استبعد رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أن يشكل قانون العقوبات الأميركية ضدّ “حزب الله” عامل ضغط إضافيا على القطاع المصرفي اللبناني، “لأننا بذلك نعتبر أن لبنان كان متساهلاً، وهذا ليس صحيحاً فالحزب هو حركة سياسية، وأعلن صراحة أنه لن يدخل القطاع المصرفي ولا أدوات لديه لذلك”، وقال “أكدنا من جهتنا عدم السماح بدخول عمليات مالية تخص معاملات خارجية للحزب انسجاماً مع التزامنا القوانين الدولية”.
ودعا حمود المصارف اللبنانية “الى إدراك ان مطلب الالتزام بـ”الإمتثال” ليس مرحلياً بل عملية مستمرة، علماً أن القوانين التي أقرّها لبنان تشكل طلباً ذاتياً أكبر للإمتثال”، مؤكداً ضرورة أن تدرك المصارف أنها لا تستطيع التساهل “لأن الإمتثال بات احد المخاطر التي تنظر اليها بيوت المال، فإن أرادت مصارف أي دولة المحافظة على علاقتها بالمراسلين، عليها المحافظة على معايير كفاية رأسمالها وسيولتها والإمتثال، وإلا ستدخل مرحلة قطع العلاقة مع المراسلين أي De Risking.
ونفى وجود تضارب بين الإمتثال والشمولية المالية Financial Inclusion أو بينها وبين الـDe Risking، “لكن نجدها في التطبيق بسبب المغالاة في الإجراءات المطلوبة، حتى لدى المصارف الدولية بسبب تعرّضها لغرامات باهظة بلغت في السنوات السبع الماضية نحو 43 مليار دولار فُرضت على 10 من أكبر المصارف العالمية”. وأكد استحالة الإستمرار في تضخيم حجم المطلوب من الإمتثال “وإلا سيخسر الدولار جزءاً من حضوره كعملة تداول وادّخار في الأسواق، بدليل أنه يشكّل أكثر من 50% من الإحتياطي العالمي بالعملات ونحو 60 إلى 65% من حجم التبادلات التجارية في العالم”. ولفت إلى أن “المغالاة في التطبيق جعلت من فتح حساب مصرفي في أوروبا من الامور الصعبة، بينما هو من الأسهل في الولايات المتحدة حيث يتمّ من دون عوائق”.
وأكد حمود أن “لبنان ملتزم الإمتثال ومعاييره ومقتنع بذلك، حتى أن القوانين التي اقرّها والمعاهدة مع الامم المتحدة، جعلت من السرية المصرفية مرفوعة تجاه اي مال غير نظيف، بينما حافظنا عليها في المال النظيف”. وتوقع أن “تتضمن الآلية التطبيقية لقانون العقوبات الاميركية وكما العادة، فقرة تجعل من الإستنساب في التفسير هو المعيار، وهذا خطر اكبر لأن التفسير لن يكون تقنياً وقانونياً فحسب، بل سياسياً ايضا. وبرغم إدراكنا ذلك، علينا أن نحافظ على التوازن، أي ألا نغالي في التفسير أو الإجراءات، وفي المقابل لا نتغاضى عن الإمتثال”.
ونفى وجود إرباك في القطاع المصرفي “الذي يشهد ورشة منذ أعوام”، وقال: أي مصرف لا يتمتع بنظام امتثال وارتباط مع بيوت الاخبار المالية واللوائح التي تصدر عن وحدات الاخبار المالية ولا يمارس الرقابة على كل حساب، لا نسمح له بالاستمرار. كما لا نقبل بفتح حسابات غير معروفة مصادر اموالها، حتى ان تعميماً صدر أخيراً، منع المصارف من فتح حسابات لشركات الأسهم لحامله.
ورأى حمود أن “للإمتثال كلفة وهي جزء من إجمالي التكاليف، وتضاف إلى كلفة الودائع والتشغيل، ولا بد منها. إذ يفترض أن يكون لكل مصرف مسؤول عن التحقق المالي في كل فرع وفي الادارة العامة ومرتبط بمجلس الادارة، ليبلغ بموجب التعميم هيئة التحقيق الخاصة بكل ما يرتاب به”. وأكد أن “لبنان ليس سوقاً لتبييض الاموال، فلا حركات مشبوهة في المصارف، ونحن بالمرصاد ولدينا قرارات وتعاون مع القضاء. هذه الاجراءات تحمي لبنان، فلديه إرادة وقرار بالالتزام، ويجب الدفاع عن ذلك”.
زيارة الجمعية: وعن زيارة وفد جمعية المصارف الى الولايات المتحدة الاسبوع المقبل، قال: تشجع لجنة الرقابة على تعزيز العلاقة مع الاحتياط الفيدرالي ومع المصارف المراسلة لإطلاعها على ما يقوم به لبنان، وللتأكيد ان المغالاة في إجراءاتها تدفع الاموال الى مراكز الصيرفة والتحويل وتنعكس سلباً على حركة التجارة الدولية، وهذا يُضعف الاقتصاد. ولبنان بين الاسواق الناشئة ويحتاج دعماً من الدول الكبرى”، داعياً المصارف المراسلة “الى التعاون لحل المشكلات إن وُجدت بدل المسارعة الى إقفال الحسابات”.
وختم مؤكداً عدم قلقه من الآلية التطبيقة للقانون، “لأننا نلتزم الامتثال مسبقاً، فهل كان الامر أسهل بدون القانون؟”. وقال إن “مصرف لبنان عبر الحاكم رياض سلامة، يحاول دائماً طمأنة المصارف كي لا تندفع الى المغالاة في التطبيق”، داعياً الى “انتظار الآلية التطبيقية التي ستضاف الى الاجراءات الداخلية المفروضة أساساً”.