ميليسا لوكية
نجح الصناعيّون في رفع اسم لبنان عالياً من دون تردّد، وتالياً حجز مكانة مرموقة لكل ما يمكن أن يقدّمه من نكهات إلى الأسواق العالمية. فبعدما توصل إلى تقديم منتجات تحاكي المواصفات العالمية وتتّسم بالجودة، كان لا بدّ للقيمين على القطاع من المطالبة بثورة نوعية في المصانع لإنتاج سلع تتمتع بقدرة تنافسية في الخارج، وذلك في إطار توسيع رقعة وجودها وضمان ولوجها إلى أسواق جديدة.
نظّمت نقابة أصحاب الصناعات الغذائية على هامش معرض “أوريكا”، “اليوم الوطني للصناعات الغذائية”، برعاية وزير الصناعة حسين الحاج حسن وحضور وزيري الصحة العامة وائل أبو فاعور والبيئة محمد المشنوق، إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لتشجيع الإستثمارات “إيدال ” نبيل عيتاني، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميّل، رئيس النقابة أحمد حطيط وشخصيات.
وقد ركّز حطيط في كلمته على أنَّ المقومات الأساسية لاستمرار الصناعة اللبنانية وديمومتها، وخصوصاً الغذائية منها، تعتمد أساساً على المواد الأولية والخبرات الفنية ومواكبة التكنولوجيا والتقيّد بالمواصفات المحليّة والدوليّة، فيما لفت الجميل إلى أنَّ جمعية الصناعيين تُبدي اهتماماً بتطوير قدرات القطاعات الصناعية، وفي مقدمها الصناعات الغذائية.
وبما أنَّ الصناعيين تمكّنوا من تخطّي كلّ المعوّقات والنهوض بالقطاع، يرى الجميل أنَّ ذلك يُعتبر “نجاحاً ومشروع نجاح في حد ذاته”، مضيفاً لـ”النهار” على هامش اللقاء أنَّ المنتج اللبناني يلقى رواجاً واسعاً في الخارج، نظراً إلى الإقبال الكبير على المطبخ المحلي ووجود جاليات لبنانية تشكّل دعماً لإستهلاك هذه السلع. وقد بلغ حجم الصادرات الصناعية الغذائية نحو 522 مليون دولار من مجمل الصادرات الصناعية في العام 2015، بحسب الجميل الذي يشدّد على وجوب عدم الاكتفاء فقط بالأسواق التقليدية، بل التطلّع إلى الأسواق المتطلّبة، كإنكلترا الذي يبلغ حجمها مليار دولار تقريباً حيال الطلب على الحمص مثلاً. ودعا الى وضع برنامج لزيادرة الصادرات في غضون ثلاث سنوات وذلك عبر التعاون بين كل أهل القطاع، وتالياً وضع آلية تجمع القطاع الزراعي، المصرفي والجامعات لدعم التصنيع الزراعي. وعبّر الجميل عن إيمانه بأن الإستناد إلى نظرية تلبي حاجات الأسواق الخارجية كفيلة بعدم إفساح المجال أمام دول أخرى بأخذ مكان لبنان.
من جهتها، أدت المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات “إيدال” دوراً في الترويج للمنتجات والصناعات الغذائية، وفق رئيسها نبيل عيتاني، الذي يقول لـ”النهار” إنَّ هذه الأخيرة لجأت إلى برامج عدّة تخدم هذا الهدف، كان أهمها “Agromap” الذي يعتمد على المشاركة في المعارض الدولية المتخصصة في قطاع الصناعات.
ومن خلال هذا البرنامج، تضع “إيدال” نصب عينيها 3 معارض يتيح كل منها دخول سوق مختلفة، أوروبية، خليجية أو غيرها، معدّداً إيّاها كالآتي: معرض “Gulf Food” في دبي، “Sial” في فرنسا، “Anuga” في ألمانيا و”Fancy Food Show” في مدينة نيويورك الأميركية، بحسب عيتاني. وهنا، يشدّد على أنَّ المؤسسة تحضّ الصناعيين على المشاركة في هذه المعارض عبر دفع أجرة الأرض فيها، ليتمكّنوا من المشاركة وتعريف المستهلكين على المنتج اللبناني من جهة، والإطّلاع على آخر المستجدات والمعايير لتحسين صناعاتهم من جهة أخرى.
وتكمن أهمية قطاع الصناعات الغذائية، برأيه، في كونها تستحوذ على 23% من مجمل قيمة الصناعات اللبنانية، وأنَّ نسبة الصادرات تزيد بمعدّل 7% سنوياً، إضافة إلى أنَّه يوظف 20% تقريباً من مجموع الأشخاص العاملين في القطاع الصناعي.
وقد طرح الحاج حسن مشروعاً لتحقيق النمو وتكبير حجم الاقتصاد عبر إعطاء الصناعة المساهمة الفاعلة في تحقيق ذلك خلال السنوات العشر المقبلة، في مقابل سعي الدولة إلى زيادة الصادرات وخفض الواردات بناء على مسؤولياتها في توفير فرص العمل وخفض العجز في الموازنة وتكبير حجم الاقتصاد وزيادة النمو. وتطرّق إلى استيراد الألبان والأجبان، متسائلاً: “لماذا لا تبادر الدولة إلى المعاملة بالمثل مع الدول التي تمنع إدخال منتجاتنا إليها، فيما نستورد منها بمئات ملايين الدولارات؟ علماً أن فاتورة الاستيراد من الألبان والأجبان من أوروبا تبلغ نحو 600 مليون دولار سنوياً؟ لماذا نستورد الدواجن بينما الانتاج اللبناني فائض منها؟ لماذا نستورد البطاطا وننتج 350 الف طن سنوياً بما يؤمن حاجة الاستهلاك المحلي ويفيض؟”.
توازياً، لفت أبو فاعور إلى أنَّ “سلامة الغذاء مبدأ أساسي يجب مراعاته وأصبح الاهتمام أكبر بهذا المفهوم وبوسائل تطبيقه”. أضاف: “نشهد مرحلة من التكامل بين القطاعين العام والخاص. ويمكن القول ان منتجاتنا تحسّنت والرقابة بدأت تلقى التفهّم والتجاوب الإيجابي أكثر من قبل. وبعد حملة سلامة الغذاء، بتنا نركز اليوم اكثر على الحبوب والقمح. لذلك تتطلب المرحلة زيادة الحصانة وتفعيل وحماية القطاعات الانتاجية بحدود ما تسمح به الاتفاقات الدولية”.
أما المشنوق، فرأى أنَّ “المنتج الغذائي اللبناني يضاهي المنتجات العالمية حيال الجودة والمواصفات والتعبئة والتغليف والتوضيب والتسويق”، مناشداً الصناعيين أن يرتقوا بعملهم إلى الالتزام البيئي بالمستوى الذي اصبحوا عليه لناحية طرق التصنيع والانتاج والتسويق. وتطرق إلى مشروع وزارة البيئة، بالتنسيق مع وزارة الصناعة، لتقديم الدراسات البيئيّة لكل المصانع تمهيداً لمساعدتها في الحصول على القروض المعفيّة من الفوائد.