Site icon IMLebanon

فائزون وخاسرون بفعل تقلبات بورصة النفط العالمية

stocks-bonds-s
بيليتا كلارك من نيويورك

تحطم أسعار النفط له عواقب وخيمة. انخفاض النفط الخام بعد الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 بشّر ببدء شركات النفط والغاز العملاقة اليوم بعد موجة من عمليات الاندماج الضخمة التي شملت شراكة شركة بريتيش بتروليوم مع شركة أموكو، وشراكة إكسون مع موبيل، وشركة تكساكو مع شركة شيفرون.

على أن النتائج المترتبة على هذا الركود في النفط لم تكن تلك التي يمكن أن يشير التاريخ إلى حدوثها، سواء داخل أو خارج صناعة النفط.

تم إلغاء الآلاف من فرص العمل حيث تم تعطيل عمل الحفارات وخفض الاستثمارات في هذا القطاع. ومع ذلك، باستثناء استحواذ شركة رويال داتش شل على منافستها الأصغر مجموعة بريتش غاز، لم يكن هناك أي شيء حتى الآن مثل موجة الصفقات الكبيرة التي أعقبت تراجع النفط أواخر التسعينيات.

وذلك لأن هذه الأزمة كانت مسبوقة بفترة من “المال الحر” عمليا في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، كما يقول توني هايوارد، رئيس مجلس إدارة شركة جلينكور والرئيس التنفيذي السابق لشركة بريتش بتروليوم.

ويضيف، “جزء كبير من هذه الصناعة كان واقعا تحت رفع مالي هائل بطريقة لم تكن في عامي 1998 و1999″، الأمر الذي يؤدي إلى الإفلاس في صناعة النفط الصخري الأمريكي، ويمنع عمليات الدمج.

ماذا عن بقية عالم الشركات؟ تقول الحكمة التقليدية، إن الوقود الرخيص يعد جيدا بالنسبة لشركات الطيران، وشركات صناعة السيارات التي تستهلك كميات كبيرة من البنزين، وغيرها من الشركات القادرة على إنتاج أو شحن البضائع بتكلفة أقل للمتسوقين الذين لديهم محافظ مكتنزة بسبب انخفاض أسعار البنزين. على العكس من ذلك، من المفترض لأسعار النفط المنخفضة أن تكون علامة سيئة بالنسبة لشركات توليد الكهرباء التي تستخدم الطاقة المتجددة للسيارات الكهربائية.

الواقع كان أكثر تعقيدا في تراجع أسعار النفط التي كانت أعمق وأطول ما توقع كثير من الخبراء، ويحدث هذا في عالم لم يتغير كثيرا منذ حالات انهيار الأسعار السابقة.

أحد أكبر الاختلافات بين أحدث تراجع لأسعار النفط وعمليات التراجع الماضية هي الطريقة التي استجاب فيها المستهلكون للنقدية الإضافية في جيوبهم من الوقود الأرخص.

تقول وكالة موديز، إن انخفاض أسعار النفط لا يترجم إلى الإنفاق القوي المتوقع على بعض السلع الاستهلاكية لأن الكثير من الناس يركزون على الادخار.

فشلت التوقعات في أن تتطابق مع الحقيقة في أجزاء كثيرة من قطاع الطاقة، أيضا، وذلك بفضل التغييرات الواضحة التي شهدتها هذه الصناعة منذ تحطم الأسعار النفطية السابقة.

ارتفع عدد البلدان التي لديها أهداف الطاقة المتجددة من مجرد 73 بلدا في عام 2010 إلى 164 بلدا في عام 2015، وذلك وفقا للبيانات التي تعرضها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. ويشكل هذا أحد أسباب فشل مسار النفط في عرقلة النمو السنوي الصحي في قدرة الطاقة المتجددة على توليد الكهرباء.

قفزت مبيعات السيارات ذات الاستخدامات الرياضية التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود، ولكن الحوافز التي تقدمها الحكومة عملت إلى حد معين على حماية صناعة السيارات الكهربائية الصغيرة.

انخفضت المبيعات الشهرية للسيارات الكهربائية وغيرها من المركبات في الولايات المتحدة منذ بدأت أسعار النفط في الانخفاض في منتصف عام 2014، لكنها ارتفعت في أوروبا، وفقا للأرقام الصادرة عن شركة جاتو دايناميكس، وهي شركة أبحاث السيارات.

المستهلكون المقتصدون

بالنسبة للمستهلكين، انخفاض أسعار النفط يعني بنزينا أقل تكلفة، ما يوفر المزيد من المال في جيوبهم للإنفاق على الأمور الأخرى.

هذه الزيادة في الدخل القابل للصرف تشكل من الناحية النظرية خبرا سارا لشركات السلع الاستهلاكية – التي تبيع المواد الغذائية، ومسحوق الصابون وأدوات النظافة – التي تكسب أيضا من انخفاض تكاليف الوقود. الواقع يشتمل على تفصيلات دقيقة.

المستهلكون في البلدان المستوردة للنفط، مثل الهند يستفيدون من هذا. سارة سليمان، مديرة التحرير في مجلة يورومونيتور الدولية، تقول، إن الذين يعيشون في البلدان المصدرة للنفط، مثل روسيا، “يشاهدون اقتصاداتهم وهي تتقلص. إضافة إلى ذلك، كثير من الأسواق الناشئة تعاني ضعف العملة وهذا يزيد من تكاليف الاستيراد، ما يؤدى إلى ارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي يمكن أن يقلل أسعار الطاقة أكثر من أن يعوضها”.

وقالت شركة يونيليفر في كانون الثاني (يناير) المقبل، إن انخفاض أسعار النفط يساعد قسم أعمال الغسيل لديها من خلال انخفاض تكاليف المدخلات، ولكن كانت تعوق نمو مبيعات الشاي بالجملة، والكثير منه يتم بيعه لبلدان الشرق الأوسط.

أخيرا، وكما تشير سليمان، المستهلكون لا ينفقون بالضرورة المدخرات التي كسبوها بسبب خفض فواتير الطاقة.

على الصعيد العالمي، الادخار كنسبة مئوية من الدخل القابل للصرف ارتفع بزيادة طفيفة في عام 2015.

وقالت وكالة موديز الشهر الماضي إنها تتوقع الآن أن تأثير انخفاض أسعار النفط على الشركات الغذائية الأمريكية التي تصنع الأطعمة المعلبة، مثل شركة كرافت هاينز، سيكون “إيجابيا إلى حد ما” بدلا من “إيجابية بقوة”.

براين ويدنجتون، كبير موظفي الائتمان في وكالة موديز، يقول، “يظل المستهلكون منفقين حذرين، ما أدى إلى المنافسة السعرية الثقيلة… وبالتالي، فإننا نتوقع أن الشركات سوف تعيد استثمار كثير من الوفورات في التكاليف من الوقود الأرخص في عمليات الترويج والتسويق للحفاظ على الأقل على حجم المبيعات”.

شركات الطيران تربح

شهرزاد دانشكو من لندن

تظهر الابتسامة أخيرا على محيا التنفيذيين في شركات الطيران. بعد رؤية الوقود وهو يصبح أحد أكبر تكاليفها في عصر ارتفاع أسعار النفط، تحتفل شركات النقل الجوي الآن بالتراجع في قيمة النفط الخام.

في حين أن شركات الطيران تعد الفائز الطبيعي من النفط الرخيص، إلا أن مدى السرعة التي يمكن فيها جني الفوائد الكاملة يختلف بشكل كبير في جميع أنحاء الصناعة.

ويعود ذلك إلى حد كبير إلى عقود التحوط في شركات الطيران. كان الوقود يمثل عادة نحو ثلث تكاليف تشغيل شركات الطيران قبل تراجع النفط، واختارت كثير من الشركات أن تلجأ إلى قابلية التنبؤ التي يسمح بها التحوط على مشتريات النفط على مدى عدة أشهر.

شركات الطيران الأمريكية، التي عادة ما تكون أقل اعتمادا على تحوط الوقود، تمتعت بأكبر ازدهار حتى الآن من النفط الرخيص.

ستتم الإشادة بقرار التنفيذيين في الخطوط الجوية الأمريكية القاضي بالتخلي عن التحوط في عام 2014، الأمر الذي مكن الشركة من التمتع بانخفاض تكاليف الوقود بشكل أسرع من كثير من الشركات المنافسة، وهذا أسهم في ارتفاع صافي الأرباح لعام 2015. وقالت دلتا اير لاينز في كانون الثاني (يناير) الماضي، إن تكاليف الوقود لديها للعام الماضي كانت منخفضة بنسبة 44 في المائة مقارنة بعام 2014.

اضطرت شركات الطيران الأوروبية إلى أن تكون أكثر صبرا. كلا من شركات النقل الجوي الأوروبية وميزانية شركات الطيران تميل للتحوط من 12 إلى 18 شهرا، لذلك اضطر بعضها للانتظار حتى هذا العام لتأمين فوائد كبيرة من النفط الرخيص.

وكما يقول أوليفر سليث، المحلل في باركليز، “معظم شركات الطيران الأوروبية الكبيرة بدأت في رؤية فوائد كبيرة الآن. إنهم يتحركون من دفع متوسط معدل فعلي يبلغ 90 دولارا إلى 100 دولار للبرميل في عام 2015 وصولا إلى 60 دولارا إلى 70 دولارا للبرميل في عام 2016”.

القلق الصناعي

تانيا باولي من لندن

إن القضاء على الاستثمارات من قبل شركات إنتاج النفط والغاز أضر كثيرا بالشركات المصنعة التي تعدها من ضمن أهم العملاء لديها.

استحوذ قطاع الطاقة على ثلث الإنفاق الرأسمالي للشركات على مستوى العالم في عام 2014، ولكن انخفاض الاستثمار سيقلص تلك الحصة إلى الربع بحلول عام 2017، وفقا لوكالة ستاندرد آند بورز.

في الولايات المتحدة، تتشابك حظوظ صناعتي الطاقة والصناعات التحويلية على نحو خاص. ويبرز هذا من الكيفية التي بدأ فيها مؤشر مديري المشتريات التصنيعية الأمريكي، وهو مقياس لصحة القطاع، بالانخفاض عندما بدأت أسعار النفط بالتراجع في منتصف 2014.

ويقول ماثيو سبير، المحلل في RBC لأسواق رأس المال، “لكان النفط بشكل عام مؤشرا رئيسا للثقة الصناعية في الولايات المتحدة. بمجرد إدراك الشركات المصنعة بأننا كنا في سيناريو أسعار النفط الأقل لفترة أطول، بدأت مؤشرات مديري المشتريات تعكس ذلك”.

الشركات المتضررة تشمل كاتربيلار وهي أكبر شركة في العالم لآلات البناء. أسهمت السلع الرخيصة بحدوث انخفاض بنسبة 15 في المائة في عائداتها في العام الماضي، مع تأثير انخفاض أسعار النفط الخام الذي أضر بوحدتها التي تدعم عمليات الحفر وخدمة الآبار النفطية.

انهيار أسعار النفط تتردد أصداؤه أيضا في كوريا الجنوبية، حيث سجلت الشركات العملاقة الثلاثة للصناعة – هيونداي للصناعات الثقيلة، وشركة سامسونج للصناعات الثقيلة، ودايو لبناء السفن والهندسة البحرية – انخفاضا في طلبيات منصات الطاقة وسفن الحفر.