أبلغت مصادر أمنية واسعة الاطلاع “السفير” أنها ترجح فرضية أن تكون جهة فلسطينية سلفية متشددة هي التي تقف وراء اغتيال مسؤول حركة فتح في مخيم المية ومية، العميد فتحي زيدان المعروف بـ”الزورو”، عبر اختراق أمني من داخل مخيم المية ومية، لافتة الانتباه الى أن سجالا حادًا كان قد وقع قبيل قرابة أسبوع بين القيادي في فتح ماهر الشبايطة وبعض القوى الاسلامية المتشددة التي استخدمت لهجة قاسية في هذا الاشتباك الكلامي.
وأشارت المصادر الى أن هناك نفوذًا واسعًا للمجموعات الفلسطينية المتطرفة في “المية ومية”، وحضورا فاعلا لها في “عين الحلوة”.
وكشفت المصادر عن أن الشبهات تدور حول مجموعة محددة، معروفة بتطرفها وتناغمها مع “جبهة النصرة”.
وأعربت المصادر عن مخاوفها من انتقال حرب الاغتيالات والتصفيات الفلسطينية – الفلسطينية، لاسيما بين “فتح” والسلفيين المتشددين، من داخل المخيمات الى خارجها.
وأكدت المصادر أن الفصائل الفلسطينية مدعوة الى تحمل مسؤولياتها واتخاذ قرار سياسي برفع الغطاء عن كل من يخل بالامن، محذرة من ان استمرار التهاون في التعامل مع الحالات النافرة قد يؤدي، مع تراكمها، الى انفلات الامور وبالتالي تفجير شامل للوضع، مع ما سيتركه ذلك من انعكاسات مدمرة على المخيمات، خصوصا “عين الحلوة”.
وأمام تزايد الحوادث الامنية وعمليات الاغتيال في مخيم عين الحلوة، تبدو القوة الامنية المشتركة بقيادة منير المقدح امام اختبار صعب، وسط مآخذ متصاعدة على “أدائها الرخو”، من قبل الاجهزة الرسمية اللبنانية التي ترصد بدقة ما يجري في داخل المخيمات، علما ان الكلفة الشهرية لعمل هذه القوة (رواتب ومتطلبات) تتجاوز الـ200 ألف دولار.
وفي المعطيات المتوافرة، ان مخابرات الجيش في الجنوب تضغط على “اللجنة العليا” التي تضم قادة الفصائل، كي تفوّض القوة المشتركة المكونة من الاطراف الفلسطينية حسم أي إشكال على الارض، من دون الرجوع الى أحد لأخذ إذنه او رضاه، خصوصا أن هناك شكوى لدى المخابرات من أن حوادث عدة تجري لفلفتها أو يتم التساهل مع مرتكبيها بسبب مداخلات من هذا الفصيل أو ذاك.
وعُلم أن مخابرات الجيش نبهت قادة الفصائل الى أن استمرار التقصير أو القصور في الامساك بالارض سيتسبب بمشكلة مع الدولة اللبنانية.
وتصر مخابرات الجيش على وجوب تسليمها كل المطلوبين والمرتكبين، من دون أي استنسابية او تمييز، بحيث لا يتم فقط تسليم المشتركين في حوادث فردية، بينما تجري محاولات من حين الى آخر للاكتفاء بتوقيف بعض مرتكبي الجرائم الحساسة لدى القوة المشتركة، نتيجة ضغوط تتعرض لها او تسويات تحصل معها.
واشارت “السفير” الى أن مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد خضر حمود كان قد اجتمع الاثنين الى مسؤولي الفصائل الفلسطينية، ومن بينهم زيدان، طالبا منهم الايعاز الى القوة الامنية المشتركة التشدد في تدابيرها واستخدام الحزم في مواجهة أي خلل.
وأكد حمود لممثلي الفصائل، وفق المعلومات، أن المطلوب منح القوة المشتركة الغطاء السياسي الكامل لفرض الامن بيد من حديد، من دون الحاجة عند كل حادثة الى استشارة المرجعيات السياسية والعسكرية في المخيمات، منبها الى ان «الامن بالتراضي» اثبت عدم جدواه.
وعُلم ان اتصالات مكثفة جرت بعد جريمة اغتيال زيدان بين حمود من جهة والسفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور وقيادات الفصائل من جهة أخرى، جرى خلالها التباحث في كيفية تفعيل عمل القوة المشتركة في المخيمات وكشف ملابسات التفجير الذي ادى الى مقتل زيدان.
إلى ذلك، اتهم العميد محمود عيسى اللينو، رئيس التيار الإصلاحي المسؤول السابق لقوات الكفاح المسلح التابعة لـ”فتح”، إن مجموعات مشبوهة يديرها عقل مدبر وغرفة عمليات بالوقوف وراء الحوادث الأمنية الأخيرة، معتبرا أن استهداف زيدان استهداف لأمن واستقرار كل المخيمات.
وقال في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”: “المطلوب مواجهة هذا المخطط بوضع حد لحالة الاسترخاء لدى القوى المعنية والانتقال إلى مرحلة التعاطي الجدي مع الموضوع خصوصا أن كثيرا ممن نفذوا عمليات اغتيال معروفين بالاسم”. ووصف اللينو الوضع بشكل عام بـ”غير الطبيعي والحذر”، متحدثا عن “مخاوف كبيرة لدى سكان عين الحلوة”.