مي عبود أبي عقل
بعد الخطة الأولى التي وضعت في العام 1998 تعود الدولة اللبنانية الى الوراء 18 عاماً لتسلك المسار ذاته في معالجة النفايات المنزلية الصلبة، وتستبدل فقط مطمر الناعمة بمطمري برج حمود والكوستابرافا، وكأن العالم لم يتغيّر ولم يتطور العلم ولا مفهوم الادارة منذ ذلك الحين.
بعد افشال “مناقصات النفايات الصلبة على كامل الاراضي اللبنانية” التي اجريت في آب 2015 بحسب معايير عالمية وأسقطت بقدرة قادر نتيجة تلاعب مريب بالاسعار أدى الى تضخيمها وتالياً رفضها، يحضر “مجلس الانماء والاعمار” بناء على تكليف من مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 17/3/2016، دفاتر الشروط لاجراء 5 مناقصات جديدة لخدمات الكنس والجمع والنقل، والفرز والمعالجة، والطمر الصحي، وانشاء وتطوير معامل الفرز والمطامر الصحية والاعمال الهندسية اللازمة للانشاءات بما فيها الانشاءات البحرية، والدراسات والاشراف على الاعمال لمناطق بيروت الادارية وجبل لبنان ما عدا جبيل.
وفي معلومات مؤكدة لـ”النهار” ستكون هذه المناقصات، وخصوصاً التي تتعلق بالانشاءات البحرية، محصورة بين 5 شركات فقط، اختيرت بذريعة خبرتها وحجم اشغالها الكبير، وعرف منها: “معوض وإده”، و”بوتك”، و”جهاد العرب”، و”داني خوري”. وهذا ما يفسر الاتفاق على هذا الحل “البدائي” لأزمة النفايات بين مختلف الاطراف، بينما كان يكفي السير بخطة وزارة البيئة القائمة على انشاء مطامر صحية الى جانب معامل فرز ومعالجة في نحو 5 او 6 مناطق، يحددها خبراء بيئيّون، عوض خطط ردم البحر واقامة مكبات مركزية بدل العشوائية المنتشرة حالياً.
فبعدما اتخذ مجلس الوزراء المنعقد في 17/3/2016 القرار رقم 1 “وصحّح بموجبه القرار رقم 1 تاريخ 12/3/2016 المتعلق بمعالجة وضع النفايات المنزلية الصلبة”، واعتمد تدابير مؤقتة تقوم على معالجة 10% دائماً وطمر البقية كمرحلة انتقالية لمدة 4 سنوات على الأكثر، لحين انشاء معامل التفكك الحراري، طلب اجراء مناقصات:
1- لانشاء مركز مؤقت للطمر الصحي في برج حمود يتزامن مع معالجة ازالة جبل النفايات فيها، على أن لا يطمر فيه ما يزيد عن ما ينتج من فرز 1200 طن/يوم من النفايات. وهذا الأمر يقتضي انشاء حاجز بحري، وتأهيل جبل النفايات، وانشاء مطمر صحي في نقطتين، الاول بمساحة 145 ألف متر مربع والثاني 110 آلاف متر مربع. ووافقت بلديتا برج حمود والجديدة – سد البوشرية على المشروع بعدما خصص لهما مبلغ 25 مليون دولار لمشاريع انمائية في نطاق بلدية برج حمود، و25 مليون دولار اخرى لحل ازمة السير، توزع على 4 سنوات. كذلك ستستفيد من ازالة جبل النفايات واستثمار الاراضي التي ستنتج من ردم النفايات في نطاقها باستثناء الارض المخصصة لاقامة محطة تكرير المياه المبتذلة.
2- لانشاء مركز مؤقت للطمر الصحي في مصب نهر الغدير (كوستا برافا) على ان يتزامن مع معالجة الردميات قرب المصبّ. ولهذا ستجري مناقصة لانشاء حاجز بحري ومطمر بمساحة 160 ألف متر مربع. وتمت الموافقة على طلب بلدية الشويفات استثمار الاراضي التي ستنتج من ردم النفايات في نطاقها، على ان لا يكون هناك اي عائق لاقامة محطة تكرير المياه المبتذلة ومعمل لمعالجة النفايات على مصبّ النهر. وخصص مبلغ 25 مليون دولار لتغطية مشاريع انمائية في البلدات المحيطة بالمطمر.
3- من اجل تطوير معملي الكرنتينا والعمروسية للفرز والمعالجة، ومعمل الكورال للتسبيخ، وهي المعامل التي تشغلها شركة “سوكلين” حالياً.
4- للكنس والجمع لشركة أو شركات تحل محل “سوكلين” في بيروت وجبل لبنان ما عدا جبيل.
5- لعدد من الشركات للاشراف على كل هذه الاعمال.
ورغم كل الضجة والاحتجاجات والاعتصامات التي جرت، وانتشار النفايات بشكل مقزز في كل انحاء لبنان جراء اقفال مطمر الناعمة، عادت الحكومة والاطراف ذاتهم ووافقوا على اعادة فتحه مدة شهرين فقط، لاستيعاب النفايات التي تراكمت على مدى الأشهر الثمانية الاخيرة، ليصار بعدها الى اقفاله نهائياً، علماً ان خبراء دوليين زاروا المطمر قبل نحو شهرين وأكدوا انه يتمتع بمواصفات عالمية. واكد رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر انه لا يزال بامكان المطمر استيعاب مليون ونصف المليون طن من النفايات. اضافة الى ان البلديات المحيطة بالمطمر تستفيد منه منذ مدة في توفير الطاقة الكهربائية مجاناً.
ورغم رصد مبلغ 25 مليون دولار لتغطية مشاريع انمائية في البلدات المحيطة بمطمر قضاءي عاليه والشوف، الاّ انه لم يحدد بعد موقع مركز المعالجة والمطمر الصحي لهما، وتشير المعلومات الى ان نفاياتهما تنقل الى مطمر الناعمة.
والى حين اطلاق المناقصات والوقت الذي تتطلّبه، والانتهاء من هذه الاشغال، تكون نفايات بيروت وجبل لبنان، ما عدا جبيل، ترمى في “مكبّي” الناعمة والكوستابرافا. مع الاشارة الى أن مجلس الانماء والاعمار اطلق المرحلة الاولى من مناقصة معامل التفكك الحراري التي تقوم على التأهيل الاولي للشركات التي سيتم تصنيفها في المرحلة التالية للمشاركة في المناقصة النهائية لبناء المحارق الذي يتطلب 3 سنوات.