بدأ الذهب يستعيد مجده السابق ولو جزئياً، بعدما أضحى عاملاً رئيساً بين المواد الأولية بالنسبة إلى المستثمرين الدوليين. وعزا المحللون السويسريون احتلال الذهب المركز الأول عالمياً كسلعة تلقى إقبالاً استثمارياً لافتاً منذ مطلع العام الحالي، إلى اعتماد كل المصارف المركزية العالمية سياسة الفوائد السلبية، وبدء موجة التضخم المالي مجدداً في الولايات المتحدة، ما دفع الجميع إلى شراء الذهب.
وفي ما يتعلق بصناديق الاستثمار الأوروبية والسويسرية، يشير الخبراء في مصرف «يو بي أس»، إلى أن هذه الصناديق «اشترت هذه السنة 9.61 مليون أونصة ذهب ما يعادل وفق الأسعار الرسمية 11.8 بليون دولار كقيمة سوقية. علماً أن ما باعته العام الماضي وصل إلى 4.16 مليون أونصة. وشجعت الأحداث المتصلة بتراجع التوقعات حول انتعاش الاقتصاد العالمي، وتقلبات الأسواق المالية والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، المستثمرين الدوليين على الابتعاد عن كل الأخطار واختيار الذهب ملاذاً آمناً لهم. وهكذا، قفزت أسعار الذهب آلياً من دون اللجوء الى أي مضاربات في أسواقه. لكن من المحتمل أن يتغير الوضع في حال قرر الاحتياط الفيديرالي الأميركي رفع نسبة الفائدة اعتباراً من حزيران (يونيو) المقبل. ويُلاحظ بوضوح كيف ساعد الدولار الأميركي الضعيف في ارتفاع سعر الذهب.
ويلفت المحللون الماليون في مصرف «كريديه سويس»، إلى احتمال تراجع أسعار الذهب لكن في شكل غير فوري، لأن أي تقويم «نزولي» للتضخم المالي الأميركي يُعلن رسمياً، أو أي رفع لنسبة الفائدة الأميركية سيكون له دور في خفض أسعار الذهب. لكن يُستبعد حصول ذلك في النصف الأول من العام الحالي، إذ لا شك في أن رجوع المستثمرين إلى الذهب بعد انقطاع دام أكثر من سنة، اعتبرها الجميع خطوة لافتة، لأن سعر الأونصة لم يهو عن 1200 دولار، بل يتراوح بين 1230 و1240 دولاراً اليوم، على رغم تقلبات أسعار الأسهم والسندات وغياب الثقة في أسعار المواد النفطية.
وفي حال نجحت أسعار الذهب في الصمود بعد ذلك، ربما تخطط صناديق الاستثمار المحلية وأكثر من 60 في المئة منها تقف وراءها مصارف متوسطة وكبيرة الحجم، لشراء أكثر من 7.5 مليون أونصة في الربع الثالث من العام. وفي مطلق الأحوال، يُعتبر الذهب عاملاً بارزاً في مجال الاستثمار الدولي اليوم.