Site icon IMLebanon

ماذا يخبئ هولاند؟

 

 

كتب سمير تويني في صحيفة “النهار”:

هل قرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند زيارة لبنان في منتصف الشهر المقبل يعني أن باريس أقرت بالأمر الواقع وفقدت الأمل في التوصل داخليا الى توافق مسيحي في الأمد القريب على انتخاب رئيس للجمهورية، وإقليميا عدم توصل الى اتفاق بين إيران والسعودية على حل لأزمة الفراغ الرئاسي اللبناني؟

أما الاستنتاج الآخر فهو أن المحادثات الفرنسية – الايرانية بعد زيارة الرئيس حسن روحاني لفرنسا لإخراج الانتخابات الرئاسية اللبنانية من عنق الزجاجة، لم تؤد الى النتائج المرجوة، وما زالت ايران تعتبر ان الوقت لم يحن بعد لسد الفراغ الرئاسي لأنه مرتبط بحل الازمة السورية.

وعلى رغم أن اللبنانيين حولوا بلدهم رهينة الصراع الايراني – السعودي، ما زالت باريس تعتبر ان انتخاب رئيس للجمهورية يوفر المدخل الوحيد إلى توفير الحلول للمشكلات السياسية العالقة منذ أكثر من عامين، ويحافظ على ميثاق العيش المشترك بين جميع الاطراف.

وكان هولاند أعلن في ايلول الماضي انه ينوي زيارة بيروت غداة المؤتمر الدولي لدعم لبنان للبحث مع اللاعبين اللبنانيين في تطورات الازمة اللبنانية وأولوية قيام الأحزاب بسد الفراغ الرئاسي اللبناني وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية اللبنانية، لأن الشغور يهدد الوحدة الوطنية ومناعة لبنان، فضلاً عن زيارة أحد المخيمات التي تستضيف لاجئين سوريين لتحديد سبل مساعدتهم.

والرسالة الفرنسية هي إعادة تأكيد الموقف الفرنسي الداعم للبنانيين في صمودهم أمام تداعيات الحرب السورية، والعمل على تثبيت الاستقرار الداخلي خلال الاشهر المقبلة ومنع تمدد اللهيب السوري الى داخل الاراضي اللبنانية، فالمظلة الدولية هي التي تحمي الوضع الامني الداخلي.

غير أن هناك العديد من الأسئلة المطروحة حول هذه الزيارة كما كانت مطروحة عند تحديده موعد زيارته في تشرين الاول الماضي. أولها بروتوكولي، إذ كيف يمكن رئيسا للجمهورية الفرنسية القيام بزيارة رسمية للبنان في غياب نظيره رئيس الجمهورية اللبنانية. وإذا تخطى هولاند العقبة البروتوكولية، فإنه من الناحية الديبلوماسية لن يقوم بزيارة بيروت وجعبته فارغة من أي حلول يقدمها، أو خريطة طريق للخروج من المأزق الدستوري التي تعيشه البلاد. ولن يأتي هولاند، الذي قرر زيارة بيروت بعدما ألغيت زيارته لعمان خلال جولة على مصر والأردن لوجود السلطان قابوس في ألمانيا للاستشفاء، للتشاور مع السياسيين اللبنانيين، وباريس تعي أن الحل لم يعد في أيديهم.

وباريس تعرف أن نجاح الزيارة مرتبط بأفق حل الفراغ الرئاسي وتفعيل عمل الحكومة والبرلمان والتوصل الى قانون انتخابي يرضي جميع الاطراف، وليس في الأفق المنظور أي بوادر إيجابية لحل هذه الأزمات.

فالزيارة حددت لأن باريس أرادت ملء الفراغ الديبلوماسي بعدما قررت دول الخليج مقاطعة لبنان، وسبب التحرك أن الملف اللبناني من ضمن أولوياتها، ولا يمكنها أن تترك الساحة اللبنانية بعد زيارة مسؤولين دوليين وأوروبيين وايرانيين.

فعلى رغم أن الصحافة الفرنسية تعتبر أن هذه الزيارة خطأ ديبلوماسي لأن الرئيس ليس في جعبته أي شيء يمكنه تقديمه الى اللبنانيين، يمكن هولاند أن يفاجئ الجميع، بعد فشل مبادرتي فريق الرابع عشر من آذار الرئيس الحريري بترشيحه النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع بترشيحه العماد ميشال عون وتحول المبادرتين أزمة سياسية، باجتراح أفكار جديدة تعيد خلط الأوراق للتوصل الى مرشح توافقي مقبول من جميع الاطراف. اما الامر الملموس الآخر الذي سيحمله الرئيس الفرنسي الى بيروت فيرجح ان يكون اعلانه التوافق مع المملكة العربية السعودية على ابقاء الاسلحة المقررة اصلا للجيش اللبناني ضمن الهبة السعودية التي جمدت في فرنسا في انتظار ظروف سيصار في ظلها الى اعادة الهبة الى لبنان.