كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”: عاد قانون السير، الذي ترحّم عليه كثيرون، ليذكّر اللبنانيّين بأنه لهم في المرصاد. فلا التوسّلات، ولا المراكز الاجتماعية، ولا الحجج ولا الأعذار يمكنها ردع عناصر قوى الأمن من تحرير المخالفات، فهدف القانون في نهاية المطاف الحفاظ على سلامة المواطنين، وعناصر قوى الأمن الداخلي يقومون بواجباتهم. لكنّ اليوم الأمني الذي تُقيمه هذه المؤسسة كلّ فترة يبقى مقتصراً على اليوم نفسه لتعود الفوضى وتعمّ… حتى يأتي يومٌ أمنيٌ آخر، فهل كان يوم أمس خطوة جديدة في رحلة عودة قانون السير مجدّداً؟
بين بيروت، جبل لبنان، زحلة، صيدا، صور وطرابلس، انتشر عناصر قوى الأمن على الحواجز: لا تهاون في رصد المخالفات، خصوصاً أنَّ الإعلام يُواكب هذا اليوم منذ بدئه.
ردود فعل المواطنين تنوّعت، فالبعض رضَخ مستسلماً لواقع مخالفته، فيما عمَد البعض الآخر الى تقديم التبريرات المرفقة ببراهين، لينتهي الأمر مع أشخاصٍ وجدوا في الصراخ ورفض توقيع المخالفة سبيلاً للهروب منها.
لم يخلُ خطّ اليمين الذي اعتمده العناصر لاستدراج السيارات المخالفة ومساءلة أصحابها، من المركبات التي تنوّعت ما بين فخمة وأخرى عادية وصولاً الى تلك التي تخالف أدنى شروط السلامة.
أما المخالفات فقد اقتصرت على عدم وضع حزام الأمان واستعمال الهاتف وفي بعض الحالات على أوراق السيارة غير الشرعية، لكنَّ المفارقة أنّ ثمة مواطنين أوقفوا جانباً على رغم أنهم لم يُخالفوا ظاهرياً، إذ كانوا يضعون حزام الأمان، ولا يمسكون هواتفهم، وسياراتهم مطابقة لمعايير السلامة، فما الذي دعا الى الشك إذاً؟
في هذا الإطار، يوضح آمر مفرزة سير الجديدة الرائد روني قصّيفي لـ”الجمهورية” أنّ “العناصر الموجودين على الحواجز يوقفون السيارات التي يشكّون في احتمال مخالفتها، ونسعى إلى التدقيق في أكبر عدد ممكن من السيارات من دون أن نقصد أشخاصاً معيّنين دون سواهم، هذا عدا عن المخالفات الظاهرة كالحمولة الزائدة، أو أجهزة الإنارة، أو الزجاج الداكن، أو عدم وضع حزام الأمان، أو استعمال الهاتف”، مضيفاً: “في حال كان هناك إجحاف بحق المخالف أو كانت حجة مخالفته منطقية، يمكنه مراجعة القضاء الذي يحكم على أساس الأدلّة التي يقدمها، لأنّ العنصر لا يمكنه العدول عن المخالفة التي نظّمها بعد قيامه بها”.
ومن بين المواطنين الذين لم يتقبّلوا فكرة المخالفات، خصوصاً أنّ لبعضهم حججاً مقنعة، مواطنة صرخت قائلة: “اعتقدنا أنّ انتشار عناصر قوى الأمن ناتج عن وجود تفجير أو أمر طارئ، لنفاجأ بـ”اليوم الأمني” للحفاظ على سلامتنا، ألا يجدر بالدولة لملمة النفايات من الشوارع إذا كانت فعلاً مهتمة بسلامتنا؟”
أما عن سبب تعميم هذا اليوم إعلامياً، فيما يجب أن يكون مفاجئاً للمواطنين، فيؤكّد مصدر أمني لـ”الجمهورية” أنّ “هدف الحملة هو التوعية في الدرجة الأولى، وضبط المخالفات في الدرجة الثانية، وبالتالي إذا علم الناس بهذا الأمر والتزموا القانون، نكون قد حقّقنا هدفنا، إضافة الى تذكير المواطنين بأنّ عناصر قوى الأمن الداخلي ما زالوا يطبّقون القانون ويرصدون المخالفات”.
ويوضح: “لرصد المخالفات تكون هناك أيام مكثفة لتبقى الناس متيقظة، مثل اليوم الأمني الذي قمنا به، علماً أنّ هناك حواجز يومياً على كلّ الأراضي اللبنانية وفق الأعداد الطبيعية لعناصرنا، لكن ما يُميّز اليوم الأمني هو كثافة العناصر إذ نحجزهم جميعهم وهذا ما لا يمكننا فعله كلّ يوم”.
ويلفت المصدر الى أنه “يُعلن عن عدد من الحواجز أمام الإعلام فيما يبقى عددٌ منها سرّياً حيث يُفاجأ الناس به”، مضيفاً: “يهمنا أن تغطي وسائل الإعلام ما نقوم به من أجل توعية الناس، لأنّ هدفنا الحفاظ على سلامة المواطنين وليس تنظيم المحاضر في حقهم، إذ إنّ دور وسائل الإعلام أساسي في إعادة تسليط الضوء على القانون وأهمية تطبيقه”.
ويكشف المصدر أنّ “المشاهدات تؤكد انخفاضَ عدد المخالفات التي تُرصَد من خلال النظر، من حيث السرعة ووضع حزام الأمان وغيره، لكنها تعود لترتفع كلما ابتعدنا من قضاءي بيروت وجبل لبنان”، موضِحاً أنّ “عناصر قوى الأمن الداخلي يتفهّمون امتعاض بعض الناس من رصد مخالفاتهم، وفي هذه الحال كلّ ما يمكن للعناصر فعله هو اعتماد الهدوء في التعاطي مع الناس وإفهامهم أنّ الهدف الرئيس من القانون هو حمايتهم، وسنستمرّ في حواجزنا اليومية العادية، لتكون هناك أيام مكثفة من وقتٍ الى آخر”.
أما للذين يطالبون الدولة بحلحلة كلّ أماكن الفساد فيها لتطبق بعدها قانون السير، سؤال واضح: ألا يجب أن تبدأ الدولة من مكان معيّن؟ فليلتزم المواطنون قانون السير ولن يظلمهم أحد، فهم بذلك يحافظون على حياتهم قبل كلّ شيء، ألا تكفيهم طرق الموت يومياً في بلدهم ليزيدوا عليها طريقة يمكنهم تفاديها عبر احترام قانون السير؟