IMLebanon

الذهب والصحة … أولوية قصوى

clinton-trump
ستيف فوربس

قضيتان مهمتان في حاجة إلى معالجة في المناظرات الرئاسية للحزب الجمهوري. أحدها بالطبع هو الرعاية الصحية التي بالكاد ذكرت في مناظرة منتصف شهر يناير/ كانون الثاني. يريد جميع المرشحين إلغاء خطة أوباما للرعاية الصحية، ولكن بماذا سيستبدلونها تحديداً؟

القضية الثانية هي سياسات (البنك الاحتياطي الفيدرالي) التي تقتل النمو الاقتصادي. العملات النقدية غير المستقرة تضعف الاستثمار الإنتاجي. إنها كساعات اليد وساعات الحائط التي لم تعد تحدد الوقت بدقة. إن الأوزان والمقاييس الثابتة ضرورية لعمل السوق. تقيس النقود القيمة كما تقيس الموازين الأوزان. أضر الدولار المتذبذب، وسحق أسعار الفائدة؛ وهي ثمن اقتراض المال، إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، أكبر الجهات التي تستحدث الوظائف. ربط الدولار بالذهب لمدة 180 عاماً، من عام 1791 إلى 1971، والذهب في هذه الحالة هو الحاكم، نظراً إلى أنه يحافظ على استقرار قيمة الدولار، وفي حال التوقف عن العمل بقاعدة الذهب، هنالك إصلاحات معقولة يمكنها مساعدة الاقتصاد بصورة كبيرة.

السلام لدولتين مزقتهما الحروب

ليس من المبكر البدء في التفكير بالنهج الذي يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية اتخاذه تجاه الجزئيين المضطربين من هذا العالم؛ أوكرانيا وأفغانستان عندما نحظى برئيس جديد في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل. إن نظرة إلى التاريخ، وما اتخذ بخصوص بلجيكا والنمسا، قد توفر إطار عمل ليرشد وزارة خارجيتنا المقبلة. سيكون التعامل مع أفغانستان صعباً للغاية. إن التزاماً هادفاً بخصوص قوات برية أمريكية إضافية ربما يكون ضرورياً لبعض الوقت لمنع قوات المتشددين من السيطرة على البلاد. لكن، لا يجب علينا إغفال محاولة التوصل إلى حل أكثر ديمومة، مثل تخليص البلاد من الصراعات على السلطة السياسية. الهند، والصين، وباكستان، وإيران من ضمن الدول التي تحد هذا البلد الغارق في الظلام. كل واحدة منها تدعم فصائل في أفغانستان لدعم مصالحها في مواجهة أعدائها. يجب أن يكون الهدف العمل بصدق لخلق دولة أفغانية محايدة، حيث توافق القوى صاحبة المصالح على البقاء خارجاً، والتوقف عن التنافس من أجل السيطرة. بلجيكا هي المثال على ذلك، إحدى الدول المعروفة في أوروبا الغربية بالبلاد المنخفضة، وهي الدول التي تعرف بأراضيها المنبسطة، وأنها ممر جذاب للغزاة. كانت بريطانيا تحديداً مهتمة بهذه الأرض لأنها تتمتع بشواطئ مثالية تمثل منطلقاً لغزو بريطانيا.

في عام 1830 انفصلت بلجيكا الكاثوليكية عن هولندا البروتستانتية. لضمان عدم محاولة فرنسا ثم ألمانيا السيطرة على هذه الدولة الحديثة، أعدت الدبلوماسية البريطانية اتفاقية ضمت العديد من الدول تضمن حيادية بلجيكا، وإبقاءها خارج منافسة القوى الكبرى. وافق الجميع على ذلك، وصمدت الاتفاقية إلى ما يقارب ثلاثة أرباع القرن، إلى أن قررت ألمانيا المخاطرة بحرب مع بريطانيا عام 1914 بغزو بلجيكا كطريقة مناسبة للتحرك ضد فرنسا. أشار المستشار الألماني، تيوبالت فون بتمان هولفيغ، إلى الاتفاقية بازدراء معتبراً إياها “قصاصة ورق”.

غضب الرأي العام البريطاني، ودفع الخرق الفاضح لحيادية بلجيكا الحكومة المنقسمة على نفسها إلى إعلان الحرب على ألمانيا.

رغم أنه سيكون صعباً، لكن المتنافسين اليوم على أفغانستان قد يمكن إقناعهم بأن أحداً منهم لن يتمكن من جعل هذا البلد دولة تابعة له، وأن من مصلحة الجميع العليا معاملتها كما عاملت القوى الأوروبية بلجيكا لعقود.

من الضروري لتحقق ذلك بالطبع، أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قوية، وتعرف ماذا تريد، وأن تعود تلك الدولة نشيطة ومبدعة وتفرض احترامها، وليست عملاقاً يثير الشفقة، كما جعلنا الرئيس أوباما نبدو.

النمسا هي المثال لأوكرانيا. بعد الحرب العالمية الثانية، قسمت القوى المتحالفة المنتصرة؛ الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، وبريطانيا، وفرنسا، النمسا وعاصمتها فيينا إلى 4 مناطق محتلة، بطريقة تشبه إلى حد بعيد ما حدث لألمانيا. لكن، مع بداية الحرب الباردة، لم ترد موسكو أن تصبح النمسا حليفة لأمريكا، ولم ترد الولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح النمسا دولة تابعة للسوفييت، كما حدث لدول في شرق ووسط أوروبا. في عام 1955، ولأسباب عدة، توصلت واشنطن وموسكو إلى اتفاق بإزاحة النمسا على المنافسة الأمريكية السوفييتية. دبلوماسياً، ستكون حيادية بصورة مطلقة، فلا توجد قوات عسكرية من كلتا الدولتين فيها، ولن تكون النمسا جزءاً من حلف الناتو أو من حلف وارسو. سياسياً، يسود النمسا نظام الأمر الواقع، الذي ينص على تشارك الحزبان الرئيسان السلطة بصرف النظر عن نتائج الانتخابات. الإجماع هو الأساس.

نجحت تلك الترتيبات. أصبحت النمسا في النهاية جزءاً من الاتحاد الأوروبي، لكن عند زوال الحرب الباردة، وعدم اعتراض موسكو على ذلك.

علينا أن نسعى جاهدين إلى ترتيبات مماثلة في أوكرانيا، فلا ناتو، ولا أوروبا، ولا تعاون مع موسكو على غرار حلف وارسو. تسحب روسيا قواتها هناك، ولن نسلح القوات العسكرية الأوكرانية أو ندربها. يمكن لأوكرانيا أن تواصل تجارتها مع الجميع بالطبع، ولكن دون عضوية في أي مجموعة مثل الاتحاد الأوروبي.

أما بخصوص شبه جزيرة القرم فقد قدمت بإيجاز حلاً محتملاً على موقع (فوربس) الإلكتروني في شهر مارس/ آذار من عام 2014، بإعطاء المنطقة استقلالاً عملياً. هل سيرضى فلاديمير بوتين بهذا الحل؟ قد يغريه ذلك لو استعادت الولايات المتحدة الأمريكية مكانتها التي تمتعت بها تحت قيادة الرئيس ريغان، وإذا رأى تكاليف حقيقية في صورة عقوبات جديدة في حال رفض الحل. على بوتين أن يقتنع أننا لا نريد أوكرانيا كجزء من حلف الناتو، أو الاتحاد الأوروبي، ولن نحاول فصل أوكرانيا، حيث يتكامل جزؤها الغربي سياسياً وعسكرياً مع الغرب. قد تجعل الأحداث تطبيق المنهجين على أفغانستان وأوكرانيا أمراً مستحيلاً، لكن، بكل تأكيد يجب متابعة العمل بهما.