توقفت أوساط مراقبة بحسب صحيفة “الأنباء” الكويتية عند الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبيروت في ١٦ و١٧ الجاري، والتي تتخللها لقاءات قد تقتصر على رئيسي المجلس والحكومة والبطريرك الراعي باعتباره رأس الكنيسة المارونية في لبنان والذي لابد من شموله بهذه اللقاءات في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية. فالاجتماع مع الراعي ينطوي على نكهة سياسية خاصة والرئيس الفرنسي أراد من هذا الاجتماع تأكيد الدور المسيحي الأول في المعادلة الداخلية.
وحول زيارة هولاند وما قد ينتج عنها خصوصا في الملف الرئاسي، ثمة وجهتا نظر:
٭ الأولى تعول على هذه الزيارة وتقول إن الزيارة، والتي سيتجاوز عبرها هولاند الاعتبارات البروتوكولية لعدم وجود رئيس للجمهورية، تحمل رسالة أساسية هي إعادة تأكيد الموقف الفرنسي الداعم للبنانيين في صمودهم أمام تداعيات الحرب السورية والعمل على تثبيت الاستقرار الداخلي خلال الأشهر المقبلة، ومنع تمدد اللهيب السوري الى لبنان انطلاقا من المظلة الدولية التي تحمي الوضع اللبناني الداخلي.
وانطلاقا من تجاوز الاعتبار البروتوكولي، فإن هولاند لن يأتي الى بيروت وجعبته خالية من أي حلول أو خريطة طريق يقدمها الى اللبنانيين، خصوصا أن باريس تدرك أن نجاح الزيارة مرتبط بأفق حل الفراغ الرئاسي وتفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب. وقد وضعت باريس من خلال تحديد موعد هذه الزيارة الوضع في لبنان ضمن أولوياتها وخصوصا بعد سلسلة زيارات لكل من الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية والأمين العام للأمم المتحدة، ووزير الخارجية البريطاني، بالإضافة الى زيارات متكررة لمسؤولين ايرانيين للبنان.
وثمة جانب ملموس بارز يتوقع أن يواكب زيارة هولاند وهو إعلانه من بيروت توافق فرنسا والسعودية على إبقاء صفقة الأسلحة الفرنسية التي جمدتها المملكة ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني في فرنسا، وعدم تخصيصها لأي جهة أخرى بما فيها الجيش السعودي لإعادة منحها للبنان في الوقت الملائم.
٭ الثانية متشائمة وتشير الى أن دوائر فرنسية ولبنانية نصحت دوائر قصر الإليزيه بأن يؤخر هولاند زيارته الى لبنان الى حين انتخاب رئيس جمهورية، خصوصا أنه لا يحمل معه حلا تنفيذيا للملف الرئاسي، وكذلك لكي لا تفسر زيارته وكأنها إشارة للتطبيع مع الشغور الرئاسي. واقترحت هذه الجهات على هولاند بأنه إذا كانت لديه مبادرة حقيقية فليدع القيادات اللبنانية الى فرنسا.
والمحاذير أمام الزيارة، وفق ما تقول هذه المصادر، تبقى في أنه لا أفق للملف الرئاسي في المدى المنظور، خصوصا في ظل تصاعد الرهانات من بعض الفرقاء على ما بات يصب في خانة النظام السوري، كانتصارات في ضوء مساعدته من روسيا على استعادة مدينة تدمر أخيرا، واحتمال أن يسعى الفرقاء الداعمون للنظام الى محاولة شد عصبهم على هذا الأساس، وهو ما قد يجعل صعبا على هولاند المساهمة في حلحلة الملف الرئاسي. ولن تبيع أي من السعودية أو إيران فرنسا ما قد تستطيعان بيعه لروسيا أو أميركا. وهو أمر قد لا يكون إيجابيا بالنسبة الى الرئيس الفرنسي، إذ يظهر التأثير الفرنسي في لبنان غير ذي أهمية، أو من دون أي فاعلية تذكر، في ظل حرص فرقاء ربما على الدفع في هذا الاتجاه نتيجة موقف فرنسا المتشدد والمعروف من نظام بشار الأسد.
الرئيس الفرنسي هولاند يمكنه المساعدة في انتخاب رئيس للبنان وفي توفير مساعدات للجيش، وفي إيجاد حلول ومعالجات لأزمة النازحين السوريين الى لبنان… ولكن رغم كل ذلك مازالت زيارته الى بيروت محاطة بشكوك في توقيتها وجدواها، ومازالت مرشحة للإلغاء لأسباب سياسية أو أمنية.