كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:
يحرص رئيس مجلس بلدية بيروت بلال حمد على إنهاء كل مشاريعه العالقة قبيل مغادرة البلدية، بعدما بات متيقناً من حسم تيار المستقبل قراره بعدم التجديد له. إلا أن ذلك لا يمنعه من اللعب على وتر المستقبل الحساس، علّه يفتح فجوة ولو صغيرة لإعادة النظر بهذا القرار.
وأمسك بأولى محاولاته التيار من اليد التي توجعه، أي العقارات الثلاثة على شاطئ الرملة البيضاء التي يملكها رجل الأعمال وسام عاشور. فوفقاً للمعلومات المتداولة، يسعى «المستقبل» الى الضغط باتجاه شراء تلك العقارات عبر البلدية، لتقريش النتيجة أمام أهالي بيروت قبل شهر من الانتخابات البلدية، تحت عنوان: «استعادة شاطئ الفقراء في بيروت». وحرصُ الحريريين على أملاك الفقراء مستجد في هذا السياق، إذ كان الأجدى بآل الحريري وهب الشاطئ لأهله أو بالأحرى إعادة الملك العام الى أصحابه. فعاشور اشترى الأرض من آل الحريري مقابل ما يزيد على 100 مليون دولار، في حين يريد هؤلاء اليوم إقناع البيروتيين بأن عشرات الملايين التي ستدفعها البلدية لا تتعدى الحرص على إيجاد متنفس مجاني لهم. ولكن التدقيق يظهر أن الصفقة «مبكّلة» بإحكام: آل الحريري يبيعون الأرض المفترض أن تكون ملكاً عاماً ويقبضون ثمنها، يشتريها عاشور، ثم يشتريها المجلس البلدي المحسوب على المستقبل مجدداً من عاشور ويستعطف رئيسه بلال حمد الرأي العام. يتطلب ذلك غزو المحطات التلفزيونية يومياً للتصريح بأن «الدولة لم تحافظ على أملاكها العامة ولا يمكن لرئيس بلدية أخذ ما تحول الى ملك خاص بالقوة، وبالتالي سنشتريه». وطبعاً، لا يغفل الريّس المحنك شدّ الحبل لتيار المستقبل، مشيراً الى أن سوليدير وبيال لم ينفذا على عهده، أي أنه ليس مشاركاً في التعدّي على الشاطئ البيروتي.
نهار الأربعاء الماضي، عقد حمد جلسة ثانية للجنة الأشغال والتخطيط (في المجلس البلدي) التي يرأسها، وتم عرض ما توصل إليه «الخبراء» بشأن سعر الأرض وقد وصلت قيمته الى ما بين 6000 و6500 دولار للمتر المربّع الواحد. وهو مبلغ طائل بالنسبة الى أرض يحظر قانون تصنيفها البناء عليها. لكن الريّس يريد أن يظهر حريصاً على أموال «البيارتة»، فاقترح التخلي عن التخمين، واللجوء إلى مفاوضة المالك بشكل مباشر، على أن يكون سقف التفاوض 4500 دولار للمتر الواحد، وفق أحد أعضاء اللجنة. وبعملية حسابية بسيطة (مساحة العقارات نحو 27712 متراً مربعاً)، سيكون حمد مستعداً لدفع مبلغ يفوق الـ 124 مليون دولار، من أموال سكان العاصمة، ثمناً لملك هو في الأصل ملك للبيارتة. كل ذلك حتى يسدّ بطلا القصة «جوعهما العتيق»: الأول بلال حمد الذي سيظهر بصورة الحريص على أموال البلدية، إذ رفض البيع بسعر 6000 دولار، والثاني تيار المستقبل الذي يريد تحسين صورته التي صدّعها حمد أمام الناخبين: «ها قد استرددنا الشاطئ العام». وهذا التيار لم يفكر يوماً بالتضحية بمئة مليون من ملياراته الكثيرة مقابل إعادة هذه الأرض ملكاً عاماً. لكنه يحرص اليوم على الضغط لشرائها بأموال أهل بيروت. وفي جميع الأحوال، ينتظر أن يرفع حمد توصية اللجنة الى المجلس البلدي حتى يوافق عليها. كل ذلك يجري، فيما يؤكد عاشور أنه لا يعلم شيئاً عما يدور بشأن العقارات التي يحمل صكوك ملكيتها، ولم يفاتحه أحد من المجلس البلدي أو غيره بأمر شرائها.