Site icon IMLebanon

عن “شياطين التفاصيل” في التفاهم العوني ـ القواتي

 

 

 

كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:

خالف «الثنائي الجديد»، أي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، توقعات كل خصومهما، وتمكّنا من وضع عناوين عريضة لتحالفهما البلدي ليكون أول اختبار جديّ لـ«اعلان النوايا» على الأرض. فقد صار واضحاً أنّ الحزبين حين قررا السير سوياً في مشوار ترئيس العماد ميشال عون، اتفقا في تلك اللحظة على تعميم تفاهمهما، وعدم حصره بالشق الرئاسي، وانما العمل على توسيع اطره، وتحديداً في الاستحقاقات المنتظرة، بلدياً ونيابياً.

بالمبدأ، صار بين «التيار الوطني الحر» و«القوات» أرضية مشتركة تسمح لهما بإمساك أيديهما ببعض، من دون أن يعني ذلك أنهما مضطران لإفلات أيدي حلفائهما، لا من جهة قوى «8 آذار» ولا من جهة قوى «14 آذار». افساح المجال أمام خطّ تماس يلتقي عنده المحوران، لا يلغي أبداً بقاء الخندقين متواجهين، وإن كان هذا الخط يهدد مع الوقت كل عمارة الاصطفاف السياسي القائم منذ العام 2005، ليس بفعل قيامه فقط وانما ربطاً بالمتغيّرات الداخلية على خلفية رئاسية.

ومع ذلك فإنّ خوض الاستحقاق النيابي بشكل مشترك، دونه صعوبات كثيرة لعل أبرزها مدى قدرة كل فريق على امساك العصا من الوسط، بين حليفه الجديد من جهة، وحلفائه القدامى من جهة أخرى، لمراعاة التوازن وعدم الإخلال بقواعده. وهذا الأمر يتطلب بشكل أساسي تجاوز الخطاب الاستقطابي الحاد لأنه سيكون غير مقبول لدى جمهور الحليف الجديد ليكون موجهاً الى جمهورين خصمين!

بهذا المعنى تصبح الانتخابات البلدية «نُزهة» مريحة للثنائي العوني ـ القواتي بفعل ابتعادها عن الحساسيات السياسية، خصوصاً وأنها تخاض على نار ملتهبة ولا يملك أي من القوى السياسية، أو حتى العائلية والمحلية، ترف الوقت كي يستجمع قواه ويخوض مواجهات شرسة. بالنتيجة، وحدهم «أمراء البلديات» هم الأكثر ارتياحاً من غيرهم وقدرة على التحرك، خصوصاً اذا كان المجلس البلدي محصّناً بتفاهم محلي أو ببعض الإنجازات التي تعطيه أفضلية على منافسيه.

ولما قرر «التيار الوطني الحر» و «القوات» اعتماد سياسة الأبواب المفتوحة التي تعني عدم اقفال اللوائح بوجه القوى الأخرى، سواء كانت من قماشة حزبية أو عائلية، فهذا يعني أنّ الثنائي نفض بذلك عنه عباءة المعارك السياسية التي اعتقد البعض أن المتحالفين سيركنان اليها لخوض الاستحقاق البلدي.. وأراح أعصابه من النتائج التي ستفرزها الصناديق في حال لم تكن لصالحه، وتخلى استطراداً عن الاستثمار السياسي في حال أعطته الأرض ما يريده.

هكذا، صار الحمل أخف، كما امكانية تشكيل موجة تأييد عارمة تأكل الأخضر واليابس، وذلك لمصلحة توسيع اطار التفاهمات، ليخرج الجميع منتصراً من معركة البلديات. ولكن هذا لم يمنع الثنائي المتفاهم من وضع عناوين تنفيذية لهذا التحالف يواجه بها التحديات التي راحت تلاعب شياطين التفاصيل، وأبرزها:

ـ وجود اختلافات كثيرة بين المعسكرين لأسباب عائلية او محلية لها علاقة بالمصالح الفئوية.

ـ ازدواجية الترشيحات، أي أن تكون من لون واحد ولكن ضمن لائحتين خصمتين.

ـ تغلّب العصب العائلي على ما عداه وتحديداً الحزبي والسياسي.

ولهذا من المستبعد حصول معارك سياسية الا في ما ندر من المدن الكبرى، بحيث يترك الهامش الأوسع للخصوصيات المحلية كي تقول كلمتها، مع ما يعني ذلك من قيام لوائح «موزاييكية» تجمع الأضداد ضمن قوائم واحدة.

ولهذا فإنّ أبرز العناوين المتفق عليها بين العونيين والقوات، كما يقول مؤيدو التفاهم، تنصّ على الآتي:

ـ تعميم التفاهم على كامل الخارطة البلدية ليكون له الأولوية، مع إفساح المجال للدور الإنمائي والعائلي وللخصوصيات المحلية.

ـ لن يكون التفاهم موجّهاً ضد أي فريق ثالث وتحديداً العائلات التي فيها من كل الألوان الحزبية والسياسية، ولكن منطق الاقطاع مرفوض. وبالتالي ليس مطروحاً الغاء اي فريق حتى لو كان خصماً شرط أن يكون تنموياً.

ولهذا فإنّ معيار النجاح وفق هؤلاء هو قيام مجالس بلدية فاعلة ضمن فريق عمل متجانس قادر على العمل لمدة ست سنوات، لتحلّ محل «مجالس الأعيان» ومجالس الكيدية السياسية. ولهذا لا فيتو على أي مجلس بلدي فاعل، حتى لو كان ذات لون سياسي غير متجانس مع الثنائي العوني ـ القواتي.

هكذا، تنشط حركة التنسيق اليومية بين الحليفين الجديدين تحديداً للمواقع التي يجوز فيها التغيير وتلك التي يفضّل إبقاء القديم فيها على قدمه، ما يعني برأي هؤلاء أنّ امكانية قيام لوائح انقلابية، تكاد تكون معدومة، لكن التغيير مطروح. ويقللون من أهمية الصعوبات والتحديات التي تواجه التحالف الثنائي لأنّ جميعها قابلة للحلحلة، حتى الترشيحات المزدوجة يفترض أن تسقط فور الاعلان الرسمي للوائح المدعومة من جانب «التيار» و«القوات» حيث سيعود كل فريق الى بيت الطاعة الحزبي، والا فإنّ الاجراءات التأديبية لن ترحمه.