كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
يسعى الرئيس سعد الحريري الى تزخيم خياره في ترشيح رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، في مواجهة النشاط المطرد الذي يقوم به “التيار الوطني الحر” في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تسويق ترشيح العماد ميشال عون لدى كل المكوّنات السياسية.
ويبدو أن الحريري قد اتخذ قراراً بالردّ المباشر على الخطوات العونية، من خلال إيجاد مظلة وطنية وإسلامية خلف فرنجية وذلك في محاولة منه لتثبيت ترشيحه وتهيئة الأجواء الملائمة له، وتذليل العقبات التي تحول دون ترجمة هذا الترشيح في صناديق الاقتراع.
ويأتي حفل الغداء الذي يقيمه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، في دارته ظهر اليوم، على شرف فرنجية بحضور نواب المدينة وعدد من قياداتها الاجتماعية والاقتصادية، ليصبّ ضمن الهدف الذي يسعى إليه الحريري، أو ربما يكون بتكليف منه، وذلك نظراً لما تحمله الفيحاء من رمزية إسلامية ووطنية، وعلاقة تاريخية وطيدة مع زغرتا، تستطيع من خلال ذلك إعطاء قوة دفع لخيار الحريري في ترشيح زعيم تيار “المردة”.
لكن اللافت أن المفتي الشعار لن يتمكن من جمع كل مكوّنات طرابلس السياسية في حفل الغداء الذي سيقتصر على نواب “المستقبل” فقط، والحلقة الضيقة التي تدور في فلك الرئيس الحريري، سواء من حيث التوقيت الذي لم يتلاءم مع مواعيد بعض القيادات الموجودة خارج المدينة، أو بفعل العلاقة المتوترة بينه وبين قيادات أخرى.
لذلك فإنه بات من المؤكد عدم مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي في حفل الغداء بسبب وجوده في نيويورك، وكذلك وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الموجود في جنيف، بينما سيغيب وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي نظراً للتباينات الحاصلة بينه وبين الشعار منذ فترة، ولرفضه منذ البداية خيار الحريري بترشيح فرنجية، كما سيغيب الوزير السابق فيصل كرامي الذي تعتبر علاقته مقطوعة كلياً بمفتي طرابلس. وبذلك يأتي حفل الغداء ليؤكد المؤكد في تبني “تيار المستقبل” ومن يدور في فلكه دعم ترشيح فرنجية الى رئاسة الجمهورية، ولكن هذه المرة من عاصمة لبنان الثانية طرابلس، وببعد وطني يتمثل بـ “عباءة” دار الفتوى، وحضور رؤساء الطوائف المسيحية في المدينة.
ومن المعروف، وبغض النظر عن حفل غداء الشعار، أن علاقة فرنجية مع طرابلس لم تنقطع، وهي بقيت على ما يرام بالرغم من كل الظروف الصعبة والتوترات الأمنية التي عاشتها المدينة خلال السنوات الماضية، وهي علاقة حرص على تطويرها الرئيسان سليمان فرنجية والشهيد رشيد كرامي، وتلقفها بعد ذلك الرئيس الراحل عمر كرامي، وعمل الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي على تمتينها وإعطائها دفعاً تمثل بالاتصالات واللقاءات المشتركة بصورة دورية، فضلاً عن علاقة فرنجية المتميّزة بالنائب محمد كبارة.
وترى مصادر مواكبة أن اللقاء الذي سيعقد في دارة المفتي الشعار في طرابلس قد يكون حاجة “مستقبلية” لدعم ترشيح فرنجية في وجه ميشال عون، لكنه لا شك في أنه يحمل صفة وطنية، وهذه الصفة تبقى الأقوى في وجه الاصطفافات المسيحية أو ضمن طوائف ومذاهب أخرى، والتي تهدف الى تحقيق مصالح ضيقة، لافتة الانتباه الى أن فرنجية عندما يزور طرابلس فهو يكون بين أهله وإخوانه، نظراً لعلاقاته الجدية مع كل مكوناتها، وخدماته لطبقاتها الشعبية عندما كان وزيراً للصحة العامة، وهو يترجم علاقة تاريخية يجب أن تستمرّ لأنها تساهم في تحصين الوحدة الوطنية شمالاً.
في حين ترى أوساط فرنجية أنها ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها مع المفتي، “ونحن نلبّي دعوة كريمة تؤكد على العلاقات والروابط التاريخية بين طرابلس وزغرتا، وهذا الجو الإيجابي ليس بعيداً عن الشمال الذي كان سباقاً دائماً الى الوحدة الوطنية”.