أنشأ مصرف لبنان وحدة إدارية مستقلة لديه سمّيت «وحدة الامتثال». وظيفة هذه الوحدة تكمن في مراقبة امتثال مصرف لبنان للقوانين والأنظمة، وتحديداً المفروضة من الخارج، وكذلك امتثال المصارف والمؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان لهذه القوانين والأنظمة
محمد وهبة
في 3 شباط 2016 صدر قرار عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يقضي بإنشاء «وحدة امتثال» لدى مصرف لبنان. القرار الذي حمل الرقم 12183 استند إلى المادة 26 من قانون النقد والتسليف، التي تمنح الحاكم صلاحيات واسعة في إدارة مصرف لبنان وتنظيم دوائره وتحديد مهماتها وتعيين الموظفين وإقالتهم.
وعُلّل إصدار القرار «بالتدابير الضرورية للتحوّط من المخاطر التي قد تنشأ في حال عدم الامتثال للقوانين والأنظمة حماية لسمعة مصرف لبنان وللقطاع المصرفي».
وينصّ القرار على أن تتألف هذه الوحدة، الملحقة بالحاكم مباشرة، من مصلحتين؛ الأولى اسمها امتثال مصرف لبنان للقوانين والانظمة، ووظيفتها مراقبة عمليات المصرف مع الغير، لا سيما عمليات المقاصة والتسوية وسندات الخزينة، والتحاويل التي تقوم بها المصارف من خلال مصرف لبنان، وتحديد وتقييم حالات عدم امتثال محتملة، وخصوصاً الامتثال لقوانين وأنظمة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب. وإضافة إلى أعمال المتابعة والتقييم والتوعية الداخلية وإعداد لوائح الاسماء المفروضة عليها عقوبات محلية أو دولية، فإن هذه المصلحة تستحدث برامج معلوماتية لمراقبة العمليات المشتبه فيها.
أما المصلحة الثانية، فهي معنية بامتثال المصارف والمؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان للقوانين والانظمة، فلديها وظيفة أساسية تتعلق بنشر ثقافة الامتثال، والتواصل مع دوائر الامتثال لدى المصارف والمؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان، والتأكد من امتثال المصارف.
ومنحت وحدة الامتثال صلاحيات تتعلق بمتابعة التطورات العالمية المتعلقة بالامتثال ورسم استراتيجية مصرف لبنان في هذا المجال، واقتراح مشاريع قوانين وأنظمة وتعليمات وتوصيات متعلقة بالامتثال.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن إنشاء هذه الوحدة كان مطروحاً في مصرف لبنان منذ أكثر من سنة ونصف، وخصوصاً أن المجلس المركزي لمصرف لبنان كان قد أقرّ في 19 كانون الثاني 2013 تعميماً أساسياً رقمه 128 ويفرض على المصارف إنشاء دوائر امتثال تقسم إلى قسمين: الأول يتعلق بإنشاء وحدات الامتثال القانوني التي «تقوم باستشعار المخاطر القانونية والتحوط لها واتخاذ التدابير اللازمة للإحاطة بهذه المخاطر والحدّ منها»، والثاني بإنشاء «وحدة التحقق» التي أنيط بها «تطبيق الإجراءات والقوانين والانظمة المرعية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب المحدّدة مهامها ضمن القرار الأساسي 7818».
وقد جاء قرار سلامة في سياق مجموعة من الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان لإبعاد كأس العقوبات الدولية عن القطاع المصرفي، ولا سيما بعد الضغوط الأميركية التي تلت الاتهامات الأميركية للبنك اللبناني الكندي بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال، إذ إن المصارف اللبنانية باتت منذ تلك اللحظة مكشوفة أمام هذه الضغوط التي استمرّت لاحقاً مع ظهور التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وسيطرتها على بعض منابع النفط وعلى مساحات زراعية واسعة…
تقول المصادر إن إنشاء وحدة الامتثال لدى مصرف لبنان لاقى ترحيباً في الاجتماعات التي عقدها نائب حاكم مصرف لبنان، محمد بعاصيري، مع بعض مسؤولي وزارة الخزانة الاميركية في نيويورك الأسبوع الماضي، لا بل إن بعض المسؤولين في وزارة الخزانة رأوا أنها تمثّل خطوة متقدمة ليست متوافرة لدى الكثير من المصارف المركزية حول العالم والمصارف المركزية العربية.