IMLebanon

الحسن: العراقيل المُفتعلة ستطيح بـ”المنطقة الاقتصادية” في طرابلس

raya-hassan

عزة الحاج حسن

في ظل غياب الاستقرار الجاذب للإستثمار في لبنان، وتردي حالة البنى التحتية بمستوياتها كلها، ونظراً إلى انعدام الإصلاحات البنيوية المؤسسة لبيئة حاضنة للأعمال، يصبح التخطيط لإقامة منطقة إقتصادية خاصة تتمتع بالمقومات المحفّزة للإستثمار “أمراً ملحاً”.

وبالرغم من الانتقادات التي تطاول مفهوم المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، والتحفظات التي ترافق التحفيزات المقدّمة لها، إلا أن إقامتها في مرحلة من “القحط” الإقتصادي والمالي يمكن أن يبعث الإزدهار في منطقة يبلغ الفقر فيها أرقاماً قياسية، وتعاني من شبه تعطّل استثماري.

والمنطقة الاقتصادية الخاصة هي حيّز جغرافي معين يتم تطويره وتحديثه وتجهيزه ببنى تحتية عصرية (كهرباء ومياه وانترنت و…) تترافق مع تأمين تحفيزات له بهدف اجتذاب استثمارات محلية وأجنبية بشكل تتفاعل فيه هذه المنطقة مع البلد لجهة تنشيط القطاعات الإقتصادية وتأمين فرص عمل بخلاف نظام المناطق الحرة، ويقاس نجاح المنطقة الإقتصادية المعنية بمدى تفاعلها مع البلد الموجودة فيه ومدى استخدامها الموارد الانتاجية والمواد الأولية والبشرية فيه.

للخوض أكثر في ظروف تأسيس المنطقة الإقتصادية الخاصة بطرابلس وأهميتها في الوقت الراهن والأسباب التي تقف وراء تأخير خروج المشروع إلى النور، التقت “المدن” رئيسة الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس الوزير السابقة ريا الحسن، وهنا نص الحوار:

*الى أي مدى يمكن أن تلعب المنطقة الإقتصادية الخاصة دوراً في تحريك العجلة الإقتصادية في طرابلس ولبنان عموماً؟

الهدف الأول والأهم هو تحريك العجلة الاقتصادية، ومن المُرتقب أن ينعش وجود منطقة إقتصادية خاصة مدينة طرابلس ومنطقة الشمال ولبنان عموماً. وفي حال لم يحصل ذلك تكون المنطقة الإقتصادية قد فشلت في تحقيق أهدافها المرجوة، إذ إن المقصود هو استخدام الموارد الإنتاجية والأولية والبشرية والتنشيط الإقتصادي والتخفيف من البطالة ومن مستويات الفقر. وهذا هو التحدي الأكبر، بالإضافة إلى واجبها في تهيئة الإقتصاد المحلي لتمكنه من مواكبة الشركات التي من المفترض أن تدخل المنطقة الإقتصادية الخاصة.

*لماذا تم اختيار طرابلس؟
إن المؤشرات الإقتصادية والاجتماعية لطرابلس قدّمتها على سواها من المناطق لتستضيف منطقة إقتصادية خاصة. فطرابلس هي المنطقة الأكثر احتواء للفقر، والمنطقة الإقتصادية ستعيد إليها نشاطها الإقتصادي، والأهم من ذلك هو أن موقع طرابلس استراتيجي بالنسبة إلى نجاح منطقة إقتصادية. فالمدينة بعيدة 20 كلم عن الحدود السورية وتحوي مرفأ هو ثاني أكبر مرافئ المنطقة، وهو قريب جغرافياً من المنطقة الإقتصادية. كذلك، إن طرابلس ستنشئ سكة حديد تربطها مع الداخل السوري. من هنا تشكل طرابلس أرضاً خصبة ومناسبة جداً لقيام منطقة إقتصادية خاصة ترتبط بدول المنطقة بمعابر عديدة ما يسهل عمل الشركات المستثمرة.

*متى برأيك سترى “المنطقة الاقتصدية” النور؟

لا يمكن تقدير الوقت، إذ استغرق تشكيل مجلس الإدارة أكثر من 7 سنوات، والارض التي منحنها مجلس الوزراء هي أرض بحرية، أي إنها تحتاج إلى ردم قبل قيام المشروع. وقد تم تلزيمها من جانب مجلس الإنماء والاعمار إلى إحدى الشركات الخاصة.

ومن المؤكد أن عملية ردم البحر ستؤخر المشروع لنحو سنتين، وبالتالي فإن إفتتاح المنطقة ليس قريباً، وهي بالاجمال مشاريع متوسطة وبعيدة المدى، وإنطلاقاً من تأخر المشروع وعملية الردم وتحضير الأرض، باشرنا البحث في امكانية تطوير قطعة أرض أخرى (كمعرض طرابلس الدولي) بشكل مؤقت، تتمتع ببنى تحتية جاهزة، ونباشر العمل من خلالها ونبدأ استقطاب استثمارات وشركات تجارية غير صناعية، ريثما تصبح الأرض البحرية جاهزة.

*هل تعتقدين أن الصعوبات التي تواجه إقامة المشروع تأتي في خانة “العراقيل المُفتعلة”؟ وما السبب؟

نعم، هي من دون شك عراقيل، ويمكن أن تكون مُفتعلة، بدليل أن السنوات التي ضاعت لتعيين مجلس إدارة كان يمكن أن تُستغل لردم الأرض المرصودة لإقامة المشروع، أي أرض البحر. ولو حصل ذلك لكنا وفرنا كثيراً من الوقت، ولاسيما أن في طرابلس إمكانات واعدة غير مُستغلة. وهذا الوقت هو الأكثر ملائمة لاستثمارها في تنشيط وتفعيل اقتصاد المنطقة.

وتنسحب العراقيل إلى العديد من الأمور، كالموازنة على سبيل المثال. فموازنة المنطقة الإقتصادية الخاصة بطرابلس لم تُحل إلينا حتى اللحظة، ونحن ندفع من حسابنا الخاص، تكاليف المكاتب والتجهيزات والمستلزمات المكتبية ودراساتنا وغيرها من حاجاتنا، ومن المعيب أن تُقر إقامة المنطقة الإقتصادية الخاصة بطرابلس دون تحرير ليرة واحدة من موازنتا البالغة 5 مليارات ليرة.

وليس هناك سبب مُعلن، فقد راجعنا المعنيين مئات المرات منذ 9 أشهر، ولم نحصل على إجابة واضحة. وبصراحة، لا مبرر إطلاقاً لحرماننا موازنتنا، ولا يمكننا الاستعانة بأي خبرات لأسباب مادية، ولا يمكننا توظيف أي شخص من دون العودة إلى مجلس الوزراء. وهذا أمر يُضاف إلى سلة العراقيل الموضوعة أمامنا من جانب الادارة العامة. ومما لاشك فيه أن غالبية العراقيل مقصودة.

*أمام هذا الواقع هل مازالت هناك مقومات لنجاح المشروع؟

على الورق، نعم هناك كثير من المقومات لنجاحة، في حال تلقيت التعاون والمساعدة والدعم من الدولة، ولكن في ظل هذه العراقيل الموضوعة أمامنا بالنسبة إلى التوظيف والصرف والعمل بشكل عام، يصبح السير بالمشروع صعباً جداً. وهنا يمكن القول: إذا بقي الوضع على ما هو عليه لجهة العرقلة يمكن الاطاحة بالمشروع بأكمله.
فالقانون صدر عام 2008، ومازال البعض يناضل لإخضاع هيئة المنطقة الإقتصادية الخاصة إلى مجلس الخدمة المدنية، وما زالوا في الدولة يتصرفون بذهنية قديمة جداً لا يمكن أن تتيح لنا التطور، وما زالوا حتى اليوم يتواصلون معي من وزارة المال لطرح أسئلة عن تفاصيل في موازنة المشروع لا يحق لهم التدخل فيها، وهي تفاصيل خاصة بطبيعة العمل.

*في حال أُنجز المشروع، إلى أي مدى سيلعب وجود “منطقة إقتصادية” دوراً في عملية إعادة إعمار سوريا؟

يمكن للمنطقة الإقتصادية أن تلعب دوراً فاعلاً جداً في إعمار سوريا بحكم موقعها الاستراتيجي، كأن تستقطب صناعات خفيفة ومتوسطة الحجم يمكن أن تُستخدم في البناء لإعادة الإعمار. ونحن سنقدم العديد من التحفيزات (كالإعفاءات من ضربية الدخل والإعفاء من التعرفة الجمركية ومن TVA) التي يمكن أن تشجع الشركات العربية والأجنبية واللبنانية على دخول المنطقة الاقتصادية.