غلبت كفَّة التمديد لصالح عقد مقدمي الخدمات، على كل التكهنات التي توقعت انتهاء مهمتها بانتهاء آذار، وهو موعد نهاية العقد المبرم مع مؤسسة كهرباء لبنان، ومدته اربع سنوات بقيمة 785 مليوناً و462 ألفاً و727 دولاراً، لإدارة شبكات التوزيع وصيانتها والجباية.
مصادر معنية بهذا الملف وقريبة من مؤسسة كهرباء لبنان، رجحت ان يمدد العقد الى نهاية آب المقبل، كاشفة ان المؤسسة أوكلت أمر دراسة الملف الى الاستشاري فايز الحاج شاهين، لابداء الرأي لما بعد آب.
الا ان مصادر المؤسسة، اكدت في المقابل لـ«المستقبل»، أن «لا تمديد«، و«ما يجري الآن هو عملية اعطاء بدل الاشهر الاربعة التي تعطل فيها المشروع مع بداياته مع اضراب المياومين الشهير، إذ كان يفترض أن يبدأ في الاو من نيسان 2012، وينتهي العمل في العقود المعمول بها مع الشركات الثلاث في آذار 2016. علما انه تم اقرار تمديد المهلة 4 اشهر بموافقة مجلس ادارة مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة نتيجة اضراب الموظفين الذي امتد من نيسان 2012 الى آب 2012. كما يقتضي، بحسب العقد الأخذ في الاعتبار الاضراب الثاني الذي جرى في العام 2014 من آب حتى كانون الاول واقرار تمديد اضافي يتفق على مدته.
وتقول المصادر ان شركات مقدمي الخدمات أخفقت في انجاز المطلوب منها، رغم محاولاتها الحثيثة لانجاح المشروع. وهي تُعيد أسباب الاخفاق الى الشركة الاستشارية المشرفة «NEEDS« التي وضعت دفتر الشروط واستدرجت المناقصات، وأتت بالشركات التي تنفذ المشروع.
وأوضحت المصادر ان وضع مقدمي الخدمات كان سيكون أفضل بنسبة 50 في المئة دون الشركة الاستشارية التي تم التعاقد معها بمبلغ يصل الى 10 ملايين دولار، وهي استوفته تقريبا، الا أنها لم تقم بما يتوجب عليها.
وتستدرك هذه المصادر أنه بنهاية آب المقبل، سيكون أمام مؤسسة الكهرباء، إما تجديد العقود لشركات مقدمي الخدمات أو العودة الى صيغة التعاقد مع المياومين كما كان الأمر يحصل سابقاً.
الحجار
يعتبر النائب محمد الحجار، أن مشروع مقدمي الخدمات هو من أفشل المشاريع التي منيت بها الكهرباء، سيما وانها لم تحقق النتائج المرجوة منها، ولا سيما على صعيد تركيب العدادات الذكية وخلافه.
ويقول الحجار لـ«المستقبل»، إن البدايات كانت تؤشر الى الفشل الذي سيمنى به المشروع، سواء على مستوى دقتر الشروط أو طريقة ارساء المناقصات، أو على مستوى الاداء والرقابة في ما بعد. أضاف «ان المشروع كان يجب أن ينجح لو تم ابعاده عن الصفقات والمحاسيب والسمسرات، ولكن هذا ما كنا ننتظره من وزارة الطاقة التي رأسها في تلك الحقبة وزير الخارجية اليوم جبران باسيل، والذي رفض تطبيق القانون 463/2002، والذي يشكل حبل الخلاص للقطاع الكهربائي، إلا أن باسيل قام بتقزيم القانون المذكور، وانتقاء فصول منه عبر الاستعانة بالقطاع الخاص«.
وأكد أنه لو وضع القانون المذكور موضع التنفيذ لكان في وضع أفضل ولما كانت نسبة التراع الكبير على مستوى الكهرباء والهدر تصل الى ما نسبته الى 40 في المئة من الدين العام.
وتضمنت «ورقة سياسة إصلاح قطاع الكهرباء» التي أقرت في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري، في حزيران العام 2010، مشروع مقدمي الخدمات، باعتباره حلاً إصلاحياً لقطاع التوزيع في الكهرباء، بحيث يكون مشروع مقدمي الخدمات، دمج الأنشطة والأعمال وخدمات التوزيع التي كانت مؤسسة الكهرباء تلزمها الى أطراف عدة، وذلك من خلال تلزيم أعمال تقديم خدمات التوزيع الى شركات متخصصة ومتعاونة مع شركات أجنبية ذات خبرة واسعة في المجال لتقوم بأعمال الخدمات الكهربائية، وبتحسين مستوى الإلتزام بمعايير جودتها مما يوفر مداخيل كبيرة ومتصاعدة للخزينة. ولاحقا، ومن العام نفسه 2010، تعاقدت وزارة الطاقة والمياه مع شركة استشارية هي NEEDS، ووقّعت «الكهرباء« عقداً معها لمساعدة المؤسسة في إدارة المشروع.
ووفقاً للخطة، قسمت المناطق كهربائياً الى ثلاث، حيث تم تلزيم منطقة شمال بيروت الإدارية الى شركة BUS، ومنطقة بيروت الإدارية والبقاع الى شركة KVA المملوكة من شركتي «خطيب وعلمي» و»الشركة العربية للإنشاءات»، ومنطقة جنوب بيروت الإدارية الى شركة NEUC التابعة لمجموعة «دباس».
يشار الى أنَّ مؤسسة كهرباء لبنان، تاريخياً، اعتمدت في قطاع التوزيع على متعهدين «غب الطلب»، للقيام بمهمات، مثل شرك المشتركين الجدد وتركيب المحطات العامة والخاصة، ولجأت الى استخدام يد عاملة يومية (مياومين)، للقيام ببعض المهام الادارية ومهام الصيانة مدة عشرات السنين، وفي مجال الجباية، وقعت المؤسسة عقود عمل مع جباة الاكراء.
وينص العقد مع «كهرباء لبنان» الى أن الاهداف المرجوة والمتوخاة من «مقدمي الخدمات» هي التالية:
– تحسين الجباية وخفض الهدر الفني وغير الفني (السرقة) الحاصل والبالغ 30-40 في المئة، والذي يشكل مصدراً أساسياً للنزيف المادي، وتراكم الديون في القطاع، مقارنة مع المعدل العالمي، والذي هو بحدود 12 في المئة.
– زيادة إيرادات المؤسسة بمعدل سنوي يصل الى 300 مليون دولار، إضافة الى زيادة في الأصول تزيد قيمتها عن 380 مليون دولار في نهاية المشروع.
– المساواة بين اللبنانيين والمناطق في الجباية ومنع التعدّي من خلال النظام الذكي.
– تأمين المرونة في أنظمة الدفع والتعريفات الليلية المخفضة، مما يوفر كثيراً في المصاريف الإستثمارية لإنتاج ونقل الكهرباء وكلفتها على المواطن اللبناني.
– التحكم بالشبكة ومراقبتها وإمكان الحدّ من الاستعمال الكهربائي، وترشيد إستهلاك الطاقة تأميناً لتغذية أكبر للمناطق خاصةً في أوقات الذروة.
– إصلاح قطاع التوزيع ورفع قيمته المادية وأصوله الجديدة مع تأهيل وصيانة الأصول القائمة.
– تطوير شبكات التوزيع وتوسعة قدراتها بما يتناسب وزيادة الطلب على أسس علمية وهندسية.
– إستعمال أساليب متطورة في إدارة الصيانة والتعامل مع الحالات الطارئة وسرعة إعادة التغذية.
– تحديد مواقع الأعطال واستنتاج أسبابها واقتراح الحلول المناسبة استنادا» إلى مكالمات الزبائن الواردة على الخط الساخن لخدمة الزبائن.
– تحديث التعامل مع خدمات الزبائن وحاجات المواطنين وفق معايير الجودة المعتمدة عالمياً عبر مكننة معاملات الزبائن، مثل معاملات التغذية والاشتراكات.
– إصلاح أوضاع العاملين والمساهمة في إيجاد الحلول العادلة لعمال غب الطلب والجباية وفقاً لعقود عمل خاضعة لقانون العمل اللبناني تلبي تطلعاتهم المستقبلية.
إذاً، مشروع مقدمي الخدمات لا يحظى بالرضى، رغم التقديمات التي حققتها بعض الشركات. وتقول مصادر الشركات لـ«المستقبل»، ان العقد الموقع بينها وبين مؤسسة الكهرباء ينص على القيام باشغال محددة، اهمها المشاريع الاستثمارية لاعادة تأهيل وتحديث الشبكة، وتركيب العدادات الذكية. و«طالما ان هذه الاشغال لم تنجز بالكامل، فان العمل يستمر«. وتضيف «الشركات لا تطلب التجديد ولا التمديد، فالعقد يتضمن أن اي تأخير في احد مسارات هذا المشروع يؤدي حكما الى تمديد العمل مدة معينة بالاتفاق مع المؤسسة. وفي حال كان التأخير بسبب المتعهد، فانه يتحمل مسؤولية ذلك من خلال البنود الجزائية. وبامكان مؤسسة كهرباء لبنان فسخ العقد قبل انتهاء الاشغال، ولكن يتوجب عليها تحمل المسؤولية القانونية لهذا الفسخ«.
وعلى أي حال، فإن معظم الآراء تدعم عودة قطاع التوزيع الى عهدة الكهرباء الأم، وليس من السهل التغاضي عن المشكلة التي وقعت بين وزارة المالية و»مقدمي الخدمات» نهاية العام المنصرم، حين سجل وزير المالية علي حسن خليل، عدداً من الملاحظات على اداء شركة NEEDS والتي من أهمها: أن الإستشاري لم يتقدم بأي برنامج لوضع الآليات التنفيذية: (متأخرات، جباية مؤسسات عامة، وإدارات رسمية…) أو خطة على المدى القريب والمتوسط والبعيد.