IMLebanon

النفط يعود للارتفاع التدريجي.. وما هي الدول الاكثر تأثراً؟

oil-gas

باسكال صوما

عادت أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع التدريجي، بعدما فقدت أكثر من 70 في المئة من قيمتها منذ منتصف العام 2014، أي حين بدأت دوّامة الانخفاض. أما اليوم، فلا أحد يملك كلمة الحسم بخصوص ما ستؤول إليه الأسعار في الفترة المقبلة، وما إذا كانت ستعود للانخفاض أو سترتفع بنسبة الانخفاض ذاتها التي شهدتها. اجتماعاتٌ كثيرة تدور في الكواليس، بين الدول المنتجة للنفط، سيكون أبرزها اجتماع الدوحة الذي ستعقده الدول المنتجة والمصدرة للنفط في الشهر الحالي، والذي من المفترض أن يحسم الجدل القائم، ويحدّ من الخلافات ويقرّب وجهات النظر، قدر المستطاع.
ترى مصادر نفطية لـ «السفير» أن «الأمر متوقف على التوافق بين البلدان المنتجة، لا سيما السعودية وإيران، حول تحديد سقف الإنتاج وتوزيع الحصص على البلدان، بشكلٍ يحدّ من الصراعات التي أدت إلى وصول سعر النفط إلى ما لا يزيد عن 25 دولاراً في فترة ليست ببعيدة».

في هذا الإطار، يوضح رئيس «تجمع الشركات المستوردة للنفط» مارون شماس لـ «السفير» أنه «لا يمكن تأكيد أية توقعات في ما خص أسعار النفط، لكنّ قراءة الأحداث والتغيرات تدفعنا إلى استبعاد احتمال أن تعود أسعار النفط إلى الانخفاض الذي شهدته في الفترة الأخيرة حين وصل سعر برميل النفط إلى 25 دولاراً، كون الخطة التي كانت موضوعة على هذا الأساس فشلت، والكباش بين السعودية ودول نفطية أخرى لم يؤدِّ إلى النتيجة المرجوة». ويشدد شماس على «أهمية المحادثات التي تتمّ راهناً بين الدول النفطية، لتحديد المصير، علماً أن اجتماع الدوحة هو تكملة للاجتماعات المستمرّة منذ أسابيع». ويتوقع أن يكون هامش سعر برميل النفط في الوقت الحالي بين 38 و40 دولاراً، وفي حال كان اجتماع الدوحة إيجابياً، فمن المتوقع أن نشهد ارتفاعاً تدريجياً للسعر.
محلياً، تتأثر الأسعار وفق شماس بعد نحو 3 أسابيع من التغير العالمي للسعر. فلبنان بلد مستورد ومستهلك للنفط، وقد استفاد إلى حدٍّ لا بأس به من هبوط الأسعار، لا سيما في ما خص النقل الخاص وكلفة التشغيل في المصانع والمؤسسات وغير ذلك، من دون أن ننسى الإنجاز العظيم في رفع زنة ربطة الخبز 100 غرام، تماشياً مع تراجع سعر النفط العالمي. كما انخفضت فاتورة المحروقات في لبنان من نحو 7 مليارات دولار إلى أقل من 4 مليارات دولار.

الواقع أن أسعار المحروقات شهدت انخفاضاً لافتاً للانتباه في السوق المحلية، وصل إلى 50 في المئة تقريباً، وكان من المفترض أن يستفيد اللبناني أكثر بكثير لو وُجِد من يفكّر في مصلحته ويسعى لتحقيقها. وإن كان الكلام قد بات مكرّراً، لكنّ التكرار قد يكون مفيداً أحياناً. لم يلحظ اللبنانيون أي انخفاض في أسعار الخدمات الأخرى التي تدخل الطاقة في كلفتها التشغيلية، كفاتورة الكهرباء، وتعرفة النقل المشترك، وأسعار السلع الإنتاجية وغيرها.

أما الآن، فقد عادت المياه إلى مجاريها، وعادت أسعار النفط لتستعيد ارتفاعها المعتاد. أما اللبناني، ففي الحالتين يؤكَل حقّه في العيش الكريم، وإذا أسعفه الحظ وانخفضت أسعار النفط العالمية، فغياب التخطيط والإدارة محلياً يكفي حتّى يعيش ويموت مقهوراً. وكما تقول الكاتبة السعودية فتون العنزي «لأن الوطن باهظ الثمن… زاد سعر البترول مقابل رخص الكفن».

الدول الأكثر تأثراً
تتراوح كلفة استخراج برميل النفط وفق شماس بين 30 و80 دولاراً، لذلك من المستحيل أن يستمرّ الوضع كما هو عليه وإلا ستفلس الدول، ومن الطبيعي أن يرتفع السعر وألا يبقى على الانخفاض الكبير الذي حققه في منذ منتصف العام 2014.
وتوضح مصادر نفطية لـ «السفير» أن «الدول التي تأثرت أكثر من غيرها بسبب تراجع الأسعار هي دول الخليج، وروسيا، ويقدر تراجع عائدات دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 200 مليار دولار سنوياً. لكن ما رحمها، كانت القدرات التي تمتلكها في صناديقها السيادية حيث مئات المليارات من الدولارات، وبذلك استطاعت تعويض العجز الذي سببته أسعار النفط المتراجعة». وتضيف: «يحتوي الصندوق السيادي السعودي نحو 700 مليار دولار»، لكنها تؤكّد في المقابل أنه لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال، إذ لا بدّ أن تعود الأسعار إلى الارتفاع.