رولا عطار
نطلاقاً من مبدأ التعويض عن أضرار الحرب الذي اتبعته الحكومة السورية بعد مضي السنة الأولى من عمر الأزمة، بدأت تتوجه نحو تعويض أسر شهداء الحرب، والحصة الأكبر كانت من نصيب أسر شهداء الجيش وجرحاه، على اعتبار أن هذا التعويض هو بمثابة تقدير لتضحياتها وتضحياتهم وكنوع من المساعدة والمساندة. وبالطبع، وجدت وزارات وجهات رسمية وغير رسمية فرصتها لتظهر أمكانياتها وتقدم مساعداتها وغالباً ما تكون الدعاية الإعلامية في هذا المجال أكبر بكثير مما تحصل عليه الأسر وإن كانت على حساب متضررين آخرين لم تلتفت إليهم أي جهة.
ومن بين المبادرات الكثيرة، “تميزت” شركة الاتصالات “سيريتل” المملوكة من قبل رجل الأعمال رامي مخلوف، منذ العام 2014، بتنفيذ برنامجها الخاص بمساعدة أكثر من 5 آلاف أسرة من أسر شهداء الجيش، شملت ألف طفل يشاركون في أسهم “سيرياتل”، حيث يحصل كل طفل على 25 سهماً تدار من جانب الوصي الشرعي. وتقوم “سيريتل” بتسليم الطفل المستفيد كامل أسهمه عند بلوغه 18عاماً لتكون عوناً له في تأمين مستقبله. أما بالنسبة إلى أرباح الأسهم السنوية، فيمكن للوصي الحصول عليها بعد مرور 3 سنوات. ويمكنه بيع 50% من الأسهم بعد مرور 5 سنوات. وبالتعاون مع “الاتحاد النسائي” تم تدريب ألف سيدة من أسر شهداء الجيش لتعليمهن العمل على ماكينة الخياطة. وفي نهاية الدورات التدريبية تحصل كل سيدة التزمت بالفترة التدريبية واجتازتها بنجاح على ماكينة خياطة مقدمة من “سيريتل” لتكون مصدر دخل لها ولأسرتها. سيستفيد ألف طالـب وطالبة من مصـروف شهـري لتساعدهم في متابعة تحصيلهم العلمي حتى إتمام دراستهم الجامعية. ومنحت “سيرياتل” 10 طلاب متفوقين من أبناء شهداء الجيش منحاً جامعية.
ومن الضمانات التي يغدقها النظام تأمين الوظائف لمن يخدم 6 سنوات في الجيش، والوعد بتأمين شقة سكنية وغيرها من الأمور، كما يوضح لـ”المدن” الخبير الاقتصادي سمير سعيفان.
وتماشياً مع هذا التوجه بدأت بعض الوزارات إعداد برامج أو تقديم منح ودورات مجانية تعليمية في اختصاصات معينة لذوي الشهداء. وفي هذا المجال أطلقت وزارة السياحة خلال الشهر الحالي برنامج “دعم المهارات”، المجاني المخصص لتأمين فرص عمل لذوي الشهداء في القطاع السياحي والفندقي بغض النظر عن مؤهلاتهم، وتغطى تكاليف هذه الدورات من ضمن ميزانية المعاهد والمدارس الفندقية التابعة للوزارة. وستنفذ المراكز السياحية المرخصة من طريق وزارة السياحة دورات لذوي الشهداء، بحسب ما يقوله لـ”المدن” مدير الشؤون التعليمية في وزارة السياحة فيصل نجاتي.
من جهة أخرى تواصل وزارة الكهرباء منذ الشهر الخامس من العام 2015 بتطبيق ما سمي “بمكرمة السيد رئيس الجمهورية”، والمكرمة عبارة عن تغذية منازل ذوي الشهداء (الزوجة، الأب والأم) مجاناً بالكهرباء، من خلال تزويد أي مشترك جديد من ذوي الشهداء بعداد كهربائي مجاناً دون أي تكاليف مادية. ولا تتم الاستفادة منها إلا لمرة واحدة فقط، حيث يتقدم طالبوا الاشتراك من الشركة العامة للكهرباء في المحافظة المعنية، مرفقة بالأوراق الثبوتية اللازمة ومعها وثيقة الاستشهاد، لتقوم الشركة بالتدقيق من عدم استفادة طالب الاشتراك سابقاً من هذه المنحة ومتابعة الإجراءات اللازمة. ووصل عدد المستفيدين في كل من محافظات اللاذقية وطرطوس وحماه وحمص إلى نحو 1300 عائلة شهيد وبتكاليف تجاوزت مئة مليون ليرة (نحو 185 ألف دولار). وتلحظ هنا القيمة المالية الكبيرة المترتبة على تطبيق المنحة المجانية، علماً أن وزارة الكهرباء تكرر بإستمرار الحديث عن حجم الأضرار التي يتعرض لها القطاع الكهربائي نتيجة ما تصفه بالإعتداءات الإرهابية على الشبكة، إلى جانب الزيادة المتكررة التي تقوم بها على أسعار الكهرباء والتي يتحملها السوريون الذين يعانون من ساعات تقنين طويلة كلفتهم كثيراً.
أما المصارف فوجدت أنه من المناسب استصدار مرسوم تشريعي يُعفى من خلاله الشهداء من الفوائد العقدية والتأخيرية والغرامات وأي نفقات أخرى من رسوم وضرائب غير مسددة في حال كانت كتلة الدين لا تتجاوز ثلاثة ملايين ليرة (نحو 5555 دولار) وإسقاط الكفالة عن الشهيد. ويساهم ذلك في تخفيف الأعباء عن أسر الشهداء وورثتهم وزيادة قدراتهم على سداد الذمم المترتبة عليهم من خلال جدولة أرصدة القروض دون فوائد. ما ينعكس إيجاباً على المصارف المانحة هذه القروض، على أن تتحمل الخزينة المركزية سداد المبالغ التي سيتم الاعفاء منها. ولا يزال هذا المقترح قيد الدراسة في انتظار إقراره من مصرف سورية المركزي، بعدما وضعت المصارف العامة ملاحظاتها المتعلقة به.
في المقابل، فإن المتضررين من المدنيين لم تشملهم مثل هذه القرارات، وفق ما تقوله لـ”المدن” نادية فرح (موظفة في مصرف حكومي). فمنذ “سنتين، اختفى زوجي الذي يعمل معي في المصرف، وكان قبل ذلك سحب قرضاً بضمانة الراتب، وعلى الرغم من علم المصرف بظروفي ما زال حتى اليوم يقتطع الأقساط من راتبي”.