كتبت مرلين وهبه في صحيفة “الجمهورية”:
تأخذ الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في أيار المقبل أبعاداً أكثر من حجمها الطبيعي، وتتداخل الحسابات الكبيرة بالحسابات الصغيرة، فيما يسعى السفير السعودي علي عواض عسيري الذي جال على الرئيسين سعد الحريري و نجيب ميقاتي إلى تشجيع التوافق بين القيادات السنّية في إطار سياسة توفيقية أوسع وأشمل على مستوى كلّ لبنان.
في هذا الإطار، برز المسعى السعودي عبر جهود سفيرها علي عواض عسيري للَملمة الوضع بين القوى السنّية المنتناقضة، بهدف الحفاظ على وحدة الصف وتمرير الاستحقاق البلدي بأقلّ خسائر ممكنة، وهذا ما تُرجم عبر سلسلة زيارات ملفِتة نحو بيت الوسط لشخصيات سياسية كانت لأمدٍ بعيد لا تكنّ الودّ لـ”تيار المستقبل” إنْ لم تكن بحالة خصومة، أبرزُها النائب عبد الرحيم مراد، ثمّ تدرجاً النائب محمد الصفدي فالوزير السابق فيصل كرامي والسيّد فؤاد مخزومي، وغيرهم.
وقد نجحت الجهود “العسيرية” في جوانب عدة، فيما المرحلة المقبلة كفيلة بالحكم عليها نهائياً. فعلى صعيد الانتخابات سلكَ التوافق في بلديتي بيروت وصيدا، إلّا أنّه يبدو متعذّراً حتى الساعة في طرابلس، خاصةً أنّ قطار المصالحات لم يصل إلى محطة أساسية وهي نجيب ميقاتي.
وتعتبر شخصية سياسية مخضرمة في طرابلس أنّ الجهود المبذولة سياسياً للتوافق في اﻻنتخابات البلدية مرتبطة بخيط ممتدّ مِن طرابلس حتى العاصمة السعودية الرياض، ما دامت مصالح الأقطاب السياسية مرتبطة ما بين المدينة الأبرز بالحضور السنّي في لبنان والعاصمة الإقليمية.
من هنا فالمعلومات المسرّبة بأنّ وزير العدل المستقيل أشرف ريفي تريّثَ في التجاوب مع تمنّي السفير عسيري عليه بزيارة بيت الوسط لرأبِ الصدع ضمن “تيار المستقبل”، كمقدّمة لجمع الحريري وميقاتي، إذ لا يمكن أن يجتمع اللدودان في ظلّ وجود حالة اعتراضية لها حجمها ووزنُها في طرابلس وقادرة على إضعاف زخم التوافق السياسي وقدرته على خوض اﻻنتخابات البلدية دون أضرار بالغة ستلحق بالطرفين.
بمعنى آخر لا يمكن لسَعد الحريري وميقاتي أن يلتقيا قي حلف انتخابي ناجح يَجمعهما ويؤمّن لهما نصراً عظيماً في الشارع من دون التنبّه لحالة أشرف ريفي الاعتراضية القائمة في الشارع انطلاقاً من حسابات سياسية مصدرُها الحفاظ على وضعية تيار “المستقبل” وطموحات ريفي المتمثلة باستنهاض الشارع السنّي في طرابلس كما حسابات ميقاتي الهادفة للوصول الى القصر الحكومي.
فإذا مدّ الميقاتي يده من البديهي جداً أن يشترط معالجة حالة الاعتراض الريفية عند “المستقبل”، معتبراً أنّ هذا الأمر هو من أبسط واجبات المستقبل تجاه الوضع الراهن في طرابلس.
المهمّة الشاقة
يبدو في الأفق أنّ فرضَ تحالف سياسي بين الحريري وميقاتي وإنْ كان تحت عنوان “بلدي” مهمّةٌ شاقة ودونَها عقبات، في ظلّ خلافات مستحكمة في الشارع. وما الانقسام بشأن مرآب التلّ سوى عيّنةٍ من النزاع المرير. وبالتالي ليس سهلاً إقناع قواعدهما الشعبية بالتوافق والالتزام به بلا تشطيب.
وتشير الشخصية الطرابلسية الى أنّه لم يصدر عن ميقاتي حتى الآن سوى إعلان نوايا أو عناوين عريضة في سياق المسعى السعودي، وبالتالي سيَحذو حذوَ ريفي في التريّث كونه لن يقبل التسليم بالتوافق البلدي، فيما أبواب السعودية موصَدة تماماً في وجهه منذ ترؤسِه الحكومة السابقة، ومن البديهي أن لا تنحصر الحسابات الكبيرة بحسابات الأحياء في طرابلس، فيما أنّ المصالحة السياسية واﻻقتصادية مرتبطة بعواصم عربية عدّة وفي مقدّمها الرياض.
وبالنسبة إلى ميقاتي، فإنّ كفّة التوافق تتساوى سياسياً مع كفّة التنافس اﻻنتخابي لتحديد الأحجام السياسية، والأمر مرتبط بالتقدّم بخطوات يجري العمل عليها بهدف جمع الطرفين، ويبدو أنّ الأمور تتّجه نحو الحل على هذا الصعيد بعد لقاء السفير السعودي ميقاتي.
وهذا اللقاء انعكس إيجاباً على الساحة الطرابلسية، واستكمالاً للمساعي الوفاقية الطرابلسية علمت “الجمهورية” أنّه سيُعقد اليوم اجتماع عند السابعة في منزل آل كرامي في كرم القلّة وسيضمّ، إضافةً إلى النائب أحمد كرامي، الرئيسَ نجيب ميقاتي، النائب سمير الجسر، النائب محمد الصفدي أو من ينوب عنه، النائب محمد كبارة، وسيتداول المجتمعون في الأسماء المطروحة في طرابلس والميناء،
فهل تلعب “الهواجس المشتركة” من دور الوزير ريفي وطموحاته السياسية دوراً في جمع ميقاتي بالحريري؟