IMLebanon

من يسعى للإطاحة بما بناه أشرف ريفي؟ (بقلم رولان خاطر)

Internal-Security-Forces

 

 

كتب رولان خاطر

 

منذ سنة ونصف اكتشفت التجاوزات التي قام بها ضباط وعناصر في قوى الامن الداخلي، وسربت بالأمس الى الاعلام من جهات داخل المؤسسة بطريقة احتفالية، توحي وكأن عصراً مضى وآخر بدأ في هذه المؤسسة التي عاشت مرحلتها الذهبية والصعبة منذ العام 2005 تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

واذا كان هذا الاكتشاف على درجة من الاهمية باعتباره يصب في خانة تحصين مؤسسة قوى الامن، فإن ما رافقه خصوصاً في طريقة تسريبه الى الاعلام، طرح اكثر من علامة استفهام، لا سيما وانه وضع في خانة تصحيح حالة “الفوضى العارمة” التي رددتها بعض المقالات الصحفية، قاصدة بذلك مرحلة تولي اللواء أشرف ريفي القيادة منذ العام 2005 حتى التقاعد.

وقد بدا واضحاً أن هذا التعبير كان مرفقاً بالتسريب، لا بل انه كان كلمة سر المسربين، ولم يكن القصد منه الا التصويب على ريفي، وانتقاد ادارته لقوى الامن، وتحميله مسؤولية هذه التجاوزات بشكل غير مباشر، باعتبار ان المغامرة بالقفز الى اتهامه شخصياً، سوف تبدو قفزة في المجهول، لمعرفة المسربين ومن يقف وراءهم، بأن خصوم ريفي في المؤسسة وخارجها قبل أصدقائه، لا يتجرأون على الاقتراب منه بأي اتهام، بسبب سجله المعروف قبل ان يتسلم مسؤولية القيادة وخلالها وبعد التقاعد، فارتؤي، ان تقتصر الحملة عليه على التلميح بالتقصير، لا على المسؤولية المباشرة عن التجاوزات.

راقب اللواء ريفي بهدوء عملية التسريب المبرمج، اتصل بالمدير العام لقوى الامن اللواء بصبوص، وبرئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان، مشيداً بمحاسبة المتجاوزين، ومتمنياً في الوقت نفسه، الامتناع عن تحويل هذه القضية الى سيرك دعائي، سوف يؤدي اذا ما استمر الى ضرب العصب الاساسي للمؤسسة، والى تقويض هيبتها وسمعتها التي بنيت مدماكا مدماكاً، خصوصاً منذ العام 2005، والتي يكاد ما يحصل اليوم يشوه انجازاتها الكبرى، ويأخذ الصالح من الضباط والرتباء والعناصر وهم الاكثرية، “بعزا الطالح”، وهذا هو الظلم بعينه.

يشدد ريفي على ان المكان الطبيعي للمحاسبة هو داخل المؤسسة، وفي القضاء، وليس عبر وسائل الاعلام. البعض من هؤلاء الضباط الذين يحاسبون اليوم كانوا يقاطعون اجتماعات مجلس القيادة في فترة ما بعد العام 2005 ، لاسباب يعرفها الجميع، تلك المرحلة كانت حافلة بالتحديات والاخطار، والاغتيالات، تلك المرحلة التي اعلن ريفي منذ بدء توليه المسؤولية انها تشكل انتفاضة الارز الامنية، حيث قام ريفي وفور تسلمه القيادة بعملية اعادة توزيع شاملة للمواقع داخل المؤسسة حيث أقصى كل المحسوبين على الوصاية السورية، وأطلق بداية تأسيس شعبة المعلومات، وطلب من اللواء الشهيد وسام الحسن ان يكون على رأس الشعبة، وانطلقا معاً بمسيرة الانجازات الكبرى، التي بدأت بكشف قتلة الرئيس الحريري، واستمرت في ملف كشف الشبكات الاسرائيلية، ولم تنته الا بعد أن أصبح للبنان جهاز امني شهد له الجميع في الداخل والخارج، بالكفاءة والمناقبية والفعالية.

يتذكر اللواء ريفي دائما ما دار بينه وبين البطريرك مارنصرالله بطرس صفير في بدايات العام 2005. يومها زار ريفي بكركي، ووضع بطريرك الاستقلال في أجواء الطلب الكثيف للشباب المسيحي للتطوع في قوى الامن، فتساءل صفير عن السبب، هل هو الوضع الاقتصادي؟ اجاب ريفي البطريرك: لا ياصاحب الغبطة، هذه المشاركة ناتجة عن شعور المسيحيين كما المسلمين بأن المؤسسة تحررت من الوصاية، وان قرارها بات مرتبطاً بالقرار الوطني اللبناني.

هذه هي المرحلة التي عاشها اللواء ريفي واللواء الشهيد وسام الحسن والرائد الشهيد وسام عيد. من هذه المرحلة انطلق واليها يعود. يراقب ما يجري، ولديه الثقة بأن أحداً لا يستطيع أن يشوهها، مهما ابتكر من أساليب التذاكي، وآخرها (ما هو مستهجن) تعمد تسريب قضية محاسبة التجاوزات عبر وسائل الاعلام القريبة من “حزب الله”، التي لم تكف يوماً عن محاولة تهديم صورة قوى الأمن وشعبة المعلومات، في حين لم يسمح للمعنيين ان يردوا ببيان يقطع الطريق على محاولة ضرب صورة المؤسسة.

هي مرحلة من حياة اللواء ريفي انتجت حقائق لن تكفي اسطر قليلة للكتابة عنها. واذا كان “حزب الله” عجز عن طمسها، فإن أي من سيحاول تشويهها ستشوهه. فهي مرحلة تُحاكِم ولا تُحاكَم.