كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
تبدأ اليوم في اسطنبول الاجتماعات التحضيرية لأعمال القمة الإسلامية، التي سيشارك فيها ملوك ورؤساء الدول الإسلامية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وستكون في مقدمة مواضيع البحث تطورات الوضع في المنطقة ومكافحة الإرهاب. وتجري مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء للخروج ببيان ختامي واضح يحوي رسائل سياسية متعددة.
وأفادت مصادر ديبلوماسية معنية، أن البيان سيتضمن إدانة للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، وهو الأمر الذي تطرحه المملكة العربية السعودية. والفقرات المتصلة بذلك شبيهة بما صدر عن اجتماع المنظمة في جدة، وعن جامعة الدول العربية. إنها إدانة أيضاً لهذا التدخل وزعزعة الاستقرار وبث الطائفية. ومن المقرر أن يُتخذ هذا الموقف على الرغم من الحضور الإيراني في القمة.
وأوضحت المصادر أن تركيا ستتسلم من مصر رئاسة القمة، وقد تأكد حضور وزير الخارجية المصري إلى اسطنبول حتى الآن، فيما حظوظ حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مرتفعة بنسبة 90 في المئة. وحضوره يعني بداية مرحلة جديدة وإيجابية من العلاقات المصرية التركية بناء على نتائج الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة أخيراً، والدور الذي يؤديه في هذا المجال، بحيث تكون القمة مناسبة لإيجاد تسوية بين الطرفين، ووضع حد للعلاقات المتوترة بينهما، وهذا أمر غير مستبعد، ما قد يؤدي الى حصول مفاجأة. ولكن إن لم يحصل ذلك، فسيعمل وزير خارجية مصر على تسليم الرئاسة للأتراك.
ولفتت المصادر إلى أنه لن تصدر عن القمة قرارات، إنما بيان، لا تزال المشاورات حوله قائمة على أعلى المستويات. ومع هذا البيان سيصدر قرار واحد يتعلق بفلسطين والقدس، من حيث الإصرار على مبدأ الأرض مقابل السلام، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ووقف الاستيطان، وعودة المهجرين الفلسطينيين إلى أراضيهم.
أما في البيان الختامي، فعدا عن إدانة التدخلات الإيرانية، هناك العمل لمكافحة الإرهاب، ومعالجة موضوع الخوف من الإسلام، واتخاذ موقف من الصراع الأرمني الأذربيجاني، والموضوع اليمني ودعم العملية السياسية، فضلاً عن السودان والعراق.
وأشارت المصادر الى أن دولاً إسلامية عدة ستعمل على السعي إلى ترطيب الجو المتلبد السائد بين الرياض وطهران، وتخفيف الاحتقان. فالمساعي واردة حسب مصادر ديبلوماسية، ولكن من المستبعد القبول السعودي بها، لأن ما يهم المملكة هو أن تلتزم إيران بأقوالها، وأن تتطابق مع أفعالها.
وسيندرج في البيان الختامي أيضاً ما يتصل بلبنان، إذ سيتم التضامن معه في صراعه مع إسرائيل، وإدانة انتهاكاتها للقرار 1701، والإشادة بالحوار الداخلي الحاصل والسياسة المتبعة بالنسبة إلى النأي بالنفس. وهناك فقرة متصلة بشكر القمة لكل دول الجوار على تقديم العون والمساعدة إلى اللاجئين السوريين، الى حين عودتهم إلى بلادهم.
وتوقعت المصادر أن يحصل في القمة تقدم ملموس في موقف لبنان، الأمر الذي يشكل بداية لتسهيل علاقاته مع دول الخليج، الذي يريد أن تكون المواقف التي ستُسجل على الورق في المناسبات السياسية العربية أو الإسلامية أو الدولية، متوافقة مع الموقف العربي. وبالتالي فإن أي اتجاه للموقف اللبناني بالنسبة إلى الخليج مبني على مواقف واضحة وليس على تصريحات كلامية، هو الذي سيعيد النظر في المواقف، ولكن ليس سريعاً إنما في مرحلة لاحقة. ولاحظت المصادر أن حدة الموقف الخليجي تجاه لبنان لم تزد، ولكنها لم تتراجع أيضاً. ويحاول لبنان من جهته إعادة العلاقات إلى مسارها، وسيلتزم قدر الإمكان بالإجماع العربي. فما حصل كبير جداً، والوقت مطلوب لاستعادة مسار العلاقات. وسيكون السفير اللبناني في أنقرة منصور عبدالله في عداد السفراء العرب الذين سيشاركون في استقبال الملك سلمان، على أن يلتحق بأعمال القمة لاحقاً، في حين أن السفير اللبناني لدى المملكة عبدالستار عيسى سيمثل لبنان في الاجتماعات التحضيرية للقمة على مستوى المندوبين، كون المملكة هي مقر منظمة التعاون الإسلامي، والتي تبدأ اليوم وتستمر حتى مساء غد الاثنين ويلتحق بالوفد اللبناني لاحقاً في أعمال القمة كافة. أما الاجتماع الثاني التحضيري للقمة فسيلتئم على مستوى وزراء الخارجية يومي 12 و13 نيسان الجاري، على أن تبدأ القمة في 14 الجاري وتستمر حتى 15 منه.
ويشارك في القمة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي يغادر بيروت الأربعاء مع الوفد الوزاري. ويسبقه اليها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لينضم الى اجتماعات وزراء الخارجية. ويعقد سلام وباسيل لقاءات ثنائية مع نظراء لهما على هامش أعمالها.