كتب وسام اسماعيل في صحيفة “النهار”:
تفتح اليوم أبواب الترشح للانتخابات البلدية والاختيارية، ومعها تبدأ التحضيرات لانتخابات بعلبك – الهرمل المقررة في 8 أيار المقبل ويغلب عليها الطابع العائلي. وبإجراء انتخابات 2016 تكون الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ الاستقلال، أجرت ست دورات انتخابية (الاولى عام 1952، الثانية عام 1963، الثالثة عام 1998، الرابعة عام 2004، الخامسة عام 2010 والسادسة 2016).
ويراوح عدد أعضاء المجالس البلديّة في بعلبك – الهرمل بين 9 و21 عضواً، تبعاً لعدد الأهالي المسجّلين في كلّ بلدية من البلديات الـ 71 التي تضمها المحافظة.
وشكّل تحديد المواعيد النهائية للانتخابات البلدية والاختيارية في بعلبك – الهرمل في 8 أيار مفاجأة لمعظم القوى السياسية والحزبية في المنطقة، بعدما ترددت معلومات وتوقعات كثيرة عن احتمال تأجيل هذه الانتخابات لمدة وجيزة.
وبما ان تنظيم المنافسة الانتخابية من أهم العوامل في نجاح الانتخابات فإن المارد الاقوى في محافظة بعلبك – الهرمل هو تحالف “حزب الله” وحركة “أمل”، وقد أطلقا العجلة الانتخابية وتحركت الماكينة الانتخابية لكل منهما. ويخوض هذا “المارد” كما في عام 2010 الانتخابات الاختيارية والبلدية في ظل تحالف كامل في البقاع انطلاقا من نتائج الانتخابات الأخيرة على قاعدة النسبية في توزيع المقاعد، فيحتفظ كل فريق بما حقق من نتائج ومواقع في الانتخابات السابقة، مع اعطاء الطرف الآخر حصة توازي ما حصل عليه من أصوات انتخابية.
وكانت ماكينة “حزب الله” تحضرت للانطلاق قبل عشرين يوما في لقاء جمع أركانها مع نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة “أمل”. وفي معلومات خاصة لـ”النهار” أن لا عقبات مستعصية حتى اليوم قد تواجه التحالف في قرى عانى فيها التحالف صعوبات سابقا كبلدة شعث، مع تأكيد الطرفين ان الاتفاق بينهما سيراعي دور العائلات والقوى الحزبية والمستقلة الأخرى، كما سيحرصان على اختيار الكفايات وأهل الاختصاص واعتماد قاعدة النسبة في الاتفاق، وذلك لتأكيد رغبتهما في القيام بعملية اصلاحية على صعيد العمل البلدي، وضرورة تعاون جميع الاطراف لمعالجة مشاكل البلاد والاتفاق على قواعد اصلاحية مشتركة.
وحتى الآن لا تزال الضبابية تلف أجواء عملية تشكيل اللوائح واختيار الاسماء، فغالبية العائلات التأمت مراراً من دون اتفاق وإجماع على مرشحيها مما جعل الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات وإن كان الجميع مقتنعين بالوصول الى لائحة ائتلافية تضم الاحزاب والعائلات والفاعليات البعلبكية.
وبات واضحاً طموح ماكينتي “أمل” و”حزب الله” بتوجيهات من القيادتين إلى إيصال أكبر عدد من المجالس البلدية بالتزكية، وهذا هو التحدي الأكبر. وخلال الانتخابات الماضية 2010 تمكن الطرفان من حصد 27 بلدية بالتزكية من أصل 60 بلدية عمل عليها التحالف الذي يشمل ايضا الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث و”الأحباش”.
وثمة غرفة عمليات خطوطها مفتوحة بين قيادات “الحزب” و”الحركة” لتطويق اي حادث يمكن أن يحصل، خصوصا اذا كان على صلة بالانتخابات العائلية التي تتجه من اليوم الى أن ترشح كل عائلة ممثليها، وتبقى رسائل الاطمئنان من الطرفين الى العائلات محل ترقب، مع التشديد على عدم وقوع نزاعات بين العائلات وضرورة الرجوع الى القول “آلة الرياسة (السياسة) سعة الصدر”.
أما ظهور اللوائح وطرح الاسماء وجوجلة المرشحين فلا تزال مبكرة وبعيدة عن التشنجات السياسية على رغم دخول عنصر الوساطات على الخط، سعياً إلى ائتلافات.
كذلك لم يبدأ حتى الساعة الاعلان عن برامج الجهات المرشحة وحملاتها ومواقفها الانتخابية والسياسية التي ترغب في أن تتوجه بها الى الناخبين، بينما شددت ماكينة “المارد” على التزام الامتناع عن التشهير والتجريح بأي من اللوائح او المرشحين وعدم بث كل ما يتضمن اثارة للنعرات من اي نوع طوال الحملة الانتخابية.
ويلعب الاتفاق الانتخابي دوراً كبيراً في مجرى الانتخابات في ظل الثقافة الانتخابية السائدة في المنطقة لدى كل من المرشح والناخب، وفي ظل وجود قوى مستقلة تسعى الى فرض وجهة نظرها في الواقع البلدي. وبما ان الكوتا هي اجراء مرحلي يرمي الى كسر الطابع الذكوري في ممارسة السياسة والسلطة، والى تمكين المرأة من المشاركة في الحياة السياسية، فمن المتوقع ترشح عدد من النساء هذه المرة، خلافاً للدورات السابقة التي ظلت فيها نسبة تمثيل النساء في المجالس البلدية والاختيارية ضعيفة جدا ولا تتعدى الـ 0,1 في المئة.
وبالنسبة الى منهجية الدعاية والاعلان، فإن السلطات المحلية الادارية في بعلبك والهرمل وكل بلدة تتولى تحديد الأماكن المخصصة لتعليق الصور والاعلانات ولصقها طوال فترة الحملة الانتخابية.
وستكون لائحة “تحالف المارد” في مدينة بعلبك مطعمة من كل الطوائف والمذاهب. أما مدينة الهرمل فالصورة فيها واضحة جداً وتحالف “الحزب” و”الحركة” هو المسيطر تماماً ولا يتوقع أي خرق للائحته التي ستكون مكتملة ومطعمة بأفراد من العائلات والعشائر.
وأكثر بلدة تشهد تحضيرات على نار حامية هي بريتال حيث لا سكة لقطار الحل فيها حتى اليوم، ومفاجأة هذا العام تتمثل بنية خوض “حزب الله” الانتخابات البلدية فيها بعدما كان تجنبها كثيرا خلال الانتخابات السابقة، تاركاً الخيار فيها للعائلات ولرمزيتها السياسية، الأمين العام السابق لـ”حزب الله” الشيخ صبحي الطفيلي. وتسجل تحركات نشطة وغير معلنة حتى اليوم ضمن العائلات التي تتكون منها البلدة ومع “الحزب” الذي يحاول كسب اشخاص أقوى لتكوين لائحة قوية منافسة للائحة الأساسية المواجهة، والتي يتوقع ان يرئسها رئيس البلدية الحالي عباس زكي اسماعيل المدعوم من الشيخ الطفيلي، ناهيك بقوة اسماعيل داخل البلدة نتيجة لمنجزات انمائية مهمة تسجل له خلال السنوات التي أمضاها رئيسا للمجلس منذ العام 2004 وخدمات يقدمها إلى الأهالي.
ويرى المراقبون في دخول “حزب الله” الى جانب حلفائه الانتخابات في بلدة بريتال قراراً جدياً وخصوصا بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها الأمين العام السابق حول سلوك “حزب الله” وقتاله في سوريا مما يعني أن الحزب في حال دخل انتخابات بريتال يريد توجيه رسالة إلى الطفيلي في عقر داره، وبذلك ستشهد بريتال أم المعارك وأكبرها في المحافظة.
اما انتخابات المختارين فسوف تترك للعائلات والاعتبارات المحلية خارج سياق الاتفاق.