محمد حماد
كشفت هيئة السياحة الإيطالية عن نيتها وقف برامجها السياحية نهائيا في مصر حتى إزالة اللبس بشأن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، ما يشير إلى احتمال امتدادها لفترة أطول، وفق ما ذكرته صحيفة “فيتا” الإيطالية.
وبينما لم تعلق الحكومة المصرية على هذا القرار، يرى خبراء الاقتصاد أن الأمر لا يخلو من مجازفة سياسية حتى تمتص القاهرة غضب الإيطاليين والعمل على محاولة ثنيهم عن هذه الخطة التي قد تزيد من معاناة القطاع.
وتحتل السياحة الإيطالية مركزا متقدما في ترتيب السياحة الأجنبية الوافدة لمصر، ما يعني المزيد من الانهيار في القطاع خاصة بعد تأكيد الاتحاد الروسي للسياحة مؤخرا استمرار وقف الرحلات إلى البلاد، على خلفية اختطاف طائرة ركاب مصرية الأسبوع الماضي نحو قبرص.
وكانت الرحلات السياحية بين روسيا ومصر قد علقت بشكل كلي في أعقاب تفجير الطائرة الروسية فوق صحراء سيناء نهاية أكتوبر الماضي، ما أدى إلى مصرع جميع الركاب وطاقمها والبالغ عددهم 224 شخصا.
وفي محاولة لبعث الحياة مجددا في القطاع الذي تأثر كثيرا منذ 2011، كشفت وزارة السياحة عن خطتها لنمو حركة السياحة خلال العام الحالي من خلال أربع نقاط أساسية.
وتركز الوزارة على الأمن والسلامة لجميع المسافرين إلى مصر في المطارات والمناطق السياحية، وذلك بتوفير تجربة آمنة وممتعة لهم إضافة إلى ترسيخ مكانة مصر كمقصد سياحي قوي.
واقترحت تخصيص قرابة 32 مليون دولار، كموازنة إضافية لدعم الإجراءات الأمنية من كاميرات إضافية وتعزيز النقاط الأمنية، والعمل بشكل سريع لاستعادة ثقة السائح الأجنبي. كما طالبت بالتركيز على السياحة الثقافية إذ أنها تعد أحد العناصر الأساسية لجذب السائحين، لا سيما مع احتمال وجود اكتشافات أثرية جديدة تتعلق بمقبرة توت عنخ آمون، وهو ما يترقبه الكثيرون خلال الأشهر القليلة القادمة.
وبالإضافة إلى ذلك فإنها تعول على عمل اللجنة الوزارية التي يرأسها شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري، بهدف دعم النمو السياحي عبر حملات ترويجية قوية وواسعة الانتشار لإبراز تاريخ الحضارة المصرية والمواقع الأثرية الرائعة للعالم أجمع.
ورغم ذلك يشكك البعض من الخبراء في قدرة الحكومة على تحقيق تلك الإستراتيجية. وقال باسم حلقة عضو مجلس إدارة نقابة السياحيين لـ“العرب” إن “وضع الخطط أو رصد الميزانيات أمر يسير، إلا أن المطلوب هو تنفيذها على أرض الواقع”.
وأوضح أن الهدف من زيادة الإجراءات الأمنية هو منع الجريمة ومتابعة الوسائل الحديثة المستخدمة فيها، لكن البلاد لا تزال تفتقد إلى فن إدارة الأزمة، مشيرا إلى أن عودة السياحة الروسية والبريطانية مجددا تتطلب قرارا سياسيا من المسؤولين في تلك الدول.
وتعرض فندق “بيلا فيستا” بمدينة الغردقة لحادث سطو مسلح في وقت سابق وتضاربت التصريحات حول الحادث، حيث تم اعتباره حادثا إرهابيا، لكن بعد ساعات اكتشف أنه مجرد سطو إجرامي عارض.
وتسببت الواقعة التي أديرت بطريقة تفتقد للاحترافية في تصاعد المخاوف من المقصد السياحي المصري عموما، حيث ضاعفت من التشويش الأمني الذي يحيط بها.
ويعتقد حلقة أن السياحة الثقافية خارج اهتمامات وزارة السياحة وتعرضت لإهمال كبير من معالمها ولفترات طويلة، في حين أن مصر لديها منتج سياحي وثقافي وأثري لا يوجد في أي منطقة في العالم.
ويرى سيف العماري عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية أن خطة وزارة السياحة الجديدة بعيدة تماما عن الهدف الرئيسي.
وقال مفسرا تشاؤمه لـ“العرب” إن “الاستراتيجية لم تحدد الأسواق المستهدفة في ظل الهجوم الجماعي السلبي من دول كثيرة لا سيما دول الاتحاد الأوروبي على السياحة المصرية”.
وتستهدف وزارة السياحة إيرادات تصل لنحو 7 مليارات دولار خلال العام الحالي، غير أن التحديات التي يواجهها هذا القطاع يقلل من احتمال الوصول إلى هذا الهدف بعيد المنال.
ولخص معتز السيد نقيب المرشدين السياحيين السابق، مشكلة القطاع بقوله “إن الحل الوحيد لتعافي السياحة هو مدى الرضاء السياسي والأمني الغربي عن مصر”.
وكشف لـ“العرب” أن وزراء السياحة المتعاقبين في مصر منذ 2011 كرروا كلاما كثيرا عن تركيب كاميرات المراقبة، لكن هذا الأسلوب لم ينجح لأن المسؤولين يتحركون دائما بعد وقوع الأزمة.
وما يلفت الانتباه أن الاستراتيجية الحكومية لم تتطرق للسياحة العربية رغم تأكيد هشام زعزوع وزير السياحة السابق لـ“العرب” أن السياحة العربية تمثل نحو 15 بالمئة من السياحة الوافدة إلى مصر وأنه يتم التعويل عليها في تقليل حدة الأزمة.
وأعلنت وزارة السياحة في وقت سابق أن مكتب هيئة تنشيط السياحة في أبوظبي، سيكون المركز الرئيسي للترويج للسياحة المصرية في دول مجلس التعاون الخليجي بهدف جذب مواطنيها في مسعى لإنقاذ السياحة المصرية.
يذكر أن خسائر القطاع السياحي في مدينتي شرم الشيخ والغردقة خلال الأشهر الخمسة الماضية بلغت نحو 1.37 مليار دولار، بواقع 275 مليون دولار شهريا، بعد توقف السياحة الروسية لمصر.