كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:
احتكر تيار المستقبل، طيلة السنوات الماضية، التمثيل السني في بيروت، وتربّع على عرش قوّة تجييرية قادرة على نسف أي منافس. منذ 2005، لا مكان في المدينة لأي تيار سني آخر، ولا لزعامة عائلية… إلا من أتى آل الحريري بقلبٍ سليم لينال الرضى والسلطة.
وإن كان حضوره، في الآونة الأخيرة، قد بات أقل بكثير من تمثيله. وربّما كان ذلك سبب “ارتخاء” ماكينته الإنتخابية على أبواب الإستحقاق الإنتخابي، وميله “المفاجئ” نحو تأليف لائحة ائتلافية توفّر عناء المعركة الإنتخابية وتكاليفها، وتحفظ له في الوقت نفسه سطوته البيروتية وسيطرته بما يحول دون طموحات الطامحين من خارج السرب المستقبلي لدخول المجلس البلدي.
برغم ذلك، بدأت لوائح بيروتية “معارضة” تطل برأسها، وأخرى يجري الحديث عن قرب ولادتها. والبعض بدأ جولات، قد لا تكون مجدية، لـ”إعادة بيروت الى أهلها”. وفي انتظار الكلمة النهائية لـ”الشيخ سعد”، لم يضع تيار المستقبل أو حزب الله أو النائب وليد جنبلاط تصوراً لأي لوائح أو نواتها، ولا حسمت العائلات الكبيرة التي لا يستهان بدورها أمرها، إلا في ما ندر. داخل المستقبل، مثلاً، ظهر بداية أربعة مرشحين لرئاسة البلدية هم: بشير عيتاني، خالد شهاب، وليد كبّي، وبلال العلايلي. ومع تراجع حظوظ الأخيرَين لعدم تمتعهما بحيثية كبيرة، تنحصر المنافسة بين شهاب وعيتاني، علماً أن الأخير يشيع بأنه “مُرشّح الأمانة العامة لتيار المستقبل”، فيما تقلّص طموح المهندس هشام سنو من التربع على عرش الرئاسة، الى عضوية البلدية.
أما خارج التيار، فلم تُفضِ اللقاءات المتعددة، العائلية والحزبية والسياسية، إلى لائحة محددة بعد، وبقيت مجرد محاولات لإنشاء نواة: منها ما هو معارض للحريري، مثل حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” التي تقدّم نفسها كحركة مناهضة للنظام السياسي برمته لا الحريري وحده (أحد أبرز وجوهها البيروتية المرشحة لخوض الانتخابات البلدية الزميل ابراهيم الحلبي)؛ ومنها ما يطمح الى أن يتبنى الحريري إسماً منها، كتلك التي يرعاها سعد الدين الوزان وسعد الدين خالد ومحمد عاصي وأديب بيضون، إذ لم يُعرف عن هؤلاء رغبتهم في العمل ضد الحريري.
وفي انتظار أن يحسم رئيس تيار المستقبل أمره، عقد الوزان لقاءات مع روابط وعائلات تحت عنوان “بيروت تجمعنا” ضمت إلى جانب خالد وعاصي وبيضون، كلا من نزار القاضي ومحمد الكردي وإسماعيل كلش وعبد الرحمن البابا. وتحدّثت المعلومات عن محاولة عقد إجتماع قريب سيضم هؤلاء مع حركة “بيروت مدينتي” لدرس إمكانية الوصول إلى تركيبة موحّدة تضم أسماء من مختلف الطوائف، يمكن أن تتمثل بعضو أو اثنين بالتوافق مع الحريري، أو قد تتمكن من خرق اللائحة الإئتلافية.
وإلى هؤلاء، ثمّة من يلعب على خط آخر وقد ضمن رئاسة البلدية في جيبه. فعضو المكتب السياسي لتيار المستقبل رولا العجوز لا توفّر مناسبة إلا تؤكد فيها أن الحريري يدعمها لرئاسة البلدية.
فيما علمت “الأخبار” أن الرئيس فؤاد السنيورة يحاول إطاحة كل الأسماء المرشحة لمصلحة إسم الوزير السابق خالد قباني. وتقول مصادر في التيار إن هذا الطرح “مدروس جداً”، أولاً لأنه “سيخرج المستقبل من الصورة النمطية لاختيار الأسماء”، وثانياً لأن “اسم قباني رنان وقادر على حرق أي اسم آخر ولا يمكن أحداً الإعتراض عليه”. وتؤكد المصادر أن “اسم قباني بقي قيد الكتمان خوفاً من احتراقه”!