تكشف وثائق “اوراق بنما” ان هونغ كونغ المدينة المتطورة الكبرى التي يتمتع سكانها بحريات لا مثيل لها في اماكن اخرى من الصين، تتسم بجانب غامض مرتبط بوضعها كواحدة من الملاذات الضريبية.
وسمح تحليل ملايين من وثائق مكتب المحاماة موساك فونسيكا للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بكشف حجم الممارسات الضريبية التي تفتقد الى الشفافية لبنما.
لكنها كشفت ايضا الدور الذي تلعبه هذه المستعمرة البريطانية السابقة في دوائر الاوفشور القادمة من الصين.
واي شركة اوفشور هي شركة مسجلة في الخارج ولا تمارس اي نشاط في البلد الذي سجلت فيه لكنها تتمتع بامتيازات ضريبية في هذا البلد. واقامة شركة اوفشور ليست امرا غير قانوني لكن يمكن ان يصبح اداة فعالة لاخفاء نشاطات واموال مثيرة للشبهات.
وانشأ مكتب المحاماة البنمي اكثر من 16 الفا و300 شركة اوفشور اي ثلث شركات الاوفشور “النشيطة” في 2015، لحساب زبائنه في هونغ كونغ والصين.
وبين هؤلاء اعضاء في القيادة الصينية والثري لي كاشينغ وهو من هونغ كونغ والممثل جاكي شان… ومعظم هذه الشركات مقارها في الجزر العذراء البريطانية.
وفي 2009، افلتت هونغ كونغ في اللحظة الاخيرة وبعد مفاوضات شاقة مع الصين، من ادراجها على لائحة الملاذات الضريبية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
“اعمال قانونية او غير قانونية”
وهونغ كونغ التي توصف “بلؤلؤة الشرق” باتت في المرتبة الثانية — بعد سويسرا — بين الدول الاكثر غموضا على الصعيد المالي في العالم، حسب ترتيب وضعته منظمة “تاكس جاستيس نيتورك” في 2015.
وقال المحامي دوغلاس كلارك ان “كل شئ في هونغ كونغ مصنوع لتسهيل قطاع الاعمال (…) وهذا يعني انه من السهل القيام باي نوع من الاعمال سواء كانت قانونية او غير قانونية”.
وتتسم المستعمرة البريطانية السابقة بصفتين اساسيتين لاي مركز مالي “اوفشور” هما الامن والحرية.
وتمتعت هونغ كونغ بحماية بريطانيا 150 سنة قبل ان تعود قبل 19 عاما الى الصين. وقد بقيت منطقة تنعم بالاستقرار السياسي في منطقة مضطربة.
ومنذ عودتها الى بكين في 1997 تتمتع هونغ كونغ بحكم ذاتي واسع ولم تواجه اي مشكلة على الصعيد الاقتصادي.
وقال المحلل توم هولاند ان “تاريخ هونغ كونغ كمركز مالي يغض النظر عما يخضع في مكان آخر لتحقيقات، يعود الى ستينات القرن الماضي”.
ويحسب لوزير مالية هونغ من 1961 الى 1971 السير جون كاوبرثويت انه حول هذه المنطقة الى مركز مالي كبير.
وكان هذا المدافع عن “عدم التدخل الايجابي” للدولة، يرفض حتى اجراء احصاءات اقتصادية خوفا من منح الحكومة صلاحيات واسعة.
ومنذ تلك السنوات، يمكن لهذا الملاذ “الحر” في منطقة شهدت حروبا، جذب كل اشكال رؤوس الاموال.
واستند الزعيم الصيني دينغ شياوبينغ الى هذه المستعمرة في الانفتاح الاقتصادي الصيني الذي بدأ في 1980 باقامة اول “منطقة اقتصادية خاصة” في شينزين.
وهونغ كونغ مركز مثالي للنخبة الصينية التي ترغب في الافلات من المراقبة.
“التفاف”
وتشهد هذه المنطقة اليوم واحدة من اعلى نسب النمو في العالم في قطاع الخدمات المالية للاوفشور.
وكانت في 2015 تمتلك 350 مليار دولار من موجودات “مصارف خاصة” القطاع الذي يزدهر بسرية وتكتم.
وقالت المنظمة نفسها ان حوالى 335 مليار دولار كانت في نهاية 2011 مملوكة من قبل شركات احتكارية متمركز في هونغ كونغ.
وهونغ كونغ خيار مفضل ايضا للمستثمرين الصينيين الذي يقومون بعمليات “التفاف”، اي يخرجون اموالهم لاعادتها بعد ذلك بطريقة غير قانونية من اجل الاستفادة من امتيازات خاصة بالاستثمارات الاجنبية.
لذلك تطغى على الاستثمارات الخارجية في الصين، الاموال القادمة من هونغ كونغ (45 بالمئة في نهاية 2012) او الجزر البريطانية (15 بالمئة) حسب المبالغ التي اوردتها “تاكس جاستيس نيتوورك”.
وتنبع اهمية عرض الاوفشور في هونغ كونغ من الضرائب القليلة جدا على النشاطات التيي تجري في الخارج. وتشكل هذه المنطقة وجهة مثالية لنقل الارباح والافلات من الضرائب.
ويؤكد ديفيد ويب المصرفي السابق الذي اصبح ناشطا يطالب بالشفافية المالية ان ثلاثة ارباع الشركات المدرجة في بورصة هونغ كونغ مسجلة في جزر كايمان وبرمودا. وهذه الارقام ينفيها الناطق باسم ادارة البورصة الذي يؤكد ان الشركات المدرجة عليها الامتثال لبعض المعايير.
وكان وزير المالية في هونغ كونغ شان كا-كيونغ صرح مطلع نيسان/ابريل “لدينا شعور بانه على الصعيد الدولي، يعتبرون الاماكن التي تفرض ضرائب اقل وتتمتع بحرية اكبر، بشكل طبيعي اماكن لتبييض المال وهذا خطأ”.