اولا – تداعيات الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني، والتاثير السلبي للنازحين.
ثانيا – تراجع اسعار النفط العالمية، وتوقعات بتراجع المداخيل اللبنانية والتحويلات والاعمال والوظائف.
ثالثا – الشلل الذي يصيب الدولة في كل مؤسساتها، من الفراغ في الرئاسة، الى الخمول في المجلس النيابي وصولا الى العجز على المستوى الحكومي.
اذا أضفنا الى هذه العناوين الرئيسية، مجموعة من العناوين المتفرّعة منها، نحصل على مشهد عام قاتم للوضعين المالي والاقتصادي.
في الموضوع السوري، انعكست الأزمة على لبنان من نواح عديدة، من ضمنها ما يلي:
1 – وقف طريق التصدير البريالى الدول المجاورة.
2 – زيادة حجم التهريب السوري الى الداخل اللبناني بسبب تعذّر التصدير الى دول اخرى بما أدّى الى ضرب قطاعات انتاجية لبنانية.
3 – إلحاق خسائر مباشرة بالمال العام من خلال ضغط النازحين السوريين على البنى التحتية.
4 – زيادة حجم البطالة بسبب مزاحمة النازح السوري اليد العاملة اللبنانية على كل المهن والوظائف تقريبا.
5 – إقفال السوق السوري نفسه من نواح عدة في وجه التوسّع اللبناني، على مستويات التصدير التجاري والصناعي والزراعي والمصرفي.
6 – تحويل لبنان الى بلد نزوح استثنائي جعل السياحة شبه مستحيلة، باستثناء «سياحة النزوح» التي يمارسها المسؤولون الغربيون وممثلو المنظمات الدولية لضمان بقاء النازحين حيث هم.
7 – جعل الاستثمارات الأجنبية والمحلية ضعيفة جدا بسبب غياب الثقة في مستقبل بلد، عددُ النازحين واللاجئين فيه (سوريون وفلسطينيون) يساوي حوالي نصف عدد سكانه.
في موضوع تأثيرات تراجع اسعار النفط، فان تدنّي مداخيل اللبنانيين سوف تبدأ في الظهور في خلال العام 2016، وسوف تستمر تراكمياً خلال السنوات الخمس المقبلة على أقل تقدير. وفي حين ان تأثيرات هذا التراجع كانت ايجابية بشكل مباشر على المالية العامة في العام 2015، حيث لم تكن بدأت بعد مرحلة تراجع مداخيل اللبنانيين، فان تأثيرها في العام 2016 سيكون مقبولا، لكنه سيزداد حدة وصعوبة في السنوات التالية.
والمليار دولار التي كسبتها مالية الدولة في 2015، قد تتراجع الى نصف مليار في 2016 مع احتساب خسائر التحويلات والودائع وتراجع عائدات الانفاق السياحي وتراجع الاعمال والاستثمارات، او تجميد ما هو قائم، لكن الرقم قد يرتفع الى مستويات اخطر بكثير في العام 2017 والسنوات التي تليه. بالاضافة طبعا، الى أن استمرار تراجع اسعار النفط يعني عملياً سقوط أي أمل في الافادة من الثروة النفطية والغازية في لبنان.
أما في موضوع الشلل في الدولة، فانه موضوع معقد وشائك، وهو في أساس وجود أزمة في البلد، على اعتبار انه لو كانت «مؤسسة» الدولة بمفهومها الايجابي موجودة، لكانت الأزمات الحالية غير قائمة في قسم منها، وغير مؤذية كما هي اليوم في قسمها الآخر.
والموضوع يتجاوز الشلل في المؤسسات الدستورية، الى الفلتان العام في كل المؤسسات الحكومية، والتي تحولت الى مرتع للمحسوبيات. وما الفضائح الذي ظهرت الى العلن في الفترة الأخيرة، سوى رأس جبل الجليد، لأن ما هو مخفي أعظم وأخطر، وبالتالي.
ولا توجد أرقام دقيقة حول حجم الخسائر الناتجة عن الفساد والسرقة وهدر المال العام، وكل الأرقام التي يجري تداولها غير ناتجة عن دراسات علمية، بل عن تقديرات، قد تصيب وقد تخيب، لكن الأكيد ان الانطباع العام هو ان الدولة برمتها فاسدة، وان سرقة المال العام تتم في العلن، وفي وضح النهار، وان لا شيء يتحرك سوى بدافع السرقة، في حين تنام مشاريع الهبات او القروض الدولية المشروطة والمُراقبة في الادراج ولا تجد من «يلكشها»، لأن لا سرقة ولا «فائدة» تُرجى منها.
هذا الوضع لا يحتاج الى قارئ في الغيب لكي يُنبئنا الى أين سيقودنا. ومن كان يعتبر ان مستوى معيشة اللبناني، ومعدل الدخل الوطني والفردي غير كافية، سوف يدرك «خطأه» في الايام المقبلة، اذا ما استمر الرسم البياني في الاتجاه الانحداري نفسه الذي يسلكه اليوم.