Site icon IMLebanon

ليس بالمهرجانات وحدها تحيا السياحة الصيفية


مارسيل محمد

يتنفس الإقتصاد اللبناني من رئة السياحة والخدمات بشكل أساسي. لكن الموعد الصيفي تخرقه محطات أمنية وسياسية تفقده زخمه المنتظر، فتارة هناك الظروف الأمنية، وتارة أخرى هناك الضغوط السياسية العربية من باب السياحة، فتوعز الدول الخليجية إلى رعاياها عدم التوجه الى لبنان. والمحصلة، تخبط أهل القطاع بين ما عهدوه من أرباح في سنوات سابقة، وبين التراجعات وأكلافها.

لكن الصعوبات لم تعنِ إستسلام قطاع السياحة فهذا القطاع يراهن اليوم على ما حافظ عليه من مؤسسات وعمال وموظفين، وعلى الإنطلاقة الصيفية للمهرجانات، التي تنتظر السياح العرب بالدرجة الأولى. ومن هذه الناحية، طمأن وزير الثقافة روني عريجي الى مشاركة الفنانين العرب، والأجانب في فاعاليات الصيف هذا العام.

وفيما يؤكد وزير السياحة ميشال فرعون أن الوزارة “تدعم سنوياً أكثر من 170 مهرجاناً في كل لبنان”، لا ينفي وجود أزمة لدى الوزارة، فالموازنة والإعتمادات لا تكفيان لدعم كل المهرجانات.

الضعف الذي تشهده الوزارة لا تحمل مسؤوليته وحدها لأنه جزء من أزمة عامة يعاني منها الإقتصاد اللبناني، لكن ما يتعلق بالجانب السياحي من هذه الأزمة يمكن تصويره باعتباره مسؤولية مشتركة بين الوزارات كلها. تُضاف إليها مسؤولية السياسيين، لأن أي خلل سياسي ينعكس على السياحة، والخلل السياحي ينعكس على الإقتصاد الذي لا ينتفع من الصناعة والتجارة إلا بالقدر القليل، فضلاً عن تأثره بأزمة النفايات التي لا يستطيع لبنان تجاهلها عند الحديث عن إستقبال السياحة الصيفية. “فإذا كانت السياحة الشتوية أكثر قدرة على تجاوز أزمة النفايات، بالإستناد إلى عوامل الطقس البارد الذي يساعد على ضبط تأثير النفايات، إلا أن السياحة الصيفية تعوّض الفارق، لأن الطقس الحار هو بيئة ملائمة لتفاقم النتائج السلبية للنفايات”، وفق ما تقوله مصادر في وزارة السياحة لـ”المدن”.

وتشير المصادر إلى أنه “لا يمكن لوزارة السياحة تغطية آثار النفايات”. وتؤكد المصادر “ضرورة تحرك المؤسسات المعنية في ملف النفايات، لضمان مرور النشاط السياحي الصيفي لهذا العام على خير”. وتتخوف المصادر من إرتفاع نسبة التراجع في عدد السياح “على غرار ما شهدته الأعوام الماضية، خصوصاً العامين 2013 و2014 حيث اختلفت التراجعات بحسب أشهر السنة، لكن السمة السلبية كانت بارزة، وسجل العامان تراجعات تنقلت بين 8% وأكثر من 20%”. وإذا كان عدد الركاب الذين يسجلهم مطار بيروت يشهد إرتفاعاً، إلا أن ذلك لا يمكن أن يؤخذ ضمن نطاق دعم القطاع السياحي، لأن ارتفاع حركة الركاب بنسبة 12% كما سجله مطار بيروت في آذار الماضي، رافعاً النسبة إلى 11% خلال الفصل الأول من العام 2016، لا يعني بالضرورة أن الركاب هم سياح سيفيدون القطاع. فالمعيار الأساسي الذي بات يُلاحظ اليوم هو حجم الإنفاق السياحي، وليس عدد الوافدين إلى لبنان.

يرى الأمين العام لـ”اتحاد النقابات السياحية” جان بيروتي أن أزمة النفايات، “أثرت وتؤثر سلباً على صورة لبنان”، مبدياً خلال حديث لـ”المدن” ارتياحه “لبدء عملية رفع النفايات من الطرق”، لأن ذلك يعتبر “إستعادة صورة لبنان، وهو رسالة للسياح مفادها أن بالإمكان القدوم إلى لبنان”. وبرغم الخطوة الإيجابية، يرى بيروتي أنها لا تكفي، إذ يحتاج لبنان إلى “إطلاق كم كبير من المهرجانات، وإلى مواكبة إعلامية صاخبة لتجميل صورة لبنان وجذب السياح. ويتم التركيز في المواكبة، على حملة مكافحة الفساد الغذائي التي شكلت دافعاً أكبر للمؤسسات السياحية لأن تصبح منافسة على مستوى عالمي”. ويلفا الانتباه إلى أن “المؤسسات السياحية اللبنانية تخطت المعايير الأوروبية”. ويتخوف بيروتي من العاملين السياسي والأمني، لأن النفايات ليست وحدها المشكلة، فأزمة لبنان مرتبطة “بالمحيط”. ويصف بيروتي ما وصل إليه قطاع السياحة اللبناني، ومحاولات تعويض الأضرار، بأنه “كان هناك غرفة مشتعلة في البيت، وكان علينا إطفاؤها، واليوم بات البيت كله مشتعلاً ونحاول إطفاءه”.