Site icon IMLebanon

شكرًا زحلة!

 

كتب نبيل بومنصف في صحيفة “النهار”:

لا يتقن معظم اللبنانيين توجيه الشكر الى ذواتهم لفرط ما عانوا ويعانون من عقد نقص باتت لا تريهم في أنفسهم الا النقائص وتأنيب الضمير “والنق ” وتبعدهم تاليا عن معنى الانتفاض الحقيقي ونفض واقعهم بأيديهم . لذا ترانا نقف من اول طريق الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة منحازين بالكامل الى اي معركة انتخابية في أي مدينة وبلدة وقرية لأنّ طريق المعارك هنا هو وحده السبيل الطبيعي للتغيير والانتفاض من تحت الى فوق وسط هذا العار الديموقراطي الذي ابتلينا به على أيدي حراس النظام والدولة والسياسة.

ولا بأس في مطالع هذا الاستحقاق من التوقف بإمعان عند ظواهر واعدة، ولو بكثير من حذر وخشية من إحباطات اضافية. تعكس الاستعدادات الانتخابية اشتداد العصب لدى القوى المسيحية خصوصًا لخوض مبارزات مشهودة يختلط فيها عامل إثبات القوة لدى الأحزاب والتيارات المسيحية الكبيرة مع عوامل التأثير العائلية الساحقة في طبيعة هذا الاستحقاق. ولعل أفضل ما في هذا المشهد أن يحمل المسيحيون لواء نشر العدوى في تعميم معارك تقوم على إطلاق نمط التغيير الشامل. في ذلك ترانا ننظر الى ظاهرة الاحتدام المبكر لمعركة زحلة بما تنطوي عليه من تحفيز قوي لمبارزة حقيقية بين مختلف القوى فيها كمعركة نموذجية لما يجب ان يكون عليه الاستحقاق الانتخابي ولو انها تتخذ أبعادا “معملقة” على الطريقة اللبنانية في نفخ وتضخيم كل صغيرة وكبيرة.

بعض هذه الأبعاد المزعومة ذهبت ببعض المتنافسين في معركة عاصمة البقاع الى استحضار سلاح توطين اللاجئين السوريين ورسم سيناريوات استجلبت إرادات ” الأشرار ” الدوليين الى صحن الدار الزحلاوي . يذكرنا ذلك، بتلك المعركة “الكونية” التي لا تنتهي في مسار دعائي “طريف” لبعض الزعامات السياسية التي لا تنفك تصور لقواعدها انها هدف كوني. لا بأس ما دام الزمن زمنا انتخابيًا وما دامت “حروب الإلغاء” تطوى من جهة لتفرخ وتنبعث من جهات أخرى وأخصها في زحلة المدينة التي تحتضن الكتلة الكاثوليكية الاكبر مع خليط واسع من مختلف الطوائف والأحزاب والاتجاهات ولو أنّ شدّة العصف السياسي في المعركة قد يحمل نذير التحسب لمجلس منتخب سيكون مضطرًا الى التعايش مع تلاوينه المتناقضة.

المعركة الإنمائية الحقيقية في هذا الاستحقاق تبقى المعيار الاول والأساسي الذي يفترض أن يحفز المعارك في زحلة وسواها، واذا تمدّدت عدوى زحلة على ما توحي البوادر الإيجابية في اتجاهات مختلفة من لبنان سنكون امام المفاجأة السارة من دون أي تحفظ مهما استعمل في المعارك من أسلحة دعائية مضخمة وتنافسات مشروعة شرط الا نستفيق على صفحات وافدة من أنماط فاسدة وتدخلات سلطوية من هنا وهناك تدمر الفرصة الثمينة. شكرًا زحلة، والى اللقاء مع زحليات تعمّ لبنان.