Site icon IMLebanon

تفاصيل جلسة سماحة ما قبل الأخيرة… والحكم اليوم!

 

كتبت ناتالي إقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

حتى اللحظة الأخيرة من بدء انعقاد جلسة المرافعة الخاصة بالمتّهم ميشال سماحة، كان شبح الإشاعات يطاردها كالنار في الهشيم. “سماحة ما بيِجي”، “الدفاع رَح يِفتعل مشكلة وتوقف الجلسة”، “العقوبة 8 سنوات”، “القرار سيَصدر فوراً بعد المرافعة”، وغيرها من التكهّنات والمزايدات. إلّا أنّ الواقع بدا غير ذلك، سلكت الجلسة مسارَها القانوني الطبيعي، وطبقاً لِما سبق وأكّده مصدر قضائي لـ”الجمهورية”: “مِن شبه المستحيل صدور الحكم في اليوم ذاته بعد المرافعة، نظراً إلى أنّه سيأتي معلّلاً”. لذا تتّجه الأنظار إلى ساعات صباح اليوم لانعقاد الجلسة وإصدار الحكم.

“إجر لقدّام و 10 لورا”، هكذا دخلت عائلة الموقوف ميشال سماحة أمس عتبة المحكمة العسكرية، قرابة العاشرة والربع صباحاً، لحضور الجلسة ما قبل الأخيرة، الخاصة بمطالعة ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بوسمره ومرافعة وكلاء الدفاع صخر الهاشم، شهيد الهاشم ورنا عازوري.

التدابير الأمنية في محيط المحكمة بدت روتينية في الظاهر، لا وجود للدفاع المدني ولا لتعزيزات أمنية، إنّما في الباطن العيون “10 – 10”، خصوصاً من على سطح المحكمة.

في الكواليس…

لم تغِب كلمة البراءة عن أحاديث العائلة قبل أن يدخل سماحة من الباب الجانبي للقاعة المؤدّي إلى قفص الاتّهام مباشرةً. أطلّ ببزّته الكحلية وربطةِ عنقه الزرقاء، بملامح لا تخلو من الارتباك، وكأنّه يُحصي أنفاسَه والأفكارُ تتزاحم في فكره، “بالكاد” أرخى ابتسامة سريعة خاطفة على الأهل والأقارب الذين وقفوا يُحيّونه. إستوى على كرسيّ في القفص ريثما افتُتحت الجلسة برئاسة القاضي طاني لطوف عند الحادية عشرة والنصف.

لطوف: بدّك تقول شي قبل ما نبَلّش بالطلب المقدّم؟ فنفى الهاشم. عندها باشَر لطوف قراءة ما تضمّنَته مذكّرة وكلاء الدفاع في 31/3/2016، والممهورة بتوقيع عازوري، ومفادُها طلب رجوع المحكمة عن ردّها لطلباتهم الثلاثة لجهة استدعاء الشهود: المخبر ميلاد الكفوري، خبير المتفجرات الذي كشف على المضبوطات، ومنظّمو محضر 20/7/2012. فكرّر لطوف ردّ المحكمة، بعد استطلاع النيابة العامة، وثبات موقفِها في رفض الطلبات مستنِداً إلى أصول المحاكمات الجزائية.

لم يكد ينهي لطوف تعليلَ الردّ، حتى بادرَ الهاشم إلى تسجيل ملاحظة، فخاطبَه لطوف الذي بدا طويلَ البال أكثر من أيّ جلسة مضَت: “خلال كِلّ الجلسات ما كِنت قوم عليك من دون حق”، مضيفاً: “كتافَك عراض قادِر تتحمّل”، وأفسَح له المجال لتدوين ما لديه.

فلفتَ الهاشم إلى “أنه خلافاً لِما ورَد في حيثيات القرار لجهة الاستماع إلى منظّمي المحضر ولجهة عدم اعتراضي في الجلسة الأخيرة على ذلك، أودّ التأكيد أنّني اعترضتُ على هذا القرار واستمهلت لتقديم مذكّرة لرجوع المحكمة عن ردّها بهذا الخصوص”.

إستثنائية بكلّ المقاييس…

وسط أجواء استثنائية خلت من التشنّج، أو رفعِ النبرة، على عكس الجلسات الماضية، سارت المرافعات على نحو “سلِسٍ”. بدايةً كانت مطالعة النيابة العامة، فاكتفى بوسمره بالقول: “في ضوء صدور الوقائع المسنَدة إلى المميّز نطلب تطبيق مواد الاتّهام وتوقيع العقوبة المنصوص عليها في تلك المواد”. وقبل إعطاء الكلام لوكلاء الدفاع، تمنّى لطوف أن لا تكون المرافعات سياسية، وإنّ المرحلة “ليست لتسجيل مواقف، فقد أمّنت كامل حقوق الدفاع”.

صخر الهاشم: قضية سماحة شغَلت اللبنانيين والإعلام ووصَلت إلى حدّ اتّهام بعض القضاة بالخيانة، والهدف منها كان إلهاء الرأي العام عن قضايا الفساد وشاحنات الأسلحة والسرقات، واستعمال المتّهم للولوج إلى السلطة السورية لأنّه كان على علاقة متقدّمة مع رأسها”.

وأشار إلى أنّه “في العام 2012 أعِدّ سيناريو توريط ميشال سماحة والأصحّ توريط النظام السوري في المحاكم الدولية من خلال عمل مخابراتي، فوُضِع جهاز تنصّت سرّي في سيارته وجرى تسجيل نحو 400 مكالمة هاتفية له للوصول إلى نقطة ضعفِه، وبالتالي تدريب ميلاد كفوري على كيفية استدراجه”، مؤكّداً أنّ سماحة لم يقُم إلّا بفِعل واحد “ناقِل متفجّرات أو transporter”.

وعلّقَ: “يلّي بدّو يعمِل جريمة كبيرة ما بحِطّ أكل وصبّار”، فأردفَ لطوف ممازحاً: “وإنت كمان بتاكل صبّار”. وبعدما طلبَ الهاشم من سماحة، الذي كان جالساً في قفص الاتّهام، الوقوف، دعا هيئة المحكمة إلى النظر في وجه سماحة… وممّا قاله: “مجرّد مثوله أمام المحكمة بعد إطلاق سراحه يثبت أنّه ليس إرهابياً”.

من جهته ركّز شهيد الهاشم على استدراج المتّهَم مِن قبَل الكفوري، مستعيناً بمجموعة أحكام صادرة عن محاكم لبنانية تشرَح ما هو مفهوم الاستدراج وما هي حدوده. وخلُصَ إلى طلب إبطال التعقّبات بحقّ المتّهم كون فعله جاء نتيجة استدراج مخبر أمني له، ولعدم توافر عناصر المحاولة.

ركّزَت عازوري على أنّ الكفوري لم يخلق مخطّطاً جرمياً إنّما خلقَ مشروعاً، فوقعَ سماحة ضحية استدراج ممنهج. فالكفوري هو من خلقَ المشروع الجرمي من أساسه. وتوقّفت مفنّدةً بتأنٍّ لافتات الجرائم المحال بها.

أمّا الكلمة الأخيرة فكانت لسماحة، وأبرز ما جاء فيها: “صحيح أنّني نقلت، استدرِجتُ فوقعت… لكن في حين أنا موقوف ويُتاجَر بقضيتي، يَخرج الداعشيّون من السجون، وتدخل إلى شمال لبنان آتيةً من ليبيا، باخرة “لطف الله 2” المحمّلة بالأسلحة، فيما أنا نقلت صندوق سيارة واحدة من المتفجّرات”… متمنّياً “الحكم بعيداً عن الجوّ الذي أُعيد خَلقه سياسياً وإعلامياً للضغط على المحكمة الموقّرة”.

في المحصّلة

قرابة الأولى والنصف، رَفعت المحكمة الجلسة وأبقَتها مفتوحة. وطبقاً للقانون، أوقِف سماحة إلى حين صدور القرار. وعلى هامش المرافعة، لا بدّ من تدوين بعض الملاحظات:

خَلت كلمة سماحة من أيّ استعطاف للمحكمة، فجاءت أقربَ إلى خطاب سياسي أو محاضرة استذكر فيها أيام كان يعتلي المنابر.

مرافعة صخر الهاشم التي لم تتجاوز ربع الساعة، توزّعت بين الخطاب الهجومي والتصريح السياسي. فهو هاجمَ مفوّض الحكومة الذي ميّز القرار والمحكمة الدائمة على رغم أنّ حكمها جاء متهاوناً في نظر الكثيرين. في المقابل تركَ لنجلِه شهيد التعبير القانوني. أمّا عازوري التي كانت لها الحصّة الأطول من وقت المرافعة، فقد خطفَت أنظار الهيئة التي بدت مصغيةً لأدقّ التفاصيل مدى نصف ساعة.

طُلب من الأقارب والمحامين والصحافيين مغادرة القاعة، فيما بقيَت زوجة سماحة وبناته الثلاث معه قبل أن يغادرنَ بعد الظهر ويُساق سماحة إلى نظارة العسكرية.

وفي السياق، أعربَ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن “ثقته بمحكمة التمييز، وأيّ حكم يصدر سيكون عادلاً، ولا علاقة له باستقالة الوزير أشرف ريفي، لأنّه ربَطها يومها بطلبه تحويل الملف إلى المجلس العدلي”.

حتى ساعات متأخّرة بدت المعلومات متضاربة حول موعد صدور الحكم النهائي بحقّ سماحة. وقد أكّد مصدر قضائي لـ”الجمهورية”، “أنّ المحكمة لم تصدِر الحكم في اليوم نفسه، والذي سيكون معللاً، إنّما قبل ظهر اليوم، وضمن ساعات العمل”. وليلاً علمت “الجمهورية” أنّ هيئة المحكمة واصَلت عملها حتى ساعات متأخّرة من الليل لتضع لمساتها الأخيرة على القرار.