اتخذ المجلس المركزي لمصرف لبنان في جلسته المنعقدة بتاريخ 23 آذار 2016، قراراً يمنع بموجبه إصدار وترويج البطاقات المسبقة الدفع (Prepaid Card) التي يمكن أن يستفاد منها في عمليات تبييض أموال وتمويل الإرهاب
محمد وهبة
راجت عملية إصدار وترويج “البطاقات المسبقة الدفع” في خلال السنوات الماضية، وصار يمكن شراؤها من نقاط البيع المختلفة خارج المصارف والمؤسسات المالية. هذا النوع من البطاقات استحوذ على حصّة أساسية من سوق بطاقات الائتمان، إذ تمثّل البطاقات المسبقة الدفع، بحسب إحصاءات مصرف لبنان، 21.1% من مجمل بطاقات الائتمان العاملة في لبنان في أيلول 2015، مقارنة مع 3% في نهاية عام 2011.
عدد البطاقات المسبقة الدفع كان يبلغ 51779 بطاقة في نهاية 2011، وارتفع في أيلول 2015 إلى 541077 بطاقة، أي بزيادة نسبتها 945%، مقارنة مع زيادة بنسبة 85% في مجمل البطاقات، وبالتالي حصدت البطاقات المسبقة الدفع حصّة أساسية من نموّ سوق البطاقات، وبدأت تستولي على حصص باقي أنواع بطاقات الائتمان، في ضوء توجهات السوق للاعتماد أكثر على الاتصالات الحديثة لشراء السلع عبر الإنترنت. وتظهر الإحصاءات أن 98% من البطاقات المسبقة الدفع محمولة من المقيمين في لبنان، فيما 2% فقط هي محمولة من غير المقيمين.
يمكن إعادة تعبئة البطاقات المسبقة الدفع في أي وقت يريده الزبون وبالمبلغ الذي يحدّده ومن دون أن يصرّح عن اسمه ولا عن عمله، ومن دون أن يقدّم أي معلومة عن هويته وأهداف استعمال البطاقة، علماً أن الهدف المعروف من شراء هذا النوع من بطاقات الائتمان هو استعمالها للشراء عبر الإنترنت، إذ يمكن تعبئتها بمبالغ صغيرة واستعمالها لمرّة واحدة للتخفيف من احتمالات قرصنة البطاقة وسرقة الأموال المودعة فيها.
عملياً، إن المصارف والمؤسسات المصدرة لبطاقات الائتمان، صارت تصدر مئات ألوف البطاقات المسبقة الدفع وتعرضها في عدد من نقاط البيع، سواء في المكتبات والمتاجر أو مؤسسات البريد أو غيرها. إصدار البطاقات المعبّأة كان يجري على أساس تصنيفات مختلفة لحاجات الزبائن، من 10 دولارات إلى 50 دولاراً وإلى 100 دولار وأكثر.
كل زبون يحصل على حاجته، أما إذا كان يريد تعبئتها بمبلغ معين ليس موجوداً ضمن البطاقات المصدرة أصلاً، فعليه أن يدوّن طلبه أو يقصد المصرف للحصول عليه. ولا تُفعَّل البطاقات المعروضة عند نقاط البيع إلا بعد شرائها، على أن يعود للزبون وحده قرار إعادة تعبئتها أو التخلص منها.
الزيادة الكبيرة والمطّردة في عدد البطاقات المسبقة الدفع منذ 2012 إلى اليوم، أي منذ اندلاع الأزمة السورية وارتفاع المخاوف من تبييض أموال الإرهاب في لبنان، أثارت الشكوك حول إمكانية استعمال البطاقات المسبقة الدفع لتبييض الأموال أو لتمويل عمليات إرهابية. فعلى سبيل المثال، يمكن أي شخص أن يشتري عدداً كبيراً من بطاقات الائتمان المسبقة الدفع من المكان المعروضة فيه من دون أي معلومة عن هويته ومكان عمله… وبالتالي يمكن أن تستعمل هذه البطاقات لتبييض مبالغ صغيرة نسبياً، على فترات طويلة. ويمكن استعمالها أيضاً في عمليات غير شرعية وبأهداف جرمية إرهابية. ويمكن حامل البطاقة أن يمنحها لأي شخص آخر، ويمكنه استعمالها في أي مكان في العالم وليس في لبنان حصراً… استعمالات هذه البطاقة وإمكانية المتاجرة فيها تخلق العديد من الثُّغَر في أنظمة مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب، ما اضطر مصرف لبنان إلى إصدار قرار رقمه 12220 يحظّر فيه على المصارف والمؤسسات المصدرة لبطاقات الائتمان والوفاء، إصدار أو ترويج بطاقات مسبقة الدفع (Prepaid Card).
وبحسب القرار المبني على مداولات المجلس المركزي لمصرف لبنان، بات على المصارف والمؤسسات المصدرة للبطاقات المسبقة الدفع «الامتناع عن إعادة تعبئتها بأي شكل من الأشكال، والعمل على اتخاذ الإجراءات لتسوية أوضاعها في ما خصّ هذه البطاقات قبل تاريخ 30/9/2016». كذلك يشير القرار إلى أنه يمكن المصارف والمؤسسات «مراجعة المجلس المركزي لمصرف لبنان إذا تعذّر عليها تطبيق الأحكام الواردة في هذا القرار».