تأرجحت أسعار المحروقات في لبنان صعوداً وهبوطاً، منذ إعلان الحكومة مطلع شباط الفائت عن نيتها فرض مبلغ 5000 ليرة لبنانية على صفيحة البنزين، ضريبة إضافية تمكن الخزينة من تحقيق دخل إضافي. وسمح هذا التأرجح بزيادة أسعار المحروقات بنحو 2000 ليرة لبنانية على صفيحة البنزين، وبدأ المواطنون يلحظون هذا الإرتفاع، حتى ظن البعض، أن مبلغ 5 آلاف ليرة أضيف بطريقة “سرية”. لذلك، أثيرت تساؤلات عن مستقبل أسعار المحروقات في لبنان أولاً، والجهة المستفيدة من هذا الإرتفاع ثانياً.
ففي قراءة سريعة للأسعار، نجد أن سعر برميل النفط (برنت) قارب مطلع شباط الفائت نحو 33 دولاراً حتى وصل في نهايته إلى نحو 38 دولاراً، ليعود ويرتفع سعر البرميل إلى نحو 40 دولاراً في الأسبوع الأول من آذار، ثم انخفض في الأسبوع الأخير منه ليقارب 38 دولاراً، فيما يسجل اليوم نحو 43 دولاراً.
بالتزامن مع هذا التغير، تأرجحت أسعار المحروقات في لبنان، فبعدما كان سعر صفيحة البنزين (98 أوكتان) 20200 ليرة لبنانية في الأسبوع الأول من شباط، إنخفض سعرها ليصل إلى 19200 ليرة لبنانية في بداية آذار، وعادت وارتفعت إلى 21400 في منتصف نيسان. ولا يختلف المازوت الأحمر كثيراً، فقد شهدت أسعاره تأرجحاً أيضاً، من 9500 ليرة لبنانية في بداية شباط إلى 11200 ليرة لبنانية.
تشير معظم التوقعات إلى أن أسعار المحروقات في لبنان قابلة للإرتفاع في الفترة المقبلة، وذلك لسببين أساسيين هما: الأول، أن جدول تركيب الأسعار الذي تعتمده وزارة الطاقة يحتسب المعدل الوسطي لأسعار النفط لكل أربعة أسابيع سابقة، ما يعني أن إرتفاع أسعار النفط الذي نشهده اليوم، سيكون له إرتداداته على أسعار المحروقات في الأسابيع القليلة المقبلة.
أما السبب الثاني، فهو أن الدول المنتجة للنفط من داخل “أوبك” وخارجها تسعى إلى تثبيت إنتاج النفط عند مستويات محددة، ما سيسمح حتماً بتعافي أسعار برميل النفط العالمي، الذي وصل خلال فترة سابقة إلى ما دون الثلاثين دولاراً. وللغاية، ستجتمع نحو 20 دولة منتجة للنفط يوم الأحد المقبل في الدوحة للبحث في هذا الشأن.
من هنا، يعتبر رئيس “نقابة أصحاب محطات المحروقات”، سامي براكس، في حديث مع “المدن”، أن “تغير أسعار المحروقات في لبنان مقبول جداً”، على اعتبار أن هذا التغير “يرتبط بحجم العرض والطلب العالميين، ولا يخضع لمزاجية القيمين عليه في لبنان”.
وفي هذا السياق يؤكد الخبير النفطي ربيع ياغي لـ”المدن” أن الجدول الذي تعتمده وزارة الطاقة لتسعير المحروقات، هو “جدول معقول، كون لبنان يحتسب أسعار المحروقات أسبوعياً، على عكس الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية، التي تعتمد المكننة في التسعير، والتي تتبدل فيها أسعار المحروقات تلقائياً بحسب الأسعار العالمية”، لافتاً، إلى أن تبدل الأسعار صعوداً أو نزولاً، سيحدده اجتماع الدوحة المقبل.
من ناحيته، ينفي رئيس “تجمع الشركات المستوردة للنفط”، مارون شماس، في إتصال مع “المدن” أن يكون أي طرف في لبنان مستفيداً من إرتفاع أسعار المحروقات، باعتبار أن “الأسعار التي تعتمد هي نتيجة للإرتفاع الحاصل في أسعار النفط العالمي”. وبالتالي، فإن الدول المنتجة والمصدرة للنفط هي المستفيد الرئيس من هذا الإرتفاع”. والدليل على ذلك هو سعي الدول المنتجة في الأونة الأخيرة إلى إيجاد تفاهم في ما بينها حول آلية إنتاج تمنع تهاوي أسعار النفط في الفترة المقبلة.
في المحصلة، إن هذه الأسعار لا تزال ضمن المعدل الطبيعي الذي إعتاد عليه المستهلكون منذ أعوام، إذ كان سعر صفيحة البنزين نحو 42 ألف ليرة، قبل منتصف العام 2014، وقتذاك وصل سعر برميل النفط إلى نحو 100 دولار. وعليه، هل ستعود أسعار المحروقات إلى ما كانت عليه سابقاً، وإلى أي مدى سترتفع الأسعار مجدداً؟