارف لدفع مزيد من أجل الاقتراض من الأسواق، ويحتمل لذلك أن يضيف تكاليف للقروض التي تقدمها المصارف إلى الأسر والشركات. ويرتبط النضال لتسعير المخاطر بعدم اليقين. ويشير كثير من المحللين إلى أن أحد أكبر مصادر عدم اليقين هو القوانين التنظيمية نفسها.
ويقول بتروف “المستثمرون يفتحون الصحف كل يوم ويقرأون حول مقترحات جديدة ولا يعرفون ما يفعلون بها. والحقيقة هي ليس هناك مهرب من قضية أكبر من أن تفشل”.
وهناك اختبار أكبر سيأتي عندما يتعثر أحد المصارف في الواقع. إن السؤال الجوهري بعد ذلك سيكون ما إذا كانت هزة في هيكل سندات المصارف ستنجح. لم يكن مصرف نوفو بانكو من الناحية الفنية متعثرا، لكن التعقيدات السياسية التي ظهرت لم تكن مشجعة.
ويقول تيودور “ماذا يعني الإعسار بالنسبة إلى أي مصرف؟ المصارف لا تعسر فقط مثل الشركات التجارية. إنه ليس بوضع إعسار حقيقي. إنها حالة شبيهة بالإعسار الذي يتم تحريكه من قبل الأجهزة المنظمة نفسها. هذا هو السبب في أنه من الضروري جدا أن ننظر إلى سلوك المشرفين”.
شعار مصرف نوفو بانكو لم ينطلق أبدا، لكنه يبدو الآن تنبؤيا. القضية كلها لديها أكثر من إشارة لتأثير الفراشة حول هذا الموضوع.