IMLebanon

لماذا منعت “الجمارك” إدخال مادة الحمض الكبريتي؟

aluminum
عزة الحاج حسن

تواجه مصانع الألمينوم في لبنان منذ نحو الشهر أزمة جديدة من نوعها لا تتعلّق بمشاكلها التاريخية، إلا أنها لا تقل خطورة عنها، وتتمثّل الأزمة بشح إحدى المواد الأساسية التي تدخل في صناعة الألمنيوم وهي الحمض الكبريتي Sulfuric acid.

فقد درجت العادة أن تتسلّم مصانع الألمنيوم الخمسة العاملة في لبنان مادة الحمض الكبريتي من مصانع شركة “كيماويات لبنان” الكائنة في سلعاتا، إلا أنها ومنذ نحو شهر توقّفت الأخيرة عن تسليم المادة لأسباب لم تُفصح عنها الشركة واكتفت بإعلام مصانع الألمنيوم بـ”أن إدارة الجمارك تعرقل استيرادها مواد كيماوية منها الحمض الكبريتي”.

وما كان على مصانع الألمنيوم سوى محاولة التواصل مع إدارة الجمارك ووزارة الصناعة لتسهيل إدخال الشحنة الخاصة بشركة “كيماويات لبنان” قبل نفاذ كميات الحمض الكبريتي لديها، وفق ما أكده مدير الشركة “العامة لصناعات الالمنيوم” (Aluxal) كنعان خوري في حديثه إلى “المدن”، غير أن المصانع لم تحصل على الجواب الشافي.

ونظراً إلى كون مادة الحمض الكبريتي تدخل بشكل أساسي في صناعة الألمينوم، رأى خوري أن “من الضروري الإفراج عن الشحنة الخاصة بشركة “كيماويات لبنان” وتسليمنا مادة الحمض الكبريتي خلال أيام قليلة، تجنباً لتعليق عملية تصنيع الألمنيوم لأن المصانع شارفت على استنفاذ الكميات المخزنة لديها”.

وأسف خوري لانعدام الخيارات أمام مصانع الألمنيوم، إذ لا يوجد في لبنان سوى مصنع واحد للحمض الكبريتي، في سلعاتا، واستيراد الحمض الكبريتي من الأمور الصعبة جداً، إذ يستلزم استيرادها الإستحصال على موافقة كل من وزارات الدفاع والصناعة والصحة وطبعاً إدارة الجمارك، وتشوب معاملاتها العديد من التعقيدات، “لذلك لا حلول أمامنا سوى إنتظار مصنع سلعاتا تسليمنا المواد بعد إفراج إدارة الجمارك عنها”.

رفضت شركة “كيماويات لبنان” التعليق لـ”المدن” على سبب وقف إدارة الجمارك الشحنة في المرفأ. كذلك فعلت وزارة الصناعة، التي تمنعت عن الدخول في الحديث عن الملف من حيث المبدأ، فتوجهّت “المدن” إلى إدارة الجمارك لاستيضاح سبب عدم السماح لشحنة الكيماويات بدخول لبنان، فكان رد الضابط المراقب في المديرية العامة للجمارك العقيد خضر الجمل أن “شركة كيماويات لبنان ارتكبت مخالفة إدارة في حق الجمارك ما استدعى من الأخيرة إيقاف الشحنة المطلوب إدخالها”.

وإذ وصف الجمل في حديثه الى “المدن” المخالفة بـ”غير المهمة”، “وربما ارتكبتها الشركة عن حسن نية وعدم إدراك وليس بهدف المخالفة”، أوضح أن الشركة اعتادت على إدخال بضائع (مواد كيماوية) على أساس عزمها إعادة تصديرها، فيما تبيّن أن المواد التي تستوردها الشركة تبيعها في الداخل اللبناني ولا يتم إعادة تصديرها”.

ووفق الجمل فإن الشركة عمدت إلى إخفاء بيانات توضح نيتها بيع المواد في السوق اللبنانية، “بهدف توفير الوقت والإسراع في إنجاز المعاملات في الجمارك”، وكشف أن الشركة تحاول الضغط على إدارة الجمارك بهدف إدخال البضائع ريثما تعمل على تسوية وضعها القانوني في حين تصر إدارة الجمارك على تسوية الوضع غير القانوني قبل إدخال الشحنة. واكد أن الأزمة ستحل خلال 15 يوماً كأبعد تقدير، لكن بعد مرور بيانات الشركة بحسب الأصول بما يُلزمها احترام الأصول والتقيد بالشروط المفروضة على استيراد الحمض الكبريتي والتي ينص عليها القانون.

ولكن تهرّب الشركة من التصريح بإدخال البضائع ومنها الحمض الكبريتي إلى السوق اللبنانية وإعلانها إعادة تصديره، إنما يشير إلى أمرين وفق مصدر في الجمارك فضّل عدم ذكر اسمه: أولهما أنها تتهرّب من دفع الرسوم الجمركية التي تُفرض على البضائع التي تم تسويقها على الأراضي اللبنانية وتُعفى منها البضائع التي تمر بالأراضي اللبنانية ويُعاد تصديرها؛ وثانيهما أن خطورة الأمر لا تكمن في التهرب من دفع الرسوم الجمركية على المستوردات فحسب إنما على الوجهة الحقيقية التي تذهب إليها مواد الحمض الكبريتي، ولاسيما أن هذه المادة مرتفعة الخطورة لأنها تدخل في تركيب أنواع عدة من المتفجرات منها “تي إن تي” والقنابل الحارقة.