نجلة حمود
تخطت التعديات المتفاقمة في عكار كل التوقعات وباتت فاقعة و «على عينك يا تاجر»، إذ بالرغم من صرخات المواطنين المتتالية للحد من هذه التعديات، والتي بلغت مسمع المعنيين الذين سارعوا إلى إصدار قرارات بإحالة المخالفين إلى النيابة العامة المالية، إلا أن أي شيء لم يردع الاعتداءات، بل على العكس اكتسب هؤلاء خبرة وباتوا يعلمون من أين تؤكل الكتف.
وجديد فضائح التعديات استمرار أعمال البناء ضمن حرم الأوتوستراد العربي الذي يمتد من منطقة البداوي، عند خزانات النفط، دير عمار، عرمان، المنية، بحنين، المحمرة، مروراً ببلدة ببنين حيث تتفرع منه طرق عدة. كذلك يخترق وادي الجاموس، دير دلوم، ذوق الحبالصة، سهل عرقا ومنيارة حتى السمونية ومنها إلى مركز المحافظة في حلبا، ويعود باتجاه سهل عكار، مروراً في الكويخات وسعدين ودارين والشيخ عياش، وصولاً إلى معبر العبودية على الحدود الشمالية .
وبالرغم من إقرار الاستملاكات منذ العام 1993 وإقرار المرسوم في كانون الأول من العام 2015، يبدو واضحاً أن بعض المنتفعين يقومون بالبناء داخل حرم الاستملاك من دون رقابة السلطات الرسمية المكلفة منع المخالفات وعلى رأسهم محافظ عكار عماد لبكي والقوى الأمنية. فبعد فضيحة الاعتداء على الأوتوستراد في بلدة دير دلوم، تظهر مخالفة جديدة على بعد أمتار عند مفترق بلدة بقرزلا، وذلك على العقار 1100 التابع عقارياً لبلدة عرقا، حيث أقدم احد المواطنين على تشييد بناء من ثلاث طبقات منذ مدة بمساحة 530 متراً.
ويطرح الواقع القائم سلسلة تساؤلات مشروعة حول من يغطي المخالفات؟ وأين مسؤولية البلديات في ما يجري؟ ومن سمح بالبناء المخالف داخل حرم الأوتوستراد؟ ولماذا لم تقم القوى الأمنية بمنع هذه المخالفات؟ وما صحة المعلومات التي أوردها عدد من رؤساء البلديات حول لجوء البعض إلى تخطي صلاحياتهم مستندين إلى تغطية، وبأمر مباشر من قوى أمنية وسياسية نافذة؟ فما الذي يجري وهل من ضغوط سياسية تمارس على محافظ عكار لمنعه من القيام بالإجراءات اللازمة؟ ولماذا لا يبادر لبكي إلى عقد لقاء مع رؤساء البلديات المعنية بالاوتوستراد لوضع الأمور في نصابها، ولمطالبة القوى الأمنية بالتشدد بمنع وقمع المخالفات ضمن مخطط الاوتوستراد كما كل الأملاك العامة؟ علما أن قوانين البناء المرعية الإجراء تمنع الترخيص والبناء ضمن المخططات والأملاك العامة بشكل واضح، إلا أن أبنية جديدة تشيّد بين الحين والآخر ضمن نطاق الأوتوستراد.
وفوجئت مصادر «التنظيم المدني» في عكار بالاعتداءات الحاصلة على حرم الأوتوستراد، مؤكدة أن «العقارات رقم 1101 و1102 و1103 كلها مستملكة وبأكملها وفق المرسوم رقم 20351، وبالتالي من المستحيل أن نقوم بإعطاء رخص للبناء في حرم الأوتوستراد».
وتضيف المصادر: «إن العقارين 1102 و1103 فيهما اعتداءات قديمة تتجلى بأبنية ومحطة بنزين وغيرها، في حين أن العقار رقم 1100 مستملك بشكل جزئي»، وبالتالي تنفي المصادر عدم علم البلديات بأن التخطيط يضرب تلك المنطقة.
ويؤكد رئيس بلدية عرقا عامر حدارة «أن أحد المواطنين طلب رخصة لتشييد مبنى بمساحة 150 مترا مربعا محايدة للأوتوستراد، وبالفعل أعطيت الرخصة ليتضح لاحقا أنه قام بتشييد مبنى بمساحة 600 متر مربع ضمن الأوتوستراد».
وناشد عضو لجنة الأشغال النيابية النائب معين المرعبي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «حماية الأوتوستراد العربي، الذي كان له فضل كبير بإنجاز استملاكاته، لأنه يعتبر الأمل الوحيد المتبقي لمعالجة موضوع المواصلات وتحفيز الإنماء في محافظة عكار التي ينتظر أبناؤها بفارغ الصبر المباشرة بأعمال التنفيذ خلال الأشهر المقبلة». وطالب المرعبي «بفتح تحقيق واتخاذ الإجراءات المسلكية والقانونية بحق من نفذ او تقاعس او غطى أو ارتشی، والإيعاز الی من يلزم باتخاذ الإجراءات القانونية لإزالة هذه الجريمة الموصوفة».