IMLebanon

سياسات الاحتياطي الفيدرالي تهدد النمو العالمي

FederalReserveMarkets
ديفيد مالباس

يا له من مأزق. حتى وإن صحح سوق الأسهم انخفاضه في الشهور الأولى من العام 2016، سيواجه المستثمرون عاماً صعباً آخر. يستمر (المصرف الاحتياطي الفيدرالي) والمشرعون الماليون الآخرون في ميولهم الانكماشية القوية، رافعين سعر الدولار، ومخفضين الأسعار، مستهلين ذلك بالذهب عام 2011. طبقاً لما جرت مناقشته في العديد من المقالات، ارتكب (المصرف الاحتياطي الفيدرالي) أخطاء فادحة في الإبقاء على سعر الفائدة صفراً، وشراؤه السندات بعد عام 2009، متسبباً في سحق النمو العالمي إلى درجة إيقافه.

أدى نقص الإصلاحات الهيكلية في كل من أمريكا، واليابان، وأوروبا إلى مضاعفة عبء السياسة النقدية. تنفق حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بتهور، مبذرة مئات المليارات من أموال دافعي الضرائب سنوياً، في وقت تسن فيه متاهة تنظيمية لا يمكن الخروج منها. نظام ضريبة الدخل الشخصي كارثي. معدل ضريبة الشركات هو أحد أعلى المعدلات في العالم، ويتسبب في هروب الشركات، في حين تحتفظ أقوى شركاتنا بأموالها في الخارج تفادياً لخضوعها للضريبة في الوطن.

وجهت سياسات المصرف الاحتياطي الفيدرالي معظم الأموال المتاحة للإقراض إلى مصدري السندات والمهندسين الماليين، وليس نحو النمو. أدى ذلك إلى تخفيض عوائد السندات عالية الجودة إلى الدرجة التي جعلتها لا تدر دخلاً كبيراً. فيما يتعلق بالمستثمرين والمدخرين، ربما تستمر هذه المشكلة لسنوات. نصح المستثمرون لعقود بالاحتفاظ بخليط من الأسهم والسندات، مع نسبة نمو للسندات التي تتقادم. كان ذلك مجدياً عندما كانت عوائد السندات مرتفعة، ولكنها لن تكون كافية للتقاعد، نظراً إلى انخفاض عوائدها وطول العمر المتوقع.

الأسهم في العديد من الشركات القائمة مبالغ في تسعيرها، على افتراض نمو كبير في الأرباح، لكن توقعات النمو في الأرباح ضعيفة أو سالبة. الاستثمار منخفض في معظم القطاعات، والتجارة العالمية في تراجع سريع. سيزداد الأمر سوءاً لو تحولت الإجراءات الأوروبية لغربلة اللاجئين إلى سياسات حماية.

توفر السندات مرتفعة العوائد دخلاً أعلى، لكنها ليست رخيصة، نظراً إلى مخاطرها، وخاصة إذا بقي النمو بطيئاً. العقارات هي المفضلة في السوق، لكن استمرار عوائدها سيعتمد على النمو والتضخم الغائبين.

مقالي الذي نشر في 8 سبتمبر/ أيلول من عام 2014 حول الأحداث الحالية، “انخفاض العوائد”، شرح كيف أن سياسة المصرف الاحتياطي الفيدرالي “خلقت عوائد حالية مرتفعة مصطنعة على حساب العوائد المستقبلية.. السياسة تعيد توجيه الأموال المتاحة للاقراض إلى من لا يحتاجون إلى إعانة، مثل الحكومة، والشركات الكبيرة، والأثرياء، على حساب أولئك الذين قد يستعملون رأس المال بطريقة أكثر ربحية”.

في عام 2015، انخفض العائد الإجمالي على الأسهم الأمريكية الكبيرة مؤشر (S&P 500)، متضمناً التوزيعات إلى %1.4 فقط. إجمالي العوائد على سلة من أسهم الشركات الصغيرة كان سالباً: مؤشر أسهم -(Russell midcap) %2.4، أسهم الشركات صغيرة القيمة السوقية -4.4%، ودرت سندات الخزينة بتاريخ استحقاق 10 أعوام 1.1% فقط، أدنى من الكثير من مقاييس التضخم. بدأ عام 2016 بصورة سيئة جداً، لدرجة أنه قد يكون أسوأ من عام 2015، إلا إذا تغيرت السياسات الحكومية جذرياً.

لم يحقق الكثير

بدلاً من توظيف الربح في بناء نشاطاتها وأعمالها، تشتري العديد من الشركات الأسهم عن طريق الاقتراض أو تقليل الاستثمار. هذا الأمر يقود أسعار الأسهم إلى الارتفاع في الأجل القصير، ولكن يعتمد المستثمرون لآجال طويلة على الأرباح الجديدة، وليس على المزايدة على النمو المتعثر. للعديد من الشركات، ليس هنالك الكثير ليجنوه، لأنهم لم بذلوا الكثير من الجهد. في الواقع، تقلصت الأرباح في عام 2015، وهي ظاهرة يعتقد أن تتحول إلى كساد في الأرباح.

من الصعب إيجاد مساحة للمناورة في هذه الأجواء القاتمة. يكمن الحل في المزيد من الاستثمار في الأعمال، والنمو الأسرع، لكن ذلك يتطلب قيادة قوية تركز على التغيير البناء. الحكومات غارقة في الديون، وإداراتها ضعيفة. بدلاً من المساعدة في تحسين مستويات المعيشة، غالباً ما تكون هذه الحكومات جزءاً من المشكلة، كما يحدث للأسواق في البرازيل، وروسيا، وجنوب أفريقيا، وفنزويلا. برنامج اليابان الاقتصادي متعدد المسارات يتألف أساساً من الإنفاق الحكومي السخي، وشراء البنك المركزي الياباني السندات الحكومية منخفضة العوائد، وهي ليست وصفة لتحقيق النمو. لم تتمكن أوروبا من إنقاذ حكومة اليونان، ناهيك عن فرض قيود على الإنفاق، وإجراء إصلاحات مصرفية، وتحرير السوق لتحقيق مزيد من النمو.

هذا يعيد المتغير الاستثماري الرئيس إلى المربع الأول، وهو القيادة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أكبر اقتصادات العالم دون منازع، ففيها تفوق استثمارات القطاع الخاص في الأسهم والسندات والعقارات بقية دول العالم مجتمعة “باستثناء شبه القطاع الخاص الصيني”. مشاكل النمو التي تعاني منها واضحة، مع توفر حلول في عام 2017. كانت بداية هذا العام سيئة، لكن الأسواق تتطلع إلى الأمام، فإن رأت تحسناً في السياسة سيتوفر وقت كافٍ لإنقاذ عام 2016 من أجل المستثمرين.