أكد رئيس بلدية جبيل زياد حواط أن “لبنان ولأكثر من 10 سنوات يمر بأزمات سياسية متتالية وحادة، تنعكس سلبا على مجمل الحياة اليومية في الأمن والإقتصاد والتجارة، وفي التربية والصحة والأشغال، وفي المحاصصة في التعينات والترقيات والمناقلات وفي التعدي على الأملاك العامة البرية والبحرية والنهرية، وفي الدواء والإستشفاء وسلامة الغذاء، وفي سرقة المال العام، وفي نهب الثروات الطبيعية من كسارات ومرامل وأحراج، وفي الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، وفي انتهاك الحرمات والكرامات والحريات الشخصية، وفي الطائفية والمذهبية والزبائنية، وفي الهجرة والبطالة ومعدلات الفقر، وقد باتت مؤسسات الدولة الرسمية مشلولة متعثرة ومتوقفة، وبات لبنان في آخر مراتب الدول المتخلفة بحسب منظمة الأمم المتحدة”.
وأردف في افتتاح القصر البلدي في جبيل: “فلا رئيس للجمهورية في سدة الرئاسة، ولا مجلس النواب الذي مدد لنفسه يجتمع ليقوم بأبسط واجباته في التشريع والمراقبة والمحاسبة، ولا حكومة تتمكن من معالجة النفايات، وتحتاج الى أكثر من وسيط لتعقد جلساتها الأسبوعية، وكأنها تقول “سيري فعين الله ترعاك” ولولا عين الله الحارسة لوطن القديسين والنساك لعادت الفتنة تفتك بوحدتنا الوطنية وبالعيش المشترك، وتحولنا الى قبائل متصارعة، وقد عرفنا ويلات الحرب ودمارها وما زلنا ندفع أثمانها الباهظة”.
وتابع: “من قلب هذه الصورة السوداء انطلق مجلس بلدية جبيل بفريق عمل واحد موحد، كفوء، متجانس، متناغم، متعاون، متفان، قادر ومثابر، مجلس متضامن متكامل، ولاؤه الأول والأخير لمدينة جبيل، هدفه الأوحد خدمة المدينة والجبيليين. لا فضل لواحدنا على الآخر الا بما يبذله في سبيل جبيل. لا سياسة ولا طائفية ولا مصالح شخصية داخل المجلس البلدي، فهي من الممنوعات والمحرمات برضى الجميع، وتوافق الجميع، وارادة الجميع. ثم انصرفنا الى العمل، وبقينا على تواصل دائم مع الجبيليين، نستمع الى آرائهم ونصائحهم، لأن الحكم عندنا شورى. فلا تفرد، ولا تسلط، ولا استئثار، ولا استكبار. ما قلنا لا لأحد. سخرنا أنفسنا وطاقاتنا لخدمة الجميع من ضمن القوانين والأنظمة، ومن منطلق حاجات الجبيليين دون تمييز أو تفريق بين جبيلي وآخر، لأن الخدمة العامة بمفهومنا هي خدمة الناس، ومساعدة الناس، وإسعاد الناس، وكلما رأينا السعادة على وجه جبيلي فكأننا رأيناها على وجوه الناس أجمعين”.
وقال: “هكذا أحببناكم أيها الجبيليون، وهكذا عملنا من أجلكم. ما تنكرنا يوما لجميل، ولا أخفينا مكرمة من المكرمات. كان أصدقاؤنا وأصدقاء جبيل الكثر أسخياء بعطاءاتهم للمدينة، وكنا بدورنا أوفياء مع هؤلاء الأصدقاء… فلهم منا كل الحب، وكل الشكر، وكل التصفيق. ولكننا من جانبنا أيها السادة ما قصرنا في وضع علاقاتنا الشخصية، وصداقاتنا ومحبينا في خدمة جبيل سواء كانوا في الحكم والسلطة والوزارات والإدارات أم في قطاعات الإقتصاد والمصارف والثقافة والرياضة أم في جمعيات المجتمع المدني، أم في الأسلاك العسكرية والأمنية”.
وأكد أنه “في عملنا البلدي نؤمن بتواصل العمل وبالإستمرارية من السلف الى الخلف في عمل متواصل مترابط ومستمر”. وقال: “إن رؤساء وأعضاء المجالس البلدية الجبيلية المتعاقبة، من المجلس البلدي الأول إلى مجلسنا الحالي عملوا، كل واحد في عهده، وبقدر ما سمحت له الظروف والإمكانات فأعطوا جبيل وما بخلوا، وساهموا وما تقاعسوا، وجعلوا جبيل فوق كل اعتبار. فلهم منا جميعا كل احترام وتقدير ووفاء وعرفان بالجميل”.
وتوجه الى الجبيليين بالقول: “لقد وهبنا الله في جبيل منذ سكن فيها الإنسان الأول نعمة التعايش والتآخي بمحبة وسلام ووئام. فالعيش المشترك في جبيل هو عيش واحد في الشعائر الدينية، وفي المشاعر الوطنية، وهذا النموذج مؤتمن على حمايته والدفاع عنه، لتبقى جبيل كما عرفناها، ملتقى الحضارات ورمز السلام. لقد صارت جبيل اسما مذهبا على خريطة المدن العملاقة والمعروفة وطنيا وعربيا وعالميا. فنالت أسمى الألقاب، وحصدت أهم الجوائز، وتربعت على عرش السياحة العربية وسفيرة لبنان في المحافل العربية والدولية. فألف سلام لجبيل وألف تحية للجبيليين الأحباءالأوفياء”.
أضاف: “بهذه المناسبة المباركة أوصيكم بثلاثة وقد أوصاني بها والدي حليم وأنا على الوصية أمين، وهي أن تحبوا جبيل وتحافظوا على تاريخها وأهلها وسلامة العيش فيها. وأن يكون الإحترام المتبادل بين أبنائها منزها عن كل بغض وحقد وشماتة وأن تبقى الهوية الجبيلية هي التي تجمعنا ولو إختلفنا في السياسة والمصالح والمنافسة”.
وخاطب الشباب الجبيلي: “من جميل تعاليمنا الدينية وتقاليدنا الإجتماعية إكرام الوالدين والإعتراف بفضل السابقين. وسنة الحياة أعطت الشباب الدور والريادة. أعطتهم القيادة والنشاط. وإن العمل في الشأن العام هو سلسلة مترابطة الحلقات، فخذوا الزمام بأيديكم وأنتم على أبواب انتخابات بلدية واختيارية، فلا تتهاونوا ولا تتقاعسوا ولا ترموا المسؤولية على عاتق غيركم. أما نحن في جبيل فسنبقى مستمرين على النهج والأسلوب والقناعات التي مارسناها خلال الفترة السابقة ونعدكم ونعاهدكم بأن لا تهاون، ولا مساومة، ولا تنازل، ولا خضوع لأي مشروع آخر لا يصب في مصلحة المدينة وأهلها ولا يحافظ على الإنجازات والمكتسبات التي تحققت ولا يراعي التجانس والتكامل في الأفكار والرؤى لمدينة عريقة في التراث والحداثة، فلا خروج عن هذه الثوابت والقناعات، مهما كانت المغريات، ومهما كانت التحديات.”
وختم: “هذا الصرح البلدي هو البيت الكبير لكل الجبيليين على مختلف طوائفهم وانتماءاتهم وعائلاتهم على مختلف أعمارهم وثقافاتهم. هذا الصرح هو برلمان الشعب الجبيلي. يجتمعون فيه يتشاورون، يتناقشون ويقررون وينفذون كل عمل لمصلحة جبيل والجبيليين. القصر البلدي ستبقى أبوابه مفتوحة كما هي أبواب بيوتكم أمام الضيوف، وأبواب قلوبكم أمام المحبين. لن يقفل باب من أبوابه بوجه أي جبيلي. لن يقفل باب من أبوابه بوجه صاحب حق. هذا عهد علينا وإننا على العهد ثابتون وباقون”.