Site icon IMLebanon

صدقيّة «أوبك» دونها عقبات مرتبطة بمصالح الدول

OPEC

غريتا صعب

لا يبدو ان اتفاقية تجميد الانتاج النفطي بين بعض دول اوبك وروسيا ستؤثّر فعليا على أسعار النفط، سيما وان السعودية هي وحدها بين تلك الدول التي لديها القدرة على زيادة الانتاج، حسبما يؤكد احد كبار المديرين التنفيذيين في الوكالة الدولية للطاقة .قد تكون اتفاقية تجميد الانتاج اقرب الى المبادرة، وتهدف الى بناء الثقة في شأن استقرار اسعار النفط. اضف الى ذلك ان ليبيا و ايران تجاهلتا هذه المبادرة مما يحدّ من التأثير على النجاح في توسيع نطاق التجميد، ويعني ان النفط الايراني سوف يتدفق الى الموانئ في انحاء العالم رغم ان أيران اصدرت بيانات فحواها انها لا تريد ان تهز سفينة النفط اكثر بكثير، لكنها ستسعى لاستعادة حصتها في السوق مهما كان الثمن.

حسب موديز أجبرت سنوات من العقوبات الاقتصادية ايران على التكيّف مع انخفاض ايرادات النفط كونها تستطيع التعامل مع انخفاض اسعار النفط اكثر من اي دولة اخرى. كذلك و حسب Salbali Karimi المدير التنفيذي لشركة حقول النفط الايرانية الوسطى فان النفط في هذه المناطق يستخرج باسعار زهيدة جدًا تساوي ما قيمته ١ الى ١،٥ دولار للبرميل الواحد مقارنة بـ ٢٦ دولار للبرميل في اميركا.

وقد يكون هذا الامر مبالغ فيه بعض الشيء الا انه وفي العام ٢٠٠٨ حين كانت العقوبات ما زالت سارية المفعول قال صندوق النقد الدولي ان تكلفة برميل النفط الايراني هي ٥ دولارات، علما ان ايران كانت تستخدم معدات قديمة.

وعليه، فان انخفاض اسعار النفط بمستويات قياسية اي ١٥ دولارا للبرميل لن يؤثر بشكل كبير على ايران التي استطاعت ولسنوات طويلة التأقلم مع هذه الحالة ومع عقوبات فرضت عليها وحرمتها الكثير من حصتها في السوق الدولية.

هذه الحقائق تعطي فكرة ولو غير كافية عن اهمية قرارات منظمة اوبك والدول المصدرة للنفط ومدى فعالية هذه القرارات، سيما وان الغياب التام للالتزام بحصص انتاجاهم في السنوات الاخيرة كان واضحا. مع العلم ان الفوارق في البيانات التي تصدرها دول اوبك والمصادر الاخرى متفاوتة، بما يعني ان التفاوت في الانتاج وعدم الالتزام بقرارات موحدة يجعل من القرار الاخير لاوبك غير مجدٍ في الواقع.

تحتاج المعالجة الى تنسيق على مستوى الانتاج والكوتا بين الدول بما يجعل من السعر للبرميل تنافسيا اكثر ويدفع به الى الارتفاع ويساعد على استقرار سوق النفط والذي يعني الحفاظ على مصلحة الجميع. لذلك يتخطى الامر مسألة انضمام ايران او عدم انضمامها في تجميد انتاجها.

وايران كانت واضحة في هذا الموضوع بعدما قال وزير نفطها انها لن تلتزم الا عندما يبلغ انتاجها اليومي ٤ ملايين برميل. ومن المعروف ان الانتاج الايراني وصل الى ٢،٨ مليون برميل.

وقد يكون الارتفاع البسيط الذي حدث لسعر البرميل (٤٠ دولارا للبرميل) بمثابة سعر وسطي مقبول في ظل التجاذبات التي تحدث ضمن اوبك ومع الدول الاخرى المنتجة للنفط، وحسب وضعية كل دولة ومدى اعتمادها على ايرادات النفط في اقتصاداتها.

على سبيل المثال، السعودية سجلت عجزا قياسيا في الميزانية العام الماضي انسحب على احتياطها من العملات الاجنبية واضطرها الى طلب قروض من المصارف العالمية. هذه الوضعية دقيقة ايضا للعديد من الدول التي لم تعمد لغاية الآن الى تنويع اقتصاداتها.

يعكس الاجتماع المقبل للدول في قطر سعي المنتجين الى دعم اسعار النفط بعد الانخفاض الحاد الذي ادّى الى ارهاق الميزانيات المحلية. وسوف تشارك في الاجتماع الدول التي تشكل ما نسبته ٧٣ في المائة من الانتاج العالمي. هذا الواقع يعني امكانية التوصل الى نوع من الاستقرار في الاسواق العالمية ويساعد الدول التي تعتمد عليه اعتمادا مفرطا.

يأتي هذا الاجتماع في خضم تنافر سياسي اقليمي معلن بين الدول المصدرة للنفط سيما السعودية وروسيا. وقد يعني الاتفاق مساعدة هذه الدول في ظروفها الاقتصادية العصيبة سيما السعودية وروسيا، ويعني تغليب المنطق الاقتصادي على الامور السياسية، وقد يتطور الى حوار مكثف بين الدول المنتجة اقتناعا منها بأن اسعار النفط الحالية ليست مستدامة.

قالت وكالة رويترز ان هذا الاجتماع له مثيله من قبل عندما اتفق بعض الاعضاء وغير الاعضاء في منظمة اوبك على خفض الانتاج، وقد وافقت روسيا على المشاركة. لكن موسكو لم تلتزم بوعودها في الحدّ من صادراتها، لذلك قد يكون هذا الاجتماع المنتظر في الدوحة له مثيله سابقا، وقد لا يؤدي الى نتائج ذات مفعول على سعر النفط العالمي.

كذلك قد لا تدخل ايران هذه الصفقة وتحد من انتاجها. لذلك تبقى الصورة غير واضحة، والمشاركون غير متفائلين بقدرتهم على رفع اسعار النفط الى مستوياته السابقة، ويساعد في ذلك تفاوت وضعية الدول الاعضاء وغير الاعضاء بما يعني ان الاسعار قد تبقى منخفضة لفترات طويلة. تبقى ايران الحلقة الاكثر حساسية في هكذا وضعية، ويبقى القول ان ايران مهتمة اكثر بحصتها في السوق من سعر النفط في الوقت الحاضر .

يبقى السؤال حول ما تريده ايران في المستقبل القريب وقد يكون الجواب عليه ما هي كمية النفط التي سوف تستخرجها ايران سيما وانها تأتي في الدرجة الثانية بعد السعودية من حيث احتياطي البترول.

لذلك قرارها يكون مهما والاهمية التي تعيرها ايران لحصتها في السوق على مستوى عالٍ من الاهمية، كذلك كون كلفة النفط الايراني منخفضة، فان التزام طهران بقرارات الدول المنتجة او عدم التزامها له تأثره المباشر على الاسعار.

هكذا يتضح ان اوبك والدول المنتجة تفتقد الى آلية عمل منظمة، وهي لذلك لا تشكل قوة قادرة على املاء الشروط في اسعار النفط واعادة اسعاره الى مستوياته السابقة، لأن مصالح الدول مختلفة واقتصاداتها كذلك ومصداقية التزامها بالقرارات موضوع شك أكيد.